خدم دولتك، والمستمسكين بعصمتكم، والمستوثقين بذمتكم. وأنا عنده مقيم، وعلى سنن الأمل مستقيم. فإن استقدمتني إليك قدمت، وإن أمرت أمراء أطراف ولايتك بمشايعتي ودت من النصر ما عدمت. وأنا الآن هزيل عامك، ونزيل إنعامك
ووصل معه كتاب بخطه، قد بث حزنه فيه بشرحه وبسطه. وأبدى الاستكانة، واستدعى الإعانة، وأردف رسولا برسول، وكرر سؤالا فيما التمسه من سول.
فاعتذر السلطان بما هو فيه من شغل الجهاد الشاغل، وأنه لا مطمع ما دام العدو ملازما لنا في مفارقة الساحل. فكتب إلى زين الدين يوسف صاحب اربل وإلى (حسن بن قفجاق) وإلى نائبه بشهر زور بالتوفر على خدمته، والارتياد لمصلحته، وإشاعة معونته.
ثم ندب كبيرا للسفارة بينهم وبين مظفر الدين قزل ارسلان وهو (جمال الدين أبو الفتح إسماعيل بن محمد بن عبد طويه نسيبي)، ليكون القيام بهذا الأمر من نصيبي. وسعى في المصلحة والمصالحة، والمصافاة على صفقة المودة
والمصافحة، وحفظ حرمة تضرعه وتذرعه. وسيأتي ذكر من آل إليه الأمر في موضعه.
وتوفي الفقيه (ضياء الدين عيسى الهكاري) بمنزل الخروبة سحرة يوم الثلاثاء تاسع ذي القعدة سنة خمس وثمانين وخمسمائة. ولقد كان من الأعيان، ومن مقربي السلطان، ومن أهل الجد في نصره الإيمان، فنقله الله إلى الجنان. وحمل من يومه إلى القدس فدفن به.
وكانت في هذه السنة وفاة الفقيه الكبير (شرف الدين أبي سعد عبد الله ابن محمد بن أبي عصرون بدمشق، يوم الثلاثاء حادي عشر شهر رمضان، وهو شيخ المذهب الذي لم يخلفه مثله. ودفن معه فضله. وكان موالده في أوائل سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة.
وكانت وفاة الأمير (عز الدين موسك بن جكو) بكرة يوم الجمعة النصف من شعبان منها، وكان من الأبرار الاخيار، والعظماء الكبار.