بالصحة عقيم.
وكان المقصود أن الشقيف من عيانه يقرب، وأخباره عنه لا تعزب. فلما علم صاحب الشقيف بقربه، شرع في إزالة ما في قلبه. وجاء إلى الخدمة واستمسك بالعصمة. وذكر أنه متعزز بذل الطاعة، وبذل الاستطاعة. وتضرع خاضعا، وتعرض خاشعا. وذكر أنه تخلف له أهل بصور، وأنه كان زمان غيبته يرجو منهم الحضور. وأنه يترقب وصولهم، ويأمل عنده حصولهم. وشرع في تقرير هذا الحديث، وتمهيد عذره فيما يتوهم من عهده النكير النكيث. وأقام يوما إلى حصنه، وقد وجد من السلطان دلائل أمنه.
وكانت المدة قد دنا انتهاؤها، وقرب انقضاؤها. فإنها إلى آخر هذا الشهر، ولم يجد بدا من التسليم أو الغدر. فعاد بعد أيام؛ باكتئاب واغتمام.
وحضر عند السلطان فقال ما أظهر به الابتهال، واستزاد الإمهال. وذكر أنه رقيق
الامتنان، وعتيق الإحسان. وأنه العبد القن، وقد دخل عليه الوهن، وغلق به الوهن، وأنه يبقى أهله معتقلين بصور إن خرج منه الحصن. ومن أنشأ غرسا سقاه فأبقاه، وأشكاه فأزكاه، وأسماه فأنماه. وقد اصتنعتني فلا تضع الرفيع، ولا تضع الصنيع. وسأل أن تكون المدة سنة، وأن يتبع الحسنة في حقه حسنه. وأن يرخى بطوله طوله وأن يشفى بشفاء ألمه أمله.
فراقه قوله، فرق له طوله، ثم أفكر في أمره، واستمر في فكره، فغادره على عزيمته غدره، وجاهره بسر شره. بعد أن ماطله وطاوله، وزاوله على ما حاوله. وأقام أياما يردده ويخصه من الكرامة بما يجدده.
ثم كشف له الغطاء، بعد أن أجزل له العطاء. وقال له. قد قيل عنك ما لا فيك ولا نعلمه منك. فجحد ما عنه رقى، وأنه كيف يلقى بالكفران ما من الأنعام لقي، وأنه لم يسعد بإمهاله في الشقيف شقى.
ثم سأل في ندب من يوثق بأمانته، ويؤمن إلى وثاقته. ليدخل الموضع ويلمحه، ويحضر يوصف ما شاهده ويشرحه. فرجع المندوبون بخبر ما أبصروه، وذكر أن الحصن قد غيروه. وأنه قد استجد في سوره باب، واستمدت له من أحكام إحكامه أسباب، فاستحكم به الارتياب، وعرف أن السرح قد حوته الذئاب.
فوكل به وحفظ من حيث لا يعلم، وقيل لعله يحسن فلا يحوج إلى مقابحته ويسلم. ثم قيل له قد بقى يومان من المدة المضروبة، والمهلة الموهوبة، فتقيم عندنا حتى تنتهي المدة وتنقضي، وتسلم الحصن وتسلم وتمضى. فأبدى ضرورة وضراعة، وقال: سمعا وطاعة. وكان له ملقى وملق، وفي لسانه ذلق، وما عنده من كل ما يفرق منه فرق. وقال أنا انفذ إلى نوابي في التسليم. وهو قد تقدم إليهم بالوصية والتعليم. فاظهروا عصيانه، وقالوا يبقى مكانه. فقال قد بقى من المهلة يومان فماذا العجلة التي يفوت بها الغرض، ويطول منها المرض؟ فصير عليه إلى