البيض لإجراء دم الشرك المطلول، وتنزل البركات في انتجاع المراق من نجيع المارقين لإنزال نص النصر على النصل المسلول، وقد آن أن ترعى الحشاشات منهم على رعى الحشيش، ويطير إلى أوكار المقل طير السهم المريش، وترتع ثعالب العوامل في عشب الكلى، ويطن ذباب المناصل في لوح الطلى، وترن رقاق المرهفات في الرقاب رنين الخطب على الأعواد، وتذوب قلوب علوج الكفر من نار الرعب ذوب الثلوج على رؤوس الاطراد، وتحمل أشجار القنا بثمر الهام، ويجيش الفضاء المعشب بزهر الجيش اللهام، ويقطف ورد الموت الأحمر من ورق الحديد الأخضر، ويوقف حد الهندي الأبيض على قصر بني الأصفر. ويجرى في ورد الوريد جداول البواتر، وترمى من الحصن العاديات إلى حصون العدا جنادل الحولفر، وتكفل بما وعد الله من الظفر الظاهر، والظهور المضافر، وضوامن الضوامر، وتتلى عقبان رايات
الفتح والكسر من عقبان الجو بالفتخ الكواسر، ويعبق ثوب الدارع من ردع الثواب بسهك الماذي وتعلق في ملتقى التقى الفات السمهري، بلامات السابري.
ويظهر الحق بخذلان الباطل، ويحل بأيدي الأيد ما بقى مع الفرنج من معاقل المعاقل، ويغرق بحر المجر الجرار ما تخلف من ساحات الساحل. فلم يبق به من المدن المنيعة إلا صور وطرابلس، ومعالم الكفر بهما في هذه السنة المحسنة بعون الله تدرس. وأما إنطاكية فإنها بالعراء منبوذة، وعند الاتجاه إليها مأخوذة، وعلى أنها بوقم قومها عام أول موثوذة، وحدوه العزائم إليها عند انقضاء هدنتها مشحوذة. فإنها قد نقضت من أطرافها، ودخل عليها من أكنافها، وجدعت بفتح حصونها عرانينها. وضيق على أسدها وسيدانها المحصورة المحشورة فيها عرينها، فهي نهزة المفترص، وطعمة لمقتنص، وسلعة لمسترخص، وبلغة لمستفحص.
وقد خرج الخادم ليدخل البلاد، ويستأنف بجهده الجهاد، ويستقبل الربيع بريع الاقبال، ويستنزل ملائكة النصر من سماء الرحمة لأوقات النزال، وهو ببركة هذه الأيام الزاهرة من الله أن ينجد جند أرضه بجند سمائه، ويوفق الخادم لتصديق أمله في تطهير الأرض من أنجاس أجناس المشركين بدمائهم وتحقيق رجائه. فالجحافل حافلة، وأسراب الكفر بين يديها جافلة، ومعاطف الإسلام في لباس البأس رافلة، ونصرة الله بإنجاز عداته في قمع عداته كافلة.
والحمد لله الذي وفق عبد مولانا أمير المؤمنين في طاعته لنصر أمره، وإخلاص الولاء له في سره وجهره، واقتناء كل منقبة حقق بها فضل عصره، وابتكار كل فضيلة سار بها حسن ذكره. فما يفتح مرتجا إلا بتقليدها، ولا يستنجح مرتجى إلا بتأييدها.