وَأَزْوَاجِهِنَّ، وَلَيْسَ لَهُمْ مَنْعُهُنَّ عَنْ الْخُرُوجِ وَيَأْثَمُونَ بِالْمَنْعِ عَنْ الْخُرُوجِ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَضْطَرَّ الْمُسْلِمُونَ إلَى خُرُوجِهِنَّ، وَلَكِنْ أَمْكَنَهُنَّ الْقِتَالُ مِنْ بَعِيدٍ مِنْ حَيْثُ الرَّمْيُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَلَا تَخْرُجُ الشَّوَابُّ لِمُدَاوَاةِ الْجَرْحَى وَسَقْيِ الْمَاءِ وَالطَّبْخِ وَالْخَبْزِ لِأَجْلِ الْغُزَاةِ، أَمَّا الْعَجَائِزُ اللَّاتِي دَخَلْنَ فِي السِّنِّ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْرُجْنَ فِي الصَّوَائِفِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْجُنُودِ الْعِظَامِ، وَيُدَاوِينَ الْمَرْضَى وَالْجَرْحَى، وَيَسْقِينَ الْمَاءَ، وَيَخْبِزْنَ وَيَطْبُخْنَ وَلَكِنْ لَا يُقَاتِلْنَ، وَالْجَوَابُ فِي الصَّبِيِّ الْمُرَاهِقِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ إذَا أَطَاقَ الْقِتَالَ كَالْجَوَابِ فِي الْبَالِغِ قَبْلَ مَجِيءِ النَّفِيرِ لَا يَخْرُجُ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا، وَلَا يَأْثَمُ الْأَبُ بِإِذْنِهِ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ رُبَّمَا يُقْتَلُ فِي ذَلِكَ كَالْبَالِغِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا أَرَادَ الْمَدْيُونُ أَنْ يَغْزُوَ، وَصَاحِبُ الدَّيْنِ غَائِبٌ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ وَفَاءٌ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَغْزُوَ وَيُوصِيَ إلَى رَجُلٍ لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقِيمَ، فَيَتَمَحَّلَ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ، فَإِنْ غَزَا مَعَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الدَّيْنِ، فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ فِي الْغَزْوِ وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ الْمَالِ، فَالْمُسْتَحَبُّ أَيْضًا لَهُ أَنْ يَتَمَحَّلَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَإِنْ غَزَا بِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا، وَهُوَ يَعْلَمُ بِطَرِيقِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ يَرْجِعُ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الْأَجَلُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَإِنْ كَانَ أَحَالَ غَرِيمَهُ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ، فَإِنْ كَانَ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ الْمَالِ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَغْزُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَخْرُجَ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْخُرُوجِ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُحْتَالُ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُحِلْ غَرِيمَهُ، وَلَكِنْ ضَمِنَ عَنْهُ لِغَرِيمِهِ رَجُلٌ الْمَالَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ عَلَى أَنْ أَبْرَأَ غَرِيمَهُ الْمَدْيُونَ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَغْزُوَ، وَلَا يَسْتَأْمِرَ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَوْ كَانَ كَفَلَ عَنْهُ بِالدَّيْنِ كَفِيلٌ بِأَمْرِهِ وَلَيْسَ يُشْتَرَطُ بَرَاءَتُهُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ حَتَّى يَسْتَأْمِرَ الْأَصِيلَ وَالْكَفِيلَ وَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْمِرَ الطَّالِبَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَأْمِرَ الْكَفِيلَ، وَكَذَلِكَ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ إنْ كَانَ كَفَلَ بِنَفْسِهِ بِأَمْرِهِ، فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَغْزُوَ إلَّا بِأَمْرِ الْكَفِيلِ، وَإِنْ كَفَلَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ، وَلَا يَسْتَأْمِرَ الْكَفِيلَ وَإِنْ كَانَ الْمَدْيُونُ مُفْلِسًا، وَهُوَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَتَمَحَّلَ لِدَيْنِهِ إلَّا بِالْخُرُوجِ فِي التِّجَارَةِ مَعَ الْغُزَاةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ، وَلَا يَسْتَأْمِرَ صَاحِبَهُ، فَإِنْ قَالَ: أَخْرُجُ لِلْقِتَالِ لَعَلِّي أُصِيبُ مَا أَقْضِي بِهِ دَيْنِي مِنْ النَّفْلِ أَوْ السِّهَامِ لَمْ يُعْجِبْنِي أَنْ يُخْرِجَ جُعْلًا بِإِذْنِ صَاحِبِ الدَّيْنِ.
وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ النَّفِيرُ عَامًّا أَمَّا إذَا كَانَ النَّفِيرُ عَامًّا، فَلَا بَأْسَ لِلْمَدْيُونِ بِأَنْ يُخْرِجَ سَوَاءٌ كَانَ عِنْدَهُ وَفَاءٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ لَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ فِي ذَلِكَ أَوْ مَنَعَهُ عَنْهُ، فَإِذَا انْتَهَى إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَقَرَّ إلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، فَإِنْ كَانَ أَمْرًا يَخَاف عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْهُ فَلْيُقَاتِلْ وَإِنْ كَانَ أَمْرًا لَا يَخَافُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْهُ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقَاتِلَ إلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
عَالِمٌ لَيْسَ فِي الْبَلْدَةِ أَحَدٌ أَفْقَهُ مِنْهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَغْزُوَ لِمَا يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ مِنْ الضِّيَاعَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ وَدَائِعُ أَرْبَابُهَا غُيَّبٌ، فَإِنْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ أَنْ يَدْفَعَ الْوَدَائِعَ إلَى أَرْبَابِهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْجِهَادِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَخْرُجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ مَا لَمْ يَكُنْ النَّفِيرُ عَامًّا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا وَقَعَ النَّفِيرُ مِنْ قِبَلِ أَهْلِ الرُّومِ، فَعَلَى كُلِّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْقِتَالِ أَنْ يَخْرُجَ لِلْغَزْوِ إذَا مَلَكَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ، وَلَا يَجُوزُ التَّخَلُّفُ إلَّا بِعُذْرٍ بَيِّنٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا دَخَلَ الْمُشْرِكُونَ أَرْضَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَخَذُوا الْأَمْوَالَ، وَسَبَوْا الذَّرَارِيَّ وَالنِّسَاءَ، فَعَلِمَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ، وَكَانَتْ لَهُمْ عَلَيْهِمْ قُوَّةٌ كَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَّبِعُوهُمْ