الْأَقْرَبُ، فَالْأَقْرَبُ، وَأَنْ يَمُدُّوهُمْ بِالْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ لِيَكُونَ الْجِهَادُ أَبَدًا قَائِمًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قِتَالُ الْكُفَّارِ الَّذِينَ لَمْ يُسْلِمُوا، وَهُمْ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ أَوْ لَمْ يُسْلِمُوا، وَلَمْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ مِنْ غَيْرِهِمْ وَاجِبٌ، وَإِنْ لَمْ يَبْدَؤُنَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ رَاجِلٍ عَاقِلٍ صَحِيحٍ حُرٍّ قَادِرٍ وَهَكَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى صَبِيٍّ، وَلَا عَبْدٍ، وَلَا امْرَأَةٍ، وَلَا أَعْمَى، وَلَا مُقْعَدٍ، وَلَا أَقْطَعَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ لِلْجِهَادِ، وَلَهُ أَبٌ أَوْ أُمٌّ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَّا بِإِذْنِهِ إلَّا مِنْ النَّفِيرِ الْعَامِّ وَإِنْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ، وَأَذِنَ لَهُ أَحَدُهُمَا فِي الْخُرُوجِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْآخَرُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ لِحَقِّ الْآخَرِ، فَإِذَا كَرِهَ الْوَالِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا: الْخُرُوجَ لَا يُبَاحُ لَهُ الْخُرُوجُ سَوَاءٌ كَانَ يَخَافُ عَلَيْهِمَا الضَّيْعَةَ بِأَنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ، وَكَانَتْ نَفَقَتُهُمَا عَلَيْهِ، أَوْ لَا يَخَافُ عَلَيْهِمَا الضَّيْعَةَ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا كَانَ أَبَوَاهُ مُسْلِمَيْنِ، فَإِذَا كَانَ أَبَوَاهُ كَافِرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَكَرِهَا خُرُوجَهُ إلَى الْجِهَادِ أَوْ كَرِهَ الْكَافِرُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَحَرَّى فِي ذَلِكَ، فَإِنْ وَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى أَنَّهُمَا إنَّمَا كَرِهَا خُرُوجَهُ مِمَّا يَلْحَقُهُمَا مِنْ التَّفْجِيعِ وَالْمَشَقَّةِ لِأَجْلِ مَا يَخَافَانِ عَلَيْهِ مِنْ الْقَتْلِ لَا يَخْرُجُ وَإِنْ وَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى أَنَّهُمَا كَرِهَا خُرُوجَهُ كَرَاهَةَ أَنْ يُقَاتِلَ مَعَ أَهْلِ مِلَّتِهِ وَأَهْلِ دِينِهِ، فَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُمَا إلَّا أَنْ يَخَافَ الضَّيْعَةَ عَلَيْهِمَا، فَحِينَئِذٍ لَا يَخْرُجُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَا إذَا تَحَرَّى، وَلَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ بَلْ شَكَّ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُ الظَّنَّيْنِ عَلَى الْآخَرِ قَالُوا: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَخْرُجَ، وَإِنْ كَرِهَا خُرُوجَهُ لِكَرَاهَةِ قِتَالِهِ مَعَ أَهْلِ دِينِهِ، وَلِأَجْلِ الْخَوْفِ وَالْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ أَيْضًا لَا يَخْرُجُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ، فَأَذِنَا لَهُ فِي الْخُرُوجِ وَلَهُ جَدَّانِ أَوْ جَدَّتَانِ، فَكَرِهَا خُرُوجَهُ فَلْيَخْرُجْ، وَلَا يَلْتَفِتْ إلَى كَرَاهَةِ الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَإِنْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ مَيِّتَيْنِ وَلَهُ أَبُو الْأَبِ وَأُمُّ الْأُمِّ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَبُو الْأَبِ وَأَبُو الْأُمِّ وَأُمُّ الْأُمِّ، فَالْإِذْنُ إلَى أَبِي الْأَبِ وَأُمِّ الْأُمِّ هَذَا إذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ لِلْجِهَادِ.
وَإِنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ لِلتِّجَارَةِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ بِأَمَانٍ، فَكَرِهَا خُرُوجَهُ، فَإِنْ كَانَ أَمِيرًا لَا يَخَافُ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَكَانُوا قَوْمًا يُوفُونَ بِالْعَهْدِ يُعْرَفُونَ بِذَلِكَ، وَلَهُ فِي ذَلِكَ مَنْفَعَةٌ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَعْصِيَهُمَا وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ فِي تُجَّارِ أَرْضِ الْعَدُوِّ مَعَ عَسْكَرٍ مِنْ عَسَاكِرِ الْمُسْلِمِينَ فَكَرِهَ ذَلِكَ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَسْكَرُ عَظِيمًا لَا يُخَافُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْعَدُوِّ بِأَكْبَرِ الرَّأْيِ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ وَإِنْ كَانَ يَخَافُ عَلَى أَهْلِ الْعَسْكَرِ مِنْ الْعَدُوِّ بِغَالِبِ الرَّأْيِ لَا يَخْرُجُ، كَذَلِكَ إنْ كَانَتْ سَرِيَّةً أَوْ جَرِيدَةَ خَيْلٍ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ هُوَ الْهَلَاكُ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الْوَالِدَيْنِ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ، أَمَّا مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ ذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ كَبَنَاتِهِ وَبَنِيهِ وَإِخْوَتِهِ وَعَمَّاتِهِ وَأَخْوَالِهِ وَخَالَاتِهِ، وَكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُمْ إذَا كَرِهُوا خُرُوجَهُ لِلْجِهَادِ، وَكَانَ يَشُقُّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ كَانَ يَخَافُ عَلَيْهِمْ الضَّيْعَةَ بِأَنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ، وَكَانُوا صِغَارًا أَوْ صَغَائِرَ أَوْ كُنَّ كَبَائِرَ إلَّا أَنَّهُ لَا أَزْوَاجَ لَهُنَّ، أَوْ كَانُوا كِبَارًا زَمْنَى لَا حِرْفَةَ لَهُمْ، فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ، وَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ عَلَيْهِمْ الضَّيْعَةَ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ إلَّا أَنَّهُمْ كِبَارٌ أَصِحَّاءُ أَوْ كَبَائِرُ إلَّا أَنَّ لَهُنَّ أَزْوَاجًا كَانَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ، أَمَّا امْرَأَتُهُ، فَإِنْ كَانَ يَخَافُ عَلَيْهَا الضَّيْعَةَ، فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهَا وَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ عَلَيْهَا الضَّيْعَةَ يَخْرُجُ مِنْ غَيْرِ إذْنِهَا، وَإِنْ كَانَ يَشُقُّ عَلَيْهَا ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ
الْمَرْأَةُ إذَا مَنَعَتْ ابْنَهَا مِنْ الْجِهَادِ، فَإِنْ كَانَ قَلْبُهَا لَا يَحْتَمِلُ ضَرَرَ الْفِرَاقِ، وَيَتَضَرَّرُ بِالْإِطْلَاقِ كَانَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَهُ مِنْ الْجِهَادِ، وَلَا إثْمَ عَلَيْهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُعْجِبُنَا أَنْ تُقَاتِلَ النِّسَاءُ الْمُسْلِمَاتُ مَعَ الرِّجَالِ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ الْمُسْلِمُونَ إلَى ذَلِكَ، فَإِنْ اضْطَرَّ الْمُسْلِمُونَ إلَى ذَلِكَ بِأَنْ جَاءَ النَّفِيرُ، وَكَانَ فِي خُرُوجِهِنَّ حَاجَةٌ وَضَرُورَةٌ، فَلَا بَأْسَ بِخُرُوجِهِنَّ لِلْقِتَالِ، وَلَهُنَّ أَنْ يَخْرُجْنَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ آبَائِهِنَّ