فَإِذَا قَدِمَ فَأَقَرَّ أَخَذْته بِنَفَقَتِهَا وَكَذَلِكَ إنْ أَنْكَرَ وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى نِكَاحِهَا، ثُمَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا فَرَضَ لَهَا النَّفَقَةَ فَلَهَا أَنْ تَسْتَدِينَ، وَإِنْ أَمَرَهَا بِالِاسْتِدَانَةِ كَانَ أَحْوَطَ عَلَى أَصْلِهِ قَالَ: فَإِذَا أَرَادَ الْكِتَابَ كَتَبَ يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بَعْدَ تَقْدِيرِ النَّفَقَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَمْضَيْت هَذَا التَّقْدِيرَ الْمَذْكُورَ فِيهِ عَلَى الْغَائِبِ الْمَذْكُورِ فِيهِ لِامْرَأَتِهِ فُلَانَةَ وَأَطْلَقْت لَهَا تَنَاوُلَ ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ مَالِهِ وَالِاسْتِدَانَةَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَظْفَرْ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ تَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ أَوْبَتِهِ مِنْ غَيْبَتِهِ أَخْذًا بِقَوْلِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ جَائِزًا مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ، وَأَوْصَيْتهَا فِي ذَلِكَ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ فِيهِ فَتَقَلَّدَتْ ذَلِكَ عَلَى شَرْطِ الْوَفَاءِ بِهِ وَأَمَرْت بِكَتْبِ هَذَا الذِّكْرِ حُجَّةً لَهَا يَوْمَ كَذَا وَعَلَى هَذَا فَرْضُ سَائِرِ النَّفَقَاتِ.

(اخْتِيَارُ الْقَيِّمِ) يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ رُفِعَ إلَيَّ حَالُ الْأَوْقَافِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى كَذَا فِي اخْتِلَالِهَا وَانْتِشَارِ أُمُورِهَا وَاضْطِرَابِ أَحْوَالِهَا وَقُصُورِ ارْتِفَاعَاتِهَا عَنْ مَصَارِفِهَا وَوُجُوهِهَا بِخُلُوِّهَا عَنْ قَيِّمٍ يَتَعَهَّدُهَا أَوْ لِسُوءِ سِيرَةِ فُلَانٍ الْقَيِّمِ، وَأَنَّ الْحَاجَةَ مَسَّتْ إلَى مَنْ يَقُومُ بِأُمُورِهَا وَحِفْظِهَا وَتَثْمِيرِهَا وَضَبْطِهَا وَإِمْضَاءِ شُرُوطِ الْمُتَصَدِّقِينَ بِهَا، وَكَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا رُفِعَ إلَيَّ بِإِخْبَارِ جَمَاعَةٍ ثِقَاتٍ فَوَقَعَ الِاخْتِيَارُ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ لِمَا وُصِفَ مِنْ صَلَاحِهِ وَسَدَادِهِ فَنَصَبْته قَيِّمًا فِيهَا عَلَى أَنْ يَحْفَظَهَا وَيَتَعَهَّدَهَا وَيَسْتَثْمِرَهَا وَيَسْتَغِلَّهَا وَيَصْرِفَ غَلَّاتِهَا إلَى وُجُوهِهَا وَمَصَارِفِهَا وَيُحْيِيَ مَا مَاتَ مِنْهَا وَانْدَرَسَ وَيَسْتَأْدِيَ مِنْ غَلَّاتِهَا مِمَّنْ كَانَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا وَصَرَفْت كُلَّ قَيِّمٍ كَانَ فِيهَا قَبْلَهُ وَأَوْصَيْته بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

(نَصْبُ الْمُشْرِفِ عَلَى الْوَصِيِّ أَوْ الْقَيِّمِ) يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ رُفِعَ إلَيَّ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ قَيِّمٌ فِي وَقْفِ كَذَا أَوْ وَصِيٌّ فِي تَرِكَةِ فُلَانٍ وَهَذِهِ التَّرِكَةُ مُحْتَاجَةٌ إلَى مُشْرِفٍ يَحْفَظُ هَذَا الْوَصِيَّ وَيَتَفَقَّدَ عَنْ حَالِهِ فَوَجَدْت الْأَمْرَ عَلَى مَا رُفِعَ إلَيَّ بِإِخْبَارِ الثِّقَاتِ، وَأَنَّ هَذَا الْقَيِّمَ أَوْ الْوَصِيَّ مُحْتَاجٌ إلَى مُشْرِفٍ يَتَعَهَّدُ أَحْوَالَهُ لِيُؤْمَنَ امْتِدَادُ الطَّمَعِ فِي هَذِهِ التَّرِكَةِ فَوَقَعَ الِاخْتِيَارُ مِنِّي عَلَى فُلَانٍ لِمَا عُرِفَ مِنْ فِطْنَتِهِ وَذَكَائِهِ وَسَدَادِهِ وَأَمَانَتِهِ فَأَمْضَيْتُ هَذَا الِاخْتِيَارَ وَنَصَبْتُ هَذَا الْمُخْتَارَ مُشْرِفًا عَلَى هَذَا الْقَيِّمِ وَعَلَى كُلِّ قَيِّمٍ فِي هَذِهِ التَّرِكَةِ وَحَظَرْت عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ قَيِّمٍ فِي هَذِهِ التَّرِكَةِ الِاسْتِبْدَادَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ فِيهَا دُونَهُ وَأَمَرْته أَنْ لَا يَحِلَّ وَلَا يَعْقِدَ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ هَذِهِ التَّرِكَةِ إلَّا بَعْدَ مَشُورَةِ هَذَا الْمُشْرِفِ وَاسْتِطْلَاعِ رَأْيِهِ فِيهِ وَأَمَرْت أَنْ يُكْتَبَ هَذَا الذِّكْرُ حُجَّةً بَعْدَ أَنْ أَوْصَيْته بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَكَانَ أَبُو نَصْرٍ الصَّفَّارُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: الْقَاضِي لَا يَكْتُبُ فِي جَمِيعِ هَذَا وَأَوْصَيْته بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَلَكِنْ يَكْتُبُ عَلَى شَرْطِ تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةَ.

[الْفَصْلُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْمُقَطَّعَاتِ]

(الْفَصْلُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْمُقَطَّعَاتِ) وَاعْلَمْ أَنَّك إذَا كَتَبْت شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ لَا بُدَّ مِنْ كِتَابَةِ التَّارِيخِ فِي أَوَاخِرِهَا وَأَعْجَازِهَا دَفْعًا لِلِاشْتِبَاهِ وَقَطْعًا لِلِالْتِبَاسِ وَاعْلَمْ أَنْ لِكُلِّ مَمْلَكَةٍ وَأَهْلِ مِلَّةٍ تَارِيخًا وَكَانُوا يُؤَرِّخُونَ بِالْوَقْتِ الَّذِي تَحْدُثُ فِيهِ حَوَادِثُ مَشْهُورَةٌ عَامَّةٌ، وَكَانَ لِلرُّومِ أَوْقَاتٌ أَرَّخُوا بِهَا عَلَى حَسَبِ مَا وَقَعَ مِنْ الْأَحْدَاثِ فِيهَا إلَى أَنْ اسْتَقَرَّ تَارِيخُهُمْ عَلَى أَنْ جُعِلَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015