مَصَالِحِهَا وَيَكُونُونَ مَأْمُونِينَ عَلَى أُصُولِهَا وَفُرُوعِهَا وَيَجْنُونَ ارْتِفَاعَهَا مِنْ حِلِّهِ وَيَصْرِفُونَهُ فِي سُبُلِهِ وَيَتْبَعُونَ مَا شَرَطَ وَاقِفُوهَا فِي مُزَارَعَاتِهَا وَإِجَارَاتِهَا وَيُحْتَذَوْنَ مَا رَسَمُوهُ فِي اسْتِغْلَالِهَا وَعِمَارَاتِهَا وَلَا يُخَلِّيَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنْ اقْتِفَاءِ الْأَثَرِ وَالْإِشْرَافِ وَالنَّظَرِ.
وَأَمَرَهُ بِتَزْوِيجِ الْأَرَامِلِ وَالْيَتَامَى مِنْ أَكْفَائِهَا عِنْدَ فَقْدِ أَوْلِيَائِهَا وَأَمَرَهُ أَنْ يَخْتَارَ كَاتِبًا عَالِمًا بِالْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ مُطَّلِعًا عَلَى عِلْمِ الدَّعَاوَى وَالْقُضَاةِ قَيِّمًا عَلَى حِفْظِ الشُّرُوطِ وَالْعُهُودِ عَارِفًا بِكِتَابَةِ الْعُقُودِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَسَلَّمَ مَا تَحَقَّقَ إعْمَالَهُ مِنْ دِيوَانِ الْقَضَاءِ عَلَى ثَبَتَ مَا فِيهِ مِنْ الْوَثَائِقِ وَالسِّجِلَّاتِ وَالْمَحَاضِرِ وَالْوَكَالَاتِ وَأَسْمَاءِ الْمُحْبِسِينَ وَأَنْ يُوَكِّلَ بِهَا مِنْ الْخُزَّانِ مَنْ يَرْتَضِيهِ وَيَتَفَرَّسُ الْخَيْرَ فِيهِ، ثُمَّ يَقُولُ الْكَاتِبُ هَذَا عَهْدُ فُلَانٍ إلَيْك وَعَلَيْك وَهَادِيك إلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ وَحَادِيك إلَى طَرِيقِ السَّدَادِ وَقَدْ أَعْذَرَ فِيهِ وَأَنْذَرَ وَبَصَّرَ وَحَذَّرَ فَاجْعَلْ عَهْدَهُ إمَامًا تَقْتَضِيهِ وَمِثَالًا تَحْتَذِيهِ وَقَدِّمْ التَّوَكُّلَ عَلَى اللَّهِ وَحْدَهُ وَالثِّقَةَ بِمَا عِنْدَهُ فِي اسْتِدَامَةِ التَّوْفِيقِ مِنْهُ وَاسْتِدْعَاءِ النِّعَمِ بِشُكْرِهِ يَزِدْك إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ثُمَّ الَّذِي يَلِي هَذَا قَبْضُ الْقَاضِي الْمُوَلَّى دِيوَانَ مَنْ قَبْلَهُ مِنْ الْحُكَّامِ وَتَرْتِيبُ الْإِضْبَارَاتِ وَالرِّقَاعِ وَهَذَا عَلَى الِاسْتِقْصَاءِ فِي بَابِ قَبْضِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ، ثُمَّ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ مَعْرِفَةُ الْقَاضِي رُسُومَ التَّوْقِيعَاتِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى صُدُورِ الْحُجَجِ وَأَعْجَازِهَا وَهِيَ عَلَى سِتَّةِ أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا تَوْقِيعُهُ عَلَى صُدُورِ السِّجِلَّاتِ وَكُتُبِ التَّزْوِيجِ وَاخْتِيَارِ الْقَوَّامِ وَكُتُبِ التَّوَسُّطِ وَالتَّقْلِيدَاتِ وَذِكْرِ الْحَجْرِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَضْلِ وَالتَّفْلِيسِ وَالْإِحْضَارِ وَهُوَ عَلَى اخْتِيَارِ الْقُضَاةِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ تَوْقِيعٌ نَحْوُ بِاَللَّهِ أَعْتَصِمُ مِمَّا يَصِمُ يَقِينِي بِاَللَّهِ يَقِينِي أَمِنَ مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ الْحَقُّ مَفْرُوضٌ وَالْبَاطِلُ مَرْفُوضٌ الْحَمْدُ ثَمَنُ الْجَنَّةِ وَالشُّكْرُ قَيْدُ النِّعْمَةِ التَّثَبُّتُ طَرِيقُ الْإِصَابَةِ الطَّمَعُ قَرِينُ النَّدَامَةِ الْأَنْفَاسُ خَطَا الْغِنَاءَ الْغَضَبُ يُصْدِئُ الْعَقْلَ.
(فَرْضُ الْقَاضِي النَّفَقَةَ لِلْمَرْأَةِ وَوَلَدِهَا عَلَى زَوْجِهَا) وَإِذَا أَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ النَّفَقَةَ عَلَى رَجُلٍ لِامْرَأَتِهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُحْضِرُهُ وَيَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَعَلَى وَلَدِهَا، فَإِنْ عَرَفَ أَنَّهُ يَضْرِبُهَا وَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا فَرَضَ لَهَا الْقَاضِي النَّفَقَةَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ بِقَدْرِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الدَّقِيقِ وَالْإِدَامِ وَالدُّهْنِ وَحَوَائِجِهَا الَّتِي تَكُونُ لِمِثْلِهَا فَيُقَوِّمُ ذَلِكَ بِالدَّرَاهِمِ وَيَفْرِضُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ لَهَا ذَلِكَ يَكْتُبُ يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ قَضَيْت لِفُلَانَةَ عَلَى زَوْجِهَا فُلَانٍ بِحَضْرَتِهِ بِكَذَا وَأَمَرْته بِإِدْرَارِ ذَلِكَ عَلَيْهَا أَوَانَ وُجُوبِهِ وَفَرَضْت ذَلِكَ عَلَيْهِ لَهَا وَحَظَرْت عَلَيْهِ الْإِخْلَالَ بِهِ وَأَطْلَقْت لَهَا الِاسْتِدَانَةَ إنْ مَطَلَهَا يَكُونُ ذَلِكَ دَيْنًا لَهَا عَلَيْهِ تَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ، وَأَمَرْتُ بِكِتَابَةِ هَذَا الذِّكْرِ حُجَّةً لَهَا يَوْمَ كَذَا، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا فَجَاءَتْ الْمَرْأَةُ تَطْلُبُ النَّفَقَةَ وَذَكَرَتْ أَنَّ زَوْجَهَا غَابَ عَنْهَا وَلَمْ يُخْلِفْ لَهَا نَفَقَةً وَسَأَلَتْ الْقَاضِيَ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةً وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَأَنَّ زَوْجَهَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ غَائِبٌ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ لَا أَقْضِي عَلَى غَائِبٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَفْرِضُ لَهَا النَّفَقَةَ عَلَى الْغَائِبِ وَلَا أَقْضِي بِالنِّكَاحِ عَلَيْهِ