- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَاتُهُ الذَّبْحُ، وَقَدْ وُجِدَ، وَعِنْدَهُمَا حَلَّ بِلَا ذَبْحٍ، وَكَذَا الْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ، وَاَلَّذِي بَقَرَ الذِّئْبُ بَطْنَهُ، وَفِيهِ حَيَاةٌ خَفِيَّةٌ أَوْ بَيِّنَةٌ يَحِلُّ إذَا ذَكَّاهُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَدْرَكَهُ، وَلَمْ يَأْخُذْهُ فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتٍ لَوْ أَخَذَهُ أَمْكَنَهُ ذَبْحُهُ لَمْ يُؤْكَلْ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ ذَبْحُهُ أُكِلَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
ذَبَحَ شَاةً مَرِيضَةً، وَقَدْ بَقِيَ فِيهَا مِنْ الْحَيَاةِ مِقْدَارُ مَا يَبْقَى فِي الْمَذْبُوحِ بَعْدَ الذَّبْحِ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ الذَّكَاةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنَصَّ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْمُنْتَسِبُ إلَى إسْبِيجَابَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ يُقْبَلُ الذَّكَاةُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
إذَا رَمَى إلَى صَيْدٍ فَانْكَسَرَ الصَّيْدُ بِسَبَبٍ آخَرَ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُ السَّهْمُ ثُمَّ أَصَابَهُ السَّهْمُ حَلَّ؛ لِأَنَّهُ حِينَ رَمَاهُ كَانَ صَيْدًا، وَالْعِبْرَةُ فِي حَقِّ الْحِلِّ لِوَقْتِ الرَّمْيِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ ذَكَرَهَا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّيْدِ وَصُورَتُهَا الْحَلَالُ إذَا رَمَى صَيْدًا وَالرَّامِي وَالصَّيْدُ فِي الْحِلِّ فَلَمْ يَصِلْ السَّهْمُ الصَّيْدَ حَتَّى دَخَلَ الصَّيْدُ فِي الْحَرَمِ وَالسَّهْمُ عَلَى أَثَرِهِ فَأَصَابَهُ السَّهْمُ فِي الْحَرَمِ وَمَاتَ فِي الْحَرَمِ أَوْ فِي الْحِلِّ لَا يُؤْكَلُ فَاعْتُبِرَ وَقْتُ الْإِصَابَةِ أَمَّا فِيمَا عَدَاهَا فَالْعِبْرَةُ لِحَالَةِ الرَّمْيِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
حَلَالٌ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَهُ فِي الْحِلِّ، وَمَاتَ فِي الْحَرَمِ أَوْ رَمَاهُ مِنْ الْحَرَمِ وَأَصَابَهُ فِي الْحِلِّ وَمَاتَ فِي الْحِلِّ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ تَمَامَهُ فِي الْحَرَمِ، وَفِي الثَّانِي ابْتِدَاءَهُ فِي الْحَرَمِ، وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَكَذَا إذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ مِنْ الْحَرَمِ وَقَتَلَهُ خَارِجَ الْحَرَمِ لَا يَحِلُّ، وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
إذَا رَمَى سَهْمًا إلَى صَيْدٍ فَأَصَابَهُ، وَوَقَعَ عِنْدَ مَجُوسِيٍّ مِقْدَارُ مَا يَقْدِرُ عَلَى ذَبْحِهِ فَمَاتَ لَا يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى ذَبْحِهِ بِتَقْدِيمِ الْإِسْلَامِ.
وَإِذَا وَقَعَ عِنْدَ نَائِمٍ، وَالنَّائِمُ بِحَالٍ لَوْ كَانَ مُسْتَيْقِظًا يَقْدِرُ عَلَى تَذْكِيَتِهِ، فَمَاتَ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّ النَّائِمَ عِنْدَهُ كَالْيَقْظَانِ فِي مَسَائِلَ مَعْدُودَةٍ مِنْ جُمْلَتِهَا هَذِهِ، وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَحِلُّ، وَإِنْ وَقَعَ عِنْدَ صَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ الذَّبْحَ يَحِلُّ، وَإِنْ كَانَ يَعْقِلُ الذَّبْحَ لَا يَحِلُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(الْبَابُ السَّادِسُ فِي صَيْدِ السَّمَكِ) السَّمَكُ وَالْجَرَادُ يُؤْكَلَانِ غَيْرَ أَنَّ الْجَرَادَ يُؤْكَلُ مَاتَ بِعِلَّةٍ أَوْ بِغَيْرِ عِلَّةٍ، وَالسَّمَكُ إذَا مَاتَ بِغَيْرِ عِلَّةٍ لَا يُؤْكَلُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
إذَا أَخَذَ سَمَكَةً فَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا سَمَكَةً أُخْرَى لَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا، وَإِنْ أَكَلَهَا كَلْبٌ فَشَقَّ بَطْنَهُ فَخَرَجَتْ السَّمَكَةُ تُؤْكَلُ إذَا كَانَتْ صَحِيحَةً، وَلَا تُؤْكَلُ إذَا زَرَقَهَا طَائِرٌ.
وَلَوْ ضَرَبَ سَمَكَةً فَقَطَعَ بَعْضَهَا لَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا، فَإِنْ وَجَدَ الْبَاقِيَ مِنْهَا يُؤْكَلُ أَيْضًا، وَالْأَصْلُ أَنَّ السَّمَكَ مَتَى مَاتَ بِسَبَبٍ حَادِثٍ حَلَّ أَكْلُهُ، وَإِنْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ لَا بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَإِنْ أَلْقَى سَمَكَةً فِي حُبِّ مَاءٍ فَمَاتَتْ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا؛ لِأَنَّهَا مَاتَتْ بِسَبَبٍ حَادِثٍ، وَهُوَ ضِيقُ الْمَكَانِ، وَكَذَا إذَا جَمَعَ السَّمَكَ فِي حَظِيرَةٍ لَا تَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ مِنْهَا، وَهُوَ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهَا بِغَيْرِ صَيْدٍ فَمَاتَتْ فِيهَا لَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُؤْخَذُ بِغَيْرِ صَيْدٍ لَا خَيْرَ فِي أَكْلِهَا.
وَلَوْ وَجَدَ سَمَكَةً بَعْضُهَا فِي الْمَاءِ وَبَعْضُهَا عَلَى الْأَرْضِ، وَقَدْ مَاتَتْ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ رَأْسُهَا عَلَى الْأَرْضِ لَا بَأْسَ