بِأَكْلِهَا؛ لِأَنَّهَا مَاتَتْ بِآفَةٍ، وَإِنْ كَانَ رَأْسُهَا فِي الْمَاءِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْهَا أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ، أَوْ النِّصْفَ لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَ النَّفَسِ فِي الْمَاءِ فَلَا يَكُونُ الْمَوْتُ بِآفَةٍ فَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الطَّافِي، وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرَ مِنْ نِصْفِهَا أُكِلَتْ؛ لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ الْكُلُّ عَلَى الْأَرْضِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا أَخَذَ سَمَكَةً فَرَبَطَهَا فِي الْمَاءِ فَمَاتَتْ تُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهَا مَاتَتْ بِآفَةٍ، وَهُوَ ضِيقُ الْمَكَانِ، وَكَذَا إذَا مَاتَتْ السَّمَكَةُ فِي الشَّبَكَةِ إنْ كَانَ يُمْكِنُهَا أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا لَا تَحِلُّ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ مَاتَتْ فِي الْبَحْرِ، وَإِلَّا فَتَحِلُّ لِأَنَّهَا مَاتَتْ بِآفَةٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ انْجَمَدَ الْمَاءُ فَمَاتَتْ الْحِيتَانُ تَحْتَ الْجَمْدِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يَنْبَغِي أَنْ تُؤْكَلَ عِنْدَ الْكُلِّ.
رَجُلٌ اشْتَرَى سَمَكَةً فِي خَيْطٍ مَشْدُودٍ فِي الْمَاءِ وَقَبَضَهَا ثُمَّ دَفَعَ الْخَيْطَ إلَى الْبَائِعِ، وَقَالَ احْفَظْهَا فَجَاءَتْ سَمَكَةٌ أُخْرَى فَابْتَلَعَتْ الْمُشْتَرَاةَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْمُبْتَلِعَةُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي صَادَهَا لِأَنَّ الْخَيْطَ فِي يَدِهِ فَمَا تَعَلَّقَ بِالْخَيْطِ يَصِيرُ فِي يَدِهِ فَيَكُونُ لَهُ فَيُخْرِجُ السَّمَكَةَ الْمُشْتَرَاةَ مِنْ بَطْنِ الْمُبْتَلِعَةِ وَتُسَلَّمُ إلَى الْمُشْتَرِي، وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ انْتَقَصَتْ الْمُشْتَرَاةُ بِالِابْتِلَاعِ، وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرَاةَ هِيَ الَّتِي ابْتَلَعَتْ الْأُخْرَى فَهُمَا جَمِيعًا يَكُونَانِ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَادَهَا مِلْكُ الْمُشْتَرِي فَتَكُونُ لِلْمُشْتَرِي.
وَلَوْ لَدَغَتْ حَيَّةٌ سَمَكَةً فِي الْمَاءِ فَقَتَلَتْهَا أَوْ نَضَبَ الْمَاءُ عَنْهَا ثُمَّ مَاتَتْ فِي الشَّبَكَةِ أُكِلَتْ إلَّا مَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ؛ لِأَنَّهُ طَافٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَمَا مَاتَ مِنْ حَرَارَةِ الْمَاءِ أَوْ بُرُودَتِهِ أَوْ كُدُورَتِهِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ السَّمَكَ لَا يَمُوتُ بِسَبَبِ بُرُودَةِ الْمَاءِ وَحَرَارَتِهِ غَالِبًا فَيَكُونُ مَيِّتًا بِغَيْرِ آفَةٍ ظَاهِرًا فَلَا يَحِلُّ كَالطَّافِي، وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِآفَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَمُوتُ بِسَبَبِ بُرُودَةِ الْمَاءِ وَكُدُورَتِهِ، فَيُحَالُ بِالْمَوْتِ عَلَيْهِ، وَهَذَا أَرْفَقُ بِالنَّاسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُؤْكَلُ الطَّافِي لَا لِأَنَّهُ حَرَامٌ لَكِنْ؛ لِأَنَّهُ يَتَغَيَّرُ فَيَنْفِرُ الطَّبْعُ عَنْهُ فَصَارَ مِنْ الْخَبَائِثِ، وَلَوْ مَاتَ فِي الْمَاءِ، وَلَمْ يَطُفْ أُكِلَ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا مَاتَ بِسَبَبٍ يَحِلُّ بِأَنْ ضَرَبَهُ بِخَشَبٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ قَطَعَهُ سَمَكَةٌ أُخْرَى، أَوْ قَطَعَهُ غَيْرُهُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
وَجَدَ نِصْفَ سَمَكَةٍ فِي الْمَاءِ يَحِلُّ؛ لِأَنَّهَا مَاتَتْ بِآفَةٍ وَهَذَا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا قَطَعَهَا حَجَرٌ أَوْ غَيْرُهُ فَأَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا قَطَعَهَا إنْسَانٌ بِسَيْفٍ وَنَحْوِهِ لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مِلْكًا لَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ الجريت وَالْمَارْمَاهِي بِلَا ذَكَاةٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
سُئِلَ عَمَّنْ أَخْرَجَ مِنْ الْبَحْرِ وَالْجَيْحُونِ حُبًّا، وَفِي الْحُبِّ مَاءٌ وَسَمَكَةٌ ثُمَّ مَاتَتْ السَّمَكَةُ فِيهِ هَلْ يَحِلُّ أَكْلُ السَّمَكَةِ فَقَالَ نَعَمْ.
وَسُئِلَ أَيْضًا عَنْ مِلْحٍ ذَابَ فَوْقَ جَمْدِ الْبَحْرِ ثُمَّ اخْتَلَطَ مَاءُ الْبَحْرِ بِمَاءِ الْمِلْحِ فَمَاتَتْ سَمَكَاتٌ كَانَتْ فِي الْبَحْرِ بِهَذَا السَّبَبِ هَلْ يَجُوزُ أَكْلُ السَّمَكَاتِ؟ قَالَ: نَعَمْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) وَلَوْ سَمِعَ حِسًّا فَظَنَّهُ صَيْدًا، فَأَرْسَلَ كَلْبَهُ فَأَصَابَ صَيْدًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَسْمُوعَ حِسُّهُ كَانَ آدَمِيًّا أَوْ بَقَرَةً أَوْ شَاةً لَمْ