سِوَى جِرَاحَةِ السَّهْمِ أَوْ الْكَلْبِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ نَحْوُ التَّرَدِّي مِنْ مَوْضِعٍ وَالْوُقُوعِ فِي الْمَاءِ وَجِرَاحَةٍ أُخْرَى يُتَوَهَّمُ مَوْتُهُ مِنْ تِلْكَ الْجِرَاحَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا أَصَابَ السَّهْمُ الصَّيْدَ فَوَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَى آجُرَّةٍ مَطْرُوحَةٍ عَلَى الْأَرْضِ فَمَاتَ يَحِلُّ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، وَإِنْ وَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ عَلَى جَبَلٍ أَوْ صَخْرَةٍ أَوْ شَجَرَةٍ أَوْ حَائِطٍ أَوْ عَلَى سِنَانِ رُمْحٍ مَرْكُوزٍ أَوْ عَلَى حَرْفِ آجُرَّةٍ أَوْ لَبِنَةٍ مَنْصُوبَةٍ ثُمَّ وَقَعَ مِنْهُ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يَحِلَّ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَإِنَّ التَّرَدِّي مِمَّا يَنْفَكُّ عَنْهُ الِاصْطِيَادُ، فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَوْتَ حَصَلَ بِالْمَاءِ أَوْ بِالتَّرَدِّي فَاجْتَمَعَ الْمُبِيحُ وَالْمُحَرَّمُ فَيَحْرُمُ احْتِيَاطًا حَتَّى لَوْ كَانَ الطَّيْرُ مَائِيًّا فَوَقَعَ فِي الْمَاءِ، وَلَمْ تُغْمَسْ جِرَاحَتُهُ يَحِلُّ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْتَمَلُ مَوْتُهُ بِسَبَبِ الْمَاءِ، وَإِنْ أُغْمِسَتْ جِرَاحَتُهُ لَا يُؤْكَلُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ بِالْمَاءِ هَذَا كُلُّهُ إذَا جَرَحَهُ جُرْحًا يُرْجَى حَيَاتُهُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ جُرْحًا لَا يُرْجَى حَيَاتُهُ مِنْهُ يَحِلُّ لِانْعِدَامِ هَذَا الِاحْتِمَالِ إذَا بَقِيَ فِيهِ مِنْ الْحَيَاةِ مِقْدَارُ مَا يَكُونُ فِي الْمَذْبُوحِ بَعْدَ الذَّبْحِ بِأَنْ أَبَانَ رَأْسَهُ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْمَاءِ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ عَلَى الْأَرْضِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مِمَّا لَا يَقْتُلُ مِنْهُ كَالسَّطْحِ وَالْجَبَلِ يَحِلُّ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهُ عَلَى مَكَان مُسْتَوٍ كَوُقُوعِهِ عَلَى الْأَرْضِ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَقْتُلُ مِثْلُ حِدَّةِ الرُّمْحِ وَالْقَصَبَةِ الْمَنْصُوبَةِ وَحِدَّةِ الْآجُرَّةِ وَاللَّبِنَةِ الْقَائِمَةِ وَنَحْوِهَا لَمْ يَحِلَّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَمِنْ شَرَائِطِهِ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ الصَّائِدُ إلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ حِلُّهُ بِلَا شُبْهَةٍ وَخِلَافٍ، فَإِنَّهُ لَوْ وَصَلَ إلَيْهِ الصَّائِدُ، وَهُوَ حَيٌّ فَفِيهِ كَلِمَاتٌ، وَمِنْ شَرَائِطِهَا أَنْ يَكُونَ مُتَنَفِّرًا مُتَوَحِّشًا، وَلَا يَكُونَ آلِفًا كَالدَّوَاجِنِ مِنْ الْوُحُوشِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

[الْبَاب الْخَامِس فِيمَا لَا يَقْبَل الذَّكَاة مِنْ الْحَيَوَان وَفِيمَا يَقْبَل]

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِيمَا لَا يَقْبَلُ الذَّكَاةَ مِنْ الْحَيَوَانِ، وَفِيمَا يَقْبَلُ) وَإِنْ أَدْرَكَ الْمُرْسِلُ الصَّيْدَ حَيًّا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُذَكِّيَهُ، وَإِنْ تَرَكَ تَذْكِيَتَهُ حَتَّى مَاتَ حَرُمَ أَكْلُهُ وَكَذَا الْبَازِي وَالسَّهْمُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ ذَكَاةَ الِاخْتِيَارِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَهَذَا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِهِ أَمَّا إذَا وَقَعَ فِي يَدِهِ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهِ، وَفِيهِ مِنْ الْحَيَاةِ فَوْقَ مَا يَكُونُ فِي الْمَذْبُوحِ لَمْ يُؤْكَلْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْكَافِي، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَحِلُّ، وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ لِفَقْدِ الْآلَةِ لَمْ يُؤْكَلْ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ لِضِيقِ الْوَقْتِ لَمْ يُؤْكَلْ عِنْدَنَا، وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ يَحِلُّ اسْتِحْسَانًا، وَبِالِاسْتِحْسَانِ أَخَذَ الْقَاضِي فَخْرُ الدِّينِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَهَذَا إذَا كَانَ يُتَوَهَّمُ بَقَاؤُهُ حَيًّا مَعَ الْجُرْحِ الَّذِي جَرَحَهُ الْكَلْبُ أَمَّا إذَا لَمْ يُتَوَهَّمْ بَقَاؤُهُ حَيًّا بِأَنْ شَقَّ بَطْنَهُ وَأَخْرَجَ مَا فِيهِ ثُمَّ وَقَعَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ حَيًّا فَمَاتَ حَلَّ تَنَاوُلُهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ فِيهِ فِعْلُ الذَّكَاةِ قَبْلَ وُقُوعِهِ، وَمَا بَقِيَ فِيهِ اضْطِرَابُ الْمَذْبُوحِ، وَقِيلَ: هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَحِلُّ، وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي يَدِهِ حَيًّا فَلَا يَحِلُّ بِدُونِ ذَكَاةِ الِاخْتِيَارِ كَالْمُتَرَدِّيَةِ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا تَرَكَ التَّذْكِيَةَ فَلَوْ ذَكَّاهُ حَلَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَالذَّكَاةُ وَقَعَتْ مَوْقِعَهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015