تِلْكَ وَأَرَادَ أَنْ يَسُوقَ الْمَاءَ إلَى أَرْضٍ لَهُ أُخْرَى قَالَ فِي الْكِتَابِ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي أَيَّامِ الْمَدِّ أَوْ كَانَ مَاءُ الْوَادِي كَثِيرًا لَا يَحْتَاجُ أَهْلُ الْأَنْهَارِ الَّتِي عَلَى الْوَادِي إلَى هَذَا الْمَاءِ وَلَا يَضُرُّ بِهِمْ كَانَ لِصَاحِبِ هَذَا النَّهْرِ أَنْ يَسُوقَ الْمَاءَ إلَى حَيْثُ شَاءَ وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ ذَلِكَ بِأَهْلِ الْأَنْهَارِ وَهُمْ يَحْتَاجُونَ إلَى هَذَا الْمَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسُوقَ الْمَاءَ إلَى غَيْرِ تِلْكَ الْأَرْضِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ كَوَّةٌ عَلَى نَهْرٍ لِقَوْمٍ فَأَرَادَ أَنْ يَكْرِيَهَا فَيُسَفِّلَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا لِيَكُونَ أَكْثَرَ أَخْذًا لِلْمَاءِ ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِهَذَا الْكَرْيِ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ وَهُوَ الْكَوَّةُ وَعَنْ الشَّيْخُ الْإِمَامِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ هَذَا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ مُتَسَفِّلَةً فِي الْأَصْلِ وَارْتَفَعَتْ بِالِانْكِبَاسِ فَهُوَ بِالتَّسْفِيلِ يُعِيدُهَا إلَى الْحَالَةِ الْأُولَى أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْأَصْلِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَأَرَادَ أَنْ يُسَفِّلَهَا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُرِيدُ بِهَذَا أَنْ يَأْخُذَ زِيَادَةً عَلَى مَا كَانَ لَهُ مِنْ الْمَاءُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
إنْ أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ الْكِوَى وَكَانَتْ مُتَسَفِّلَةً لِيَكُونَ أَقَلَّ لِلْمَاءِ فِي أَرْضِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَعَلَى مَا قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا إذَا كَانَ بِالرَّفْعِ يُعِيدُهَا إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ فَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يُغَيِّرَهَا عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ يُمْنَعُ مِنْهُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ أَرَادَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنْ يُوَسِّعَ كَوَّةَ نَهْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَالَ لِأَنَّهُ يُدْخِلُ فِيهَا الْمَاءَ زَائِدًا عَلَى حَقِّهِ فَلَا يَمْلِكُ ذَلِكَ وَلَوْ كَرَى أَسْفَلَ النَّهْرِ جَازَ وَلَوْ زَادَ فِي عَرْضِهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ نَهْرٍ مَرْوَ وَهُوَ نَهْرٌ عَظِيمٌ إذَا دَخَلَ مَرْوَ أَوْ كَانَ مَاؤُهُ بَيْنَ أَهْلِهَا كُوًى بِالْحِصَصِ لِكُلِّ قَوْمٍ كَوَّةٌ مَعْرُوفَةٌ فَأَحْيَا رَجُلٌ أَرْضًا مَيْتَةً لَمْ يَكُنْ لَهَا شِرْبٌ مِنْ هَذَا النَّهْرِ فَكَرَى لَهَا نَهْرًا مِنْ فَوْقِ مَرْوَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَمْلِكُهُ أَحَدٌ فَسَاقَ الْمَاءَ إلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ الْعَظِيمِ قَالَ إنْ كَانَ هَذَا النَّهْرُ الْحَادِثُ يَضُرُّ بِأَهْلِ مَرْوَ ضَرَرًا بَيِّنًا فِي مَائِهِمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيَمْنَعُهُ السُّلْطَانُ عَنْ ذَلِكَ وَكَذَا لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَمْنَعَهُ لِأَنَّ مَاءَ النَّهْرِ الْعَظِيمِ حَقُّ الْعَامَّةِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَامَّةِ دَفْعُ الضَّرَرِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِأَهْلِ مَرْوَ فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَلَا يُمْنَعُ لِأَنَّ الْمَاءَ فِي الْوَادِي الْعَظِيمِ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ لَا يَصِيرُ حَقًّا لِلْبَعْضِ مَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الْمَقَاسِمِ وَلِهَذَا وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا إذَا كَرَى نَهْرًا مِنْ فَوْقِ مَرْوَ وَأَمَّا إذَا كَانَ أَضَرَّ بِهِمْ فَكُلُّ وَاحِدٍ يَكُونُ مَمْنُوعًا مِنْ إلْحَاقِ الضَّرَرِ بِالْغَيْرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا كَانَ نَهْرٌ خَاصٌّ لِرَجُلٍ يَأْخُذُهُ مِنْ نَهْرٍ خَاصٍّ بَيْنَ قَوْمٍ فَأَرَادَ أَنْ يُقَنْطِرَ عَلَيْهِ وَيَسْتَوْثِقَ مِنْهُ لَهُ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ مُقَنْطَرًا أَوْ مُسْتَوْثَقًا مِنْهُ فَأَرَادَ أَنْ يَنْقُضَ ذَلِكَ لِعِلَّةٍ أَوْ غَيْرِ عِلَّةٍ فَإِنْ كَانَ لَا يَزِيدُ ذَلِكَ فِي أَخْذِ الْمَاءِ فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَرْفَعُ بِنَاءً خَالِصَ مِلْكِهِ وَإِنْ كَانَ يَزِيدُ فِي أَخْذِ الْمَاءِ مُنِعَ مِنْهُ لِحَقِّ الشُّرَكَاءِ كَذَا فِي الْكَافِي
وَسَأَلْتُهُ عَنْ نَهْرٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لَهُ خَمْسُ كُوًى مِنْ هَذَا النَّهْرِ الْأَعْظَمِ بَيْنَ قَوْمٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَهْرٌ مِنْهُ فَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ كَوَّتَانِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ لَهُ ثَلَاثٌ فَقَالَ صَاحِبُ الْأَسْفَلِ لِصَاحِبِ الْأَعْلَى إنَّكُمْ لَتَأْخُذُونَ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِكُمْ لِأَنَّ رِفْعَةَ الْمَاءِ وَكَثْرَتَهُ مِنْ أَعْلَى النَّهْرِ قَدْ جَعَلَ فِي كَوَّاكُمْ شَيْئًا كَثِيرًا وَلَا يَأْتِينَا إلَّا وَهُوَ قَلِيلٌ غَائِرٌ فَنَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نُنْقِصَكُمْ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَنَجْعَلَ لَكُمْ أَيَّامًا مَعْلُومَةً وَنَسُدَّ فِيهَا كَوَّانَا، وَلَنَا أَيَّامٌ مَعْلُومَةٌ تَسُدُّونَ فِيهَا كَوَّاكُمْ قَالَ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ وَيُتْرَكُ عَلَى حَالِهِ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْيَوْمِ لِأَنَّهَا قُسِّمَتْ مَرَّةً فَلَا يَكُونُ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يُطَالِبَ بِقِسْمَةٍ أُخْرَى ثُمَّ الْأَصْلُ أَنَّ مَا وُجِدَ قَدِيمًا فَإِنَّهُ يُتْرَكُ عَلَى حَالِهِ وَلَا يُغَيَّرُ إلَّا بِحُجَّةٍ وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ أَهْلُ الْأَسْفَلِ نَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نُوَسِّعَ رَأْسَ النَّهْرِ وَنَزِيدَ فِي كَوَّاهُ وَقَالَ أَهْلُ الْأَعْلَى إنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ كَثُرَ الْمَاءُ حَتَّى يَفِيضَ فِي أَرْضِنَا وَتَنَزَّ لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ الْأَسْفَلِ أَنْ يُحَدِّثُوا فِيهِ شَيْئًا وَإِنْ بَاعَ رَجُلٌ مِنْهُمْ كَوَّةً كُلَّ يَوْمٍ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ أَوْ آجَرَهُ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ سَقَى أَرْضَهُ فَتَعَدَّى الْمَاءُ إلَى أَرْضٍ جَارِهِ إنْ أَجْرَى