وَأَرَادَ بَعْضُ جِيرَانِهِ أَنْ يَمْنَعُوهُ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَنَهْرٌ مَمْلُوكٌ دَخَلَ مَاؤُهُ تَحْتَ الْمَقَاسِمِ إلَّا أَنَّ الشَّرِكَةَ فِيهِ عَامَّةٌ وَحَدُّهَا أَنْ يَكُونَ الشُّرَكَاءُ فِيهِ مِائَةً فَصَاعِدًا وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكْرِيَ مِنْهُ نَهْرًا إلَى أَرْضٍ أَحْيَاهَا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ عَنْهُ أَضَرَّ ذَلِكَ بِأَهْلِ النَّهْرِ أَوْ لَمْ يَضُرَّ.
وَنَهْرٌ مَمْلُوكٌ دَخَلَ مَاؤُهُ تَحْتَ الْمَقَاسِمِ إلَّا أَنَّ الشَّرِكَةَ فِيهِ خَاصَّةٌ وَحَدُّهَا أَنْ يَكُونَ الشُّرَكَاءُ فِيهِ أَقَلَّ مِنْ مِائَةٍ فَالْحُكْمُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا أَيْضًا أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكْرِيَ مِنْهُ نَهْرًا إلَى أَرْضٍ أَحْيَاهَا مُنِعَ عَنْهُ أَضَرَّ ذَلِكَ بِأَهْلِ النَّهْرِ أَوْ لَمْ يَضُرَّ.
وَإِذَا أَرَادَ أَهْلُ أَعْلَى النَّهْرِ أَنْ يَحْبِسُوا الْمَاءَ عَنْ أَهْلِ الْأَسْفَلِ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا فِي النَّهْرِ بِحَيْثُ لَوْ أُرْسِلَ وَلَمْ يُسْكَرْ يَصِلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَى حَقِّهِ فِي الشِّرْبِ لَا يَكُونُ لِأَهْلِ الْأَعْلَى وِلَايَةُ الْحَبْسِ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ فِي النَّهْرِ قَلِيلًا بِحَيْثُ لَا يَصِلُ أَهْلُ الْأَعْلَى إلَى حَقِّهِمْ فِي الشِّرْبِ إلَّا بِالسَّكْرِ.
فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ الْمَاءُ بِحَالٍ لَوْ أُرْسِلَ إلَى أَهْلِ الْأَسْفَلِ لَا يُمْكِنُ لِأَهْلِ الْأَسْفَلِ الِانْتِفَاعُ أَصْلًا بِأَنْ كَانَ النَّهْرُ يُنَشِّفُهُ كَانَ لِأَهْلِ الْأَعْلَى الْحَبْسُ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ بِحَالٍ لَوْ أُرْسِلَ إلَى أَهْلِ الْأَسْفَلِ يُمْكِنُهُمْ الِانْتِفَاعُ بِهِ لَا يَكُونُ لِأَهْلِ الْأَعْلَى السَّكْرُ بَلْ يَبْدَأُ بِأَهْلِ الْأَسْفَلِ حَتَّى يَرْوُوا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْأَعْلَى أَنْ يَسْكُرُوا لِيَرْتَفِعَ الْمَاءُ إلَى أَرَاضِيِهِمْ قَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ.
وَاسْتَحْسَنَ مَشَايِخُنَا فِي هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ الْإِمَامَ يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ بِالْأَيَّامِ إذَا أَبَى أَهْلُ الْأَسْفَلِ السَّكْرَ ثُمَّ يَصْنَعُ أَهْلُ الْأَعْلَى فِي نَوْبَتِهِمْ مَا أَحَبُّوا نَفْيًا لِلضَّرَرِ عَنْهُمْ ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ جَازَ لِأَهْلِ الْأَعْلَى السَّكْرُ فَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ بِوَضْعِ لَوْحٍ فِي النَّهْرِ وَمَا أَشْبَهَهُ لَا بِالتُّرَابِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فَإِنْ تَرَاضَوْا عَلَى أَنَّ الْأَعْلَى يَسْكُرُ النَّهْرَ حَتَّى تَشْرَبَ أَرْضُهُ جَازَ وَكَذَا لَوْ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يَسْكُرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي نَوْبَتِهِ جَازَ أَيْضًا لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَقِلُّ فِي النَّهْرِ فَيَحْتَاجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَى ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْمَاءُ الَّذِي يَنْحَدِرُ عَنْ الْجَبَلِ فِي الْوَادِي اخْتَلَفُوا فِيهِ قِيلَ لِأَهْلِ الْأَعْلَى السَّكْرُ وَالْمَنْعُ عَنْ أَهْلِ الْأَسْفَلِ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُمْ قَصْدُ الْإِضْرَارِ بِأَهْلِ الْأَسْفَلِ فِي مَنْعِ الْمَاءِ مَا وَرَاءَ الْحَاجَةِ وَاخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقِيلَ إنَّهُ لَمَّا دَخَلَ الْوَادِيَ صَارَ كَالْمَاءِ فِي النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ ثَمَّةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّيْلُ انْحَدَرَ وَانْتَشَرَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَيَكُونُ لِمَنْ سَبَقَتْ يَدُهُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ
وَإِذَا كَانَ النَّهْرُ بَيْنَ قَوْمٍ وَلَهُمْ عَلَيْهِ أَرَضُونَ أَرَادَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَكْرِيَ مِنْ هَذَا النَّهْرِ نَهْرًا لِأَرْضٍ كَانَ شِرْبُهَا مِنْ هَذَا النَّهْرِ أَوْ لِأَرْضٍ أُخْرَى لَمْ يَكُنْ شِرْبُهَا مِنْ هَذَا النَّهْرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا الشُّرَكَاءِ أَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَكْرِيَ لِأَرْضٍ لَمْ يَكُنْ شِرْبُهَا مِنْ هَذَا النَّهْرِ فَلِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ زِيَادَةَ الْمَاءِ وَلِأَنَّهُ يَكْسِرُ ضِفَّةً مُشْتَرَكَةً وَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَكْرِيَ لِأَرْضٍ كَانَ شِرْبُهَا مِنْ هَذَا النَّهْرِ فَلِلْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَنْصِبَ عَلَيْهِ رَحَى مَاءٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا أَصْحَابِهِ فَإِنْ كَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَضَعُ عَلَيْهِ الرَّحَى مِلْكَهُ بِأَنْ كَانَ حَافَّتَا النَّهْرِ وَبَطْنُ النَّهْرِ مِلْكَهُ، وَلِغَيْرِهِ حَقُّ إجْرَاءِ الْمَاءِ يُنْظَرُ إنْ أَضَرَّ بِإِجْرَاءِ الْمَاءِ مُنِعَ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ لَمْ يُمْنَعْ عَنْهُ وَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَنْصِبَ عَلَيْهِ دَالِيَةً أَوْ سَانِيَةً فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الرَّحَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كُوًى مُسَمَّاةٌ فِي نَهْرٍ خَاصٍّ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَزِيدَ كَوَّةً وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِأَهْلِهِ وَلَوْ كَانَ الْكِوَى بِالنَّهْرِ الْأَعْظَمِ فَزَادَ فِي مِلْكِهِ كَوَّةً أَوْ كَوَّتَيْنِ وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ بِأَهْلِ النَّهْرِ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَسُئِلَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ نَهْرٍ بَيْنَ قَوْمٍ يَأْخُذُ الْمَاءَ مِنْ النَّهْرِ الْأَعْظَمِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْمِ مِنْ هَذَا النَّهْرِ كَوَّةٌ مُسَمَّاةٌ فَأَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَسُدَّ كَوَّةً وَيَفْتَحَ أُخْرَى لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ نَهْرٌ خَاصٌّ يَأْخُذُ الْمَاءَ مِنْ الْوَادِي الْكَبِيرِ كَالْفُرَاتِ وَالدِّجْلَةِ وَالسَّيْحُونِ وَالْجَيْحُونِ شِرْبًا لِأَرْضٍ لَهُ خَاصَّةً وَلَيْسَ لَهُ فِي هَذَا النَّهْرِ شَرِيكٌ وَعَلَى الْوَادِي الْكَبِيرِ أَنْهَارٌ وَجَفَّفَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ