الْمَاءَ إجْرَاءً لَا يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ بَلْ يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِ جَارِهِ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ جَارُهُ قَدْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ بِالْإِحْكَامِ وَالسَّدِّ فَلَمْ يَسُدَّ يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ إلَيْهِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَتْ أَرْضُهُ فِي صِعْدَةٍ وَأَرْضُ جَارِهِ فِي هِبْطَةٍ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ سَقَى أَرْضَهُ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ يَضْمَنُ وَيُؤْمَرُ بِرَفْعِ الْمُسَنَّاةِ حَتَّى يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّعَدِّي وَيُمْنَعَ مِنْ السَّقْيِ حَتَّى يَرْفَعَ الْمُسَنَّاةَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَرْضُهُ فِي صِعْدَةٍ لَا يُمْنَعُ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْمَذْكُورُ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّهُ إنْ سَقَى غَيْرَ مُعْتَادٍ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ مُعْتَادًا لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضِهِ ثَقْبٌ أَوْ حَجَرٌ فَإِنْ عَلِمَ بِالثَّقْبِ وَلَمْ يَسُدَّ حَتَّى فَسَدَ أَرْضُ جَارِهِ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ سَقَى أَرْضَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ فِي غَيْرِ نَوْبَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ أَوْ أَجْرَى الْمَاءَ زِيَادَةً عَلَى مَا يُطِيقُهُ النَّهْرُ أَوْ حَوَّلَ الْمَاءَ إلَى نَهْرٍ أَوْ مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ أَوْ سَكَرَ النَّهْرَ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَارْتَفَعَ الْمَاءُ وَسَالَ عَنْ ضِفَّةِ النَّهْرِ أَوْ خَرَّبَ ضِفَّةَ النَّهْرِ حَتَّى سَالَ الْمَاءُ وَأَفْسَدَ زَرْعَ إنْسَانٍ ضَمِنَ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ
رَجُلٌ سَقَى أَرْضَهُ وَمَلَأَهَا فَسَالَ مِنْ مَائِهِ فِي أَرْضٍ أُخْرَى وَغَرَّقَهَا أَوْ نَزَّتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ هَذَا إذَا سَقَى أَرْضَهُ سَقْيًا مُعْتَادًا يُسْقَى مِثْلُهُ فِي الْعَادَةِ فَأَمَّا إذَا سَقَى سَقْيًا غَيْرَ مُعْتَادٍ ضَمِنَ.
فَأَمَّا إذَا كَانَ فِي أَرْضِهِ جُحْرُ فَأْرَةٍ فَسَقَى أَرْضَهُ وَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ وَغَرِقَتْ يُنْظَرُ إنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ بِجُحْرِ الْفَأْرَةِ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ وَإِنْ عَلِمَ ضَمِنَ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ وَعَلَى هَذَا قَالُوا إذَا فَتَحَ رَأْسَ نَهْرِهِ فَسَالَ شَيْءٌ إلَى أَرْضِ جَارِهِ فَغَرِقَتْ يُنْظَرُ إنْ كَانَ فَتَحَ مِنْ الْمَاءِ مِقْدَارَ مَا يُفْتَحُ مِنْ الْمَاءِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ النَّهْرِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ فَتَحَ مِقْدَارَ مَا لَا يُفْتَحُ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ النَّهْرِ ضَمِنَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَحْرَقَ كَلَأً أَوْ حَصَائِدَ فِي أَرْضِهِ فَذَهَبَتْ النَّارُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَأَحْرَقَتْ شَيْئًا لِغَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي هَذَا التَّسْبِيبِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُوقِدَ النَّارَ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ مُطْلَقًا وَتَصَرَّفَ الْمَالِكُ فِي مِلْكِهِ لَا يَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةُ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا هَذَا إذَا كَانَتْ الرِّيَاحُ هَادِئَةً حِينَ أَوْقَدَ النَّارَ فَأَمَّا إذَا أَوْقَدَ النَّارَ فِي يَوْمِ رِيحٍ عَلَى وَجْهٍ يَعْلَمُ أَنَّ الرِّيحَ تَذْهَبُ بِالنَّارِ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَوْقَدَ النَّارَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ صَبَّ فِي مِيزَابِهِ مَائِعًا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ تَحْتَ الْمِيزَابِ إنْسَانًا جَالِسًا فَأَفْسَدَ ذَلِكَ الْمَائِعُ ثِيَابَهُ كَانَ الَّذِي صَبَّهُ ضَامِنًا؟ وَإِنْ كَانَ صَبَّهُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَفِي النَّوَازِلِ نَهْرٌ يَجْرِي فِي أَرْضِ قَوْمٍ فَانْشَقَّ النَّهْرُ وَخَرَّبَ بَعْضَ أَرْضِ قَوْمٍ لِأَصْحَابِ الْأَرَضِينَ أَنْ يَأْخُذُوا أَصْحَابَ النَّهْرِ بِعِمَارَةِ النَّهْرِ دُونَ عِمَارَةِ الْأَرْضِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
رَجُلٌ أَلْقَى شَاةً مَيْتَةً فِي نَهْرِ الطَّاحُونَةِ فَسَالَ بِهَا الْمَاءُ إلَى الطَّاحُونَةِ فَخَرِبَتْ الطَّاحُونَةُ إنْ كَانَ النَّهْرُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْكَرْيِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى الْكَرْيِ فَهُوَ ضَامِنٌ إنْ عَلِمَ أَنَّهَا خَرِبَتْ مِنْ ذَلِكَ. فَلَمْ يَجْعَلْ الْمُلْقِيَ مُتَعَدِّيًا فِي الْإِلْقَاءِ إذَا كَانَ النَّهْرُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْكَرْيِ لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ قُوَّتِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ اسْتَقَرَّتْ فِي الْمَاءِ كَمَا أَلْقَاهَا وَوَقَفَتْ ثُمَّ ذَهَبَتْ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَهَكَذَا فِي الْكُبْرَى.
رَجُلٌ سَقَى أَرْضَهُ وَأَرْسَلَ الْمَاءَ فِي النَّهْرِ حَتَّى جَاوَزَ أَرْضَهُ وَقَدْ كَانَ طَرَحَ رَجُلٌ أَسْفَلُ مِنْهُ فِي النَّهْرِ تُرَابًا فَمَالَ الْمَاءُ عَنْ النَّهْرِ حَتَّى خَرَّبَهُ فَجَاوَزَ فَغَرِقَ قُطْنُ رَجُلٍ فَالضَّمَانُ عَلَى مَنْ أَحْدَثَ فِي النَّهْرِ تُرَابًا وَلَيْسَ عَلَى مُرْسِلِ الْمَاءِ شَيْءٌ إنْ كَانَ لَهُ فِي النَّهْرِ حَقٌّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
رَجُلٌ لَهُ مَجْرَى مَاءٍ بِقُرْبِ دَارِ رَجُلٍ فَأَجْرَى فِي النَّهْرِ الْمَاءَ فَدَخَلَ الْمَاءُ مِنْ جُحْرٍ إلَى دَارِ جَارِهِ قَالُوا إنْ أَجْرَى مَاءً يَحْتَمِلُهُ النَّهْرُ وَكَانَ الثَّقْبُ خَفِيًّا وَلَوْلَا الثَّقْبُ لَا يَدْخُلُ الْمَاءُ فِي دَارُ جَارِهِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ أَجْرَى مَاءً لَا يَحْتَمِلُهُ النَّهْرُ فَتَعَدَّى إلَى دَارِ جَارِهِ ضَمِنَ وَكَذَا لَوْ كَانَ الثَّقْبُ ظَاهِرًا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمَاءَ يَتَعَدَّى مِنْهُ إلَى دَارِ جَارِهِ أَوْ أَرْضِهِ كَانَ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
قَلَعَ شَجَرَةً لَهُ عَلَى ضِفَّةِ نَهْرٍ فَوَقَعَ تُرَابُهُ فِي النَّهْرِ وَسَدَّهُ