أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ شَاذَانَ بْنُ إبْرَاهِيمَ يَمُرُّ فِي سُوقِ الْقَطَّانِينَ وَيَرْبِطُ بَغْلَتَهُ هُنَاكَ عَلَى رَأْسِ سِكَّةِ الْأَصْفَهَانِيَّةِ وَكَذَلِكَ نُصَيْرٌ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعَامَّةُ سُلُوكِي فِي ذَلِكَ وَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا وَقَالَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَأَيْت أَهْلَ تِلْكَ السِّكَّةِ يُخْرِجُونَ الْجِنَازَةَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ وَكَرِهُوا الْمُرُورَ فِي ذَلِكَ السُّوقِ وَقَالُوا هُوَ جَوْرٌ لَكِنَّ الْأَخْذَ بِقَوْلِ هَؤُلَاءِ الْعُلَمَاءِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْعَوَامّ وَلَا بَأْسَ بِالْمُرُورِ هُنَاكَ وَإِخْرَاجِ الْجِنَازَةِ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.
مَنْ لَهُ مَجْرَى نَهْرٍ فِي دَارِ رَجُلٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَمُرَّ فِي بَطْنِ النَّهْرِ أَوْ فِي مُسِنَّاتِهِ وَأَرَادَ إصْلَاحَهُ وَيَمْنَعُهُ صَاحِبُ الدَّارِ يُقَالُ لِصَاحِبِ الدَّارِ إمَّا أَنْ تَدَعَهُ حَتَّى يُصْلِحَهُ وَإِمَّا أَنْ تُصْلِحَهُ مِنْ مَالِهِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ نَأْخُذُ.
وَهَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْحَائِط وَصُورَتُهُ رَجُلٌ لَهُ حَائِطٌ وَجْهُهُ فِي دَارِ غَيْرِهِ وَأَرَادَ أَنْ يُطَيِّنَ الْحَائِطَ فَمَنَعَهُ صَاحِبُ الدَّارِ عَنْ دُخُولِ دَارِهِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى تَطْيِينِ الْحَائِطِ إلَّا مِنْ دَارِهِ قَالَ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ تَطْيِينِ حَائِطِهِ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ دُخُولِ دَارِهِ قِيلَ فَإِنْ انْهَدَمَ الْحَائِطُ وَوَقَعَ الطِّينُ فِي دَارِ جَارِهِ فَأَرَادَ نَقْلَ الطِّينِ وَلَيْسَ لَهُ سَبِيلٌ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ الدَّارَ قَالَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ دُخُولِ دَارِهِ قِيلَ فَيَتْرُكُ مَالَهُ فِي دَارِهِ قَالَ لَا يُمْنَعُ مِنْ مَالِهِ وَيَمْنَعُهُ مِنْ دُخُولِ دَارِهِ مَعْنَاهُ أَنْ يُقَالَ لِصَاحِبِ الدَّارِ إمَّا أَنْ تَأْذَنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ أَوْ تُخْرِجَ أَنْتَ طِينَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. .
وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ نَهْرٌ لِرَجُلٍ فِي أَرْضِ رَجُلٍ أَرَادَ صَاحِبُ النَّهْرِ أَنْ يَدْخُلَ الْأَرْضَ لِيُعَالِجَ نَهَرَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَمْشِيَ فِي بَطْنِ النَّهْرِ وَإِنْ كَانَ النَّهْرُ ضَيِّقًا لَا يُمْكِنُهُ الْمَشْيُ فِي بَطْنِهِ لَا يَدْخُلُ فِي الْأَرْضِ أَيْضًا قِيلَ هَذَا الْجَوَابُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ لَا حَرِيمَ لِلنَّهْرِ عِنْدَهُ أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا أَنَّ لِصَاحِبِ النَّهْرِ حَرِيمَهُ فَلَهُ أَنْ يَمُرَّ عَلَى الْحَرِيمِ وَقِيلَ مَا ذَكَرَ قَوْلَ الْكُلِّ وَتَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلِهِمَا أَنَّ صَاحِبَ النَّهْرِ بَاعَ الْحَرِيمَ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
مَرَّ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِحْلَالُ إنْ أَضَرَّ بِهَا كَالْمَزْرُوعَةِ أَوْ الرَّطْبَةِ وَإِلَّا فَلَا إلَّا إذَا رَآهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِحْلَالُ لِإِيذَائِهِ.
وَلَوْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَمَرَّ فِيهَا مَعَ فَرَسِهِ أَوْ حِمَارِهِ قَبْلَ أَنْ يُثْبِتَهُ بِالْحُجَّةِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْمُرُورِ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ.
نَصَبَ مِنْوَالًا لِاسْتِخْرَاجِ الْإِبْرَيْسَمِ مِنْ الْفَيْلَقِ فَلِلْجِيرَانِ الْمَنْعُ إذَا تَضَرَّرُوا بِالدُّخَانِ وَرَائِحَةِ الدِّيدَانِ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ يَرْفَعُ إلَى الْمُحْتَسِبِ فَيَمْنَعُهُ إذَا كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ.
قَالَ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ اتَّخَذَ فِي دَارِ أَبَوَيْهِ بِرِضَاهُمَا عَمَلَ نَسْجِ الْعَتَّابِيَّاتِ فَلَيْسَ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ مَنْعُهُ وَلَوْ اتَّخَذَ طَاحُونَةً لِنَفْسِهِ لَا يُمْنَعُ وَلِلْأُجْرَةِ يُمْنَعُ.
وَلِلْجِيرَانِ مَنْعُ دَقَّاقِ الذَّهَبِ مِنْ دَقِّهِ بَعْدَ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ إذَا تَضَرَّرُوا بِهِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ مَنْ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ.
رَجُلٌ اتَّخَذَ بُسْتَانًا وَغَرَسَ فِيهِ أَشْجَارًا بِجَنْبِ دَارِ جَارِهِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ لَيْسَ فِي هَذَا تَقْدِيرٌ وَيَجِبُ أَنْ يَتَبَاعَدَ مِنْ حَائِطِ جَارِهِ قَدْرَ مَا لَا يَضُرُّ بِدَارِ جَارِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ لَهُ مُجَمَّدَةٌ فَأَرَادَ جَارُهُ أَنْ يَبْنِيَ بِجَنْبِهَا أَتُونًا لَا يُمْنَعُ عَنْ ذَلِكَ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلٍ اتَّخَذَ فِي دَارِهِ إصْطَبْلًا وَكَانَ فِي الْقَدِيمِ مَسْكَنًا وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِجَارِهِ فَإِنْ كَانَ وَجَّهَ الدَّوَابَّ إلَى جِدَارِ دَارِهِ لَا يَمْنَعُهُ وَإِنْ كَانَ حَوَافِرُهَا إلَى جِدَارِ دَارِهِ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
خَبَّازٌ اتَّخَذَ حَانُوتًا فِي وَسَطِ الْبَزَّازِينَ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ كُلُّ ضَرَرٍ عَامٍّ وَبِهِ أَفْتَى أَبُو الْقَاسِمِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
وَلَا يُمْنَعُ الْمُرَاقُ والزلنبغي لِأَنَّ رَائِحَتَهُ لَيْسَتْ بِضَرَرٍ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَلِذُّ بِهَا إلَّا إذَا كَانَ دُخَانُهُ دَائِمًا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ
سُئِلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ سَرَقَ مَاءً وَأَسَالَهُ إلَى أَرْضِهِ وَكَرْمِهِ فَأَجَابَ أَنَّهُ يَطِيبُ لَهُ مَا خَرَجَ، بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ غَصَبَ شَعِيرًا أَوْ تِبْنًا وَسَمَّنَ بِهِ دَابَّةً فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ