ظَهْرِ الْبَيْتِ عَلَى ظَهْرِ الصُّفَّةِ فَاقْتَسَمَا فَأَصَابَ أَحَدُهُمَا الصُّفَّةَ وَقِطْعَةً مِنْ سَاحَةِ الدَّارِ وَأَصَابَ الْآخَرُ الْبَيْتَ وَقِطْعَةً مِنْ سَاحَةِ الدَّارِ وَلَمْ يَذْكُرَا فِي الْقِسْمَةِ الطَّرِيقَ وَمَسِيلَ الْمَاءِ وَأَرَادَ صَاحِبُ الْبَيْتِ أَنْ يَمُرَّ فِي الصُّفَّةِ عَلَى حَالِهِ وَيَسِيلَ الْمَاءُ عَلَى ظَهْرِ الصُّفَّةِ إنْ أَمْكَنَ لِصَاحِبِ الْبَيْتِ فَتْحُ الطَّرِيقِ وَتَسْيِيلُ الْمَاءِ فِي نَصِيبِهِ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْبَيْتِ حَقُّ الْمُرُورِ فِي الصُّفَّةِ وَلَا حَقُّ تَسْيِيلِ الْمَاءِ عَلَى ظَهْرِهَا سَوَاءٌ ذَكَرَا فِي الْقِسْمَةِ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ بِحُقُوقِهِ أَوْ لَمْ يَذْكُرَا ذَلِكَ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْبَيْتِ إمْكَانُ فَتْحِ الطَّرِيقِ وَتَسْيِيلِ الْمَاءِ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ.
فَإِنْ ذَكَرَا أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ بِحُقُوقِهِ دَخَلَ الطَّرِيقُ وَمَسِيلُ الْمَاءِ فِي الْقِسْمَةِ وَتَجُوزُ الْقِسْمَةُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا ذَلِكَ لَا يَدْخُلُ الطَّرِيقُ وَمَسِيلُ الْمَاءِ فِي الْقِسْمَةِ وَفَسَدَتْ الْقِسْمَةُ. ذَكَرَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْقِسْمَةِ وَذَكَرَ فِي آخِرِ الْبَابِ: إذَا اقْتَسَمَا دَارًا فَلَمَّا وَقَعَتْ الْحُدُودُ بَيْنَهُمَا إذَا أَحَدُهُمَا لَا طَرِيقَ لَهُ فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَفْتَحَ لِنَصِيبِهِ فِي حَيِّزِهِ طَرِيقًا آخَرَ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ.
وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَفْتَحَ لِنَصِيبِهِ طَرِيقًا إنْ عَلِمَ وَقْتَ الْقِسْمَةِ أَنْ لَا طَرِيقَ لَهُ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ، وَعَلَى قِيَاسِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي مَسْأَلَةِ آخِرِ الْبَابِ: إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَفْتَحَ لِنَصِيبِهِ طَرِيقًا آخَرَ إنَّمَا تَفْسُدُ الْقِسْمَةُ إذَا لَمْ تُذْكَرْ الْحُقُوقُ فَأَمَّا إذَا ذُكِرَتْ الْحُقُوقُ يَدْخُلُ الطَّرِيقُ تَحْتَ الْقِسْمَةِ فَصَارَ حَاصِلُ الْجَوَابِ نَظَرًا إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَفْتَحَ لِنَصِيبِهِ طَرِيقًا آخَرَ إنْ ذُكِرَتْ الْحُقُوقُ يَدْخُلُ الطَّرِيقُ وَمَسِيلُ الْمَاءِ فِي الْقِسْمَةِ وَلَا تَفْسُدُ الْقِسْمَةُ.
وَإِنْ لَمْ تُذْكَرْ الْحُقُوقُ حَتَّى لَمْ يَدْخُلَا تَحْتَ الْقِسْمَةِ إنْ عَلِمَ وَقْتَ الْقِسْمَةِ أَنْ لَا طَرِيقَ لَهُ وَلَا مَسِيلَ لَهُ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي بَابِ قِسْمَةِ الْأَرَضِينَ وَالْقُرَى أَنَّ الطَّرِيقَ وَمَسِيلَ الْمَاءِ يَدْخُلَانِ فِي الْقِسْمَةِ بِدُونِ ذِكْرِ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ إذَا كَانَ الطَّرِيقُ وَمَسِيلُ الْمَاءِ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ وَلَمْ يَكُونَا فِي أَنْصِبَائِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ إحْدَاثُ هَذِهِ الْحُقُوقِ فِي أَنْصِبَائِهِ حَتَّى لَا تَفْسُدَ الْقِسْمَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ اقْتَسَمَا دَارًا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ دَارًا لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْقِسْمَةُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ بَاطِلَةٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
كُلُّ قِسْمَةٍ عَلَى شَرْطِ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ بَيْعٍ مِنْ الْمَقْسُومِ أَوْ غَيْرِهِ فَاسِدَةٌ وَكَذَا كُلُّ شِرَاءٍ عَلَى شَرْطِ قِسْمَةٍ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَالْقِسْمَةُ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ شَيْئًا مَعْرُوفًا جَائِزَةٌ كَالزِّيَادَةِ فِي الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ، وَالْمَقْبُوضُ بِالْقِسْمَةِ الْفَاسِدَةِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهِ وَيَنْفُذُ التَّصَرُّفُ كَالْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَلَوْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا الْجَمِيعَ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ أَرَادُوا قِسْمَةَ مِلْكٍ فَلِلْقَاضِي ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادُوا قِسْمَةَ حِفْظٍ وَانْتِفَاعٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْقَاضِي هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَاقْتَسَمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ كُلَّهَا وَيَأْخُذَ الْآخَرُ الْبِنَاءَ كُلَّهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْأَرْضِ فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ إذَا شَرَطَا فِي الْقِسْمَةِ عَلَى الْمَشْرُوطِ لَهُ الْبِنَاءُ قَلْعَ الْبِنَاءِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَإِنْ سَكَتَا عَنْ الْقَلْعِ وَلَمْ يَشْتَرِطَا جَازَتْ الْقِسْمَةُ أَيْضًا وَإِنْ شَرَطَا تَرْكَ الْبِنَاءِ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِذَا وَقَعَ الْحَائِطُ لِأَحَدٍ فِي الْقِسْمَةِ وَعَلَيْهِ جُذُوعُ الْآخَرِ وَأَرَادَ صَاحِبُ الْحَائِطِ أَنْ يَرْفَعَ الْجُذُوعَ عَنْ الْحَائِطِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَا شَرَطَا فِي الْقِسْمَةِ رَفْعَ الْجُذُوعِ سَوَاءٌ كَانَ الْجُذُوعُ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْخُصُوصِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَالْحَائِطُ بَيْنَهُمَا أَوْ كَانَ السَّقْفُ وَالْجُذُوعُ مَعَ الْحَائِطِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا ثُمَّ صَارَ الْحَائِطُ لِأَحَدِهِمَا بِالْقِسْمَةِ وَالسَّقْفُ وَالْجُذُوعُ لِآخَرَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
فِي التَّجْرِيدِ وَكَذَلِكَ دَرَجٌ أَوْ دَرَجَةٌ أَوْ أُسْطُوَانَةٌ عَلَيْهَا جُذُوعٌ وَكَذَلِكَ رَوْشَنٌ وَقَعَ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ مُشْرِفًا عَلَى نَصِيبِ الْآخَرِ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ السُّفْلِ أَنْ يَقْطَعَ الرَّوْشَنَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطُوا قَطْعَهُ كَذَا فِي التتارخانية.
وَلَوْ أَنَّ ضَيْعَةً بَيْنَ خَمْسَةٍ مِنْ الْوَرَثَةِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ صَغِيرٌ وَاثْنَانِ غَائِبَانِ وَاثْنَانِ حَاضِرَانِ فَاشْتَرَى رَجُلٌ نَصِيبَ أَحَدِ الْحَاضِرَيْنِ وَطَالَبَ شَرِيكَهُ الْحَاضِرَ بِالْقِسْمَةِ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَخْبَرَهُ بِالْقِصَّةِ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ شَرِيكَهُ بِالْقِسْمَةِ وَيَجْعَلُ وَكِيلًا عَنْ الْغَائِبَيْنِ وَالصَّغِيرِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَامَ مَقَامَ الْبَائِعِ وَقَدْ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَ شَرِيكَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.