عَنْ فُلَانٍ لَمْ يَقْسِمْهُ الْقَاضِي بَيْنَهُمْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَوْتِهِ وَعَدَدِ وَرَثَتِهِ، وَقَالَا: يَقْسِمُهُ بَيْنَهُمْ بِإِقْرَارِهِمْ وَيَذْكُرُ الْقَاضِي فِي صَكِّ الْقِسْمَةِ أَنَّهُ قَسَمَهُ بِإِقْرَارِهِمْ وَلَوْ ادَّعَوْا فِي الْعَقَارِ أَنَّهُمْ اشْتَرَوْهُ قَسَمَهُ بَيْنَهُمْ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ مَا سِوَى الْعَقَارِ وَادَّعَوْا أَنَّهُ مِيرَاثٌ قَسَمَهُ فِي قَوْلِهِمْ، وَإِنْ ادَّعَوْا الْمِلْكَ وَلَمْ يَذْكُرُوا كَيْفَ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ قَسَمَهُ بَيْنَهُمْ، وَهَذِهِ رِوَايَةُ كِتَابِ الْقِسْمَةِ.

وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَرْضٌ ادَّعَاهَا رَجُلَانِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا فِي أَيْدِيهِمَا وَأَرَادَا الْقِسْمَةَ لَمْ يَقْسِمْهَا بَيْنَهُمَا حَتَّى يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا لِغَيْرِهِمَا ثُمَّ قِيلَ: هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خَاصَّةً وَقِيلَ: هُوَ قَوْلُ الْكُلِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ ضَرْبَانِ: بِحَقِّ الْمِلْكِ تَكْمِيلًا لِلْمَنْفَعَةِ وَبِحَقِّ الْيَدِ تَتْمِيمًا لِلْحِفْظِ، وَامْتَنَعَ الْأَوَّلُ هَاهُنَا لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَكَذَا الثَّانِي لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ بِنَفْسِهِ، وَإِذَا حَضَرَ وَارِثَانِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَوْتِ وَعَدَدِ الْوَرَثَةِ وَالدَّارُ فِي أَيْدِيهِمَا وَمَعَهُمَا وَارِثٌ غَائِبٌ أَوْ صَغِيرٌ قَسَمَ الْقَاضِي بِطَلَبِ الْحَاضِرَيْنِ وَيُنَصِّبُ وَكِيلًا بِقَبْضِ نَصِيبِ الْغَائِبِ أَوْ وَصِيًّا بِقَبْضِ نَصِيبِ الصَّغِيرِ لِأَنَّ فِي هَذَا النَّصْبِ نَظَرًا لِلْغَائِبِ وَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَصْلِ الْمِيرَاثِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عِنْدَهُ أَيْضًا بَلْ أَوْلَى وَعِنْدَهُمَا يَقْسِمَانِ بَيْنَهُمَا بِإِقْرَارِهِمَا وَيُعْزَلُ حَقُّ الْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ وَيُشْهِدُ أَنَّهُ قَسَّمَهَا بِإِقْرَارِ الْكِبَارِ الْحُضُورِ وَأَنَّ الْغَائِبَ أَوْ الصَّغِيرَ عَلَى حُجَّتِهِ وَلَوْ كَانُوا مُشْتَرِينَ لَمْ يَقْسِمْ مَعَ غَيْبَةِ أَحَدِهِمْ وَإِنْ أَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ وَإِنْ كَانَ الْعَقَارُ فِي يَدِ الْوَارِثِ الْغَائِبِ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ لَمْ يَقْسِمْ، وَكَذَا إذَا كَانَ فِي يَدِ مُودِعِهِ وَكَذَا إذَا كَانَ فِي يَدِ الصَّغِيرِ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ لَمْ يَقْسِمْ بِإِقْرَارِ الْحُضُورِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا الْفَصْلِ بَيْنَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَعَدَمِهَا فِي الصَّحِيحِ وَإِنْ حَضَرَ وَارِثٌ وَاحِدٌ لَمْ يَقْسِمْ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ خَصْمٌ وَالْحَاضِرُ إنْ كَانَ خَصْمًا عَنْ نَفْسِهِ فَلَيْسَ أَحَدٌ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ وَعَنْ الْغَائِبِ، وَإِنْ كَانَ خَصْمًا عَنْهُمَا فَلَيْسَ أَحَدٌ يُخَاصِمُ عَنْ نَفْسِهِ يُقِيمُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ، وَلَوْ كَانَ الْحَاضِرُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا نَصَّبَ الْقَاضِي عَنْ الصَّغِيرِ وَصِيًّا وَقَسَمَ إذَا أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ كَذَا فِي الْكَافِي.

وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ فِي يَدِ أُمِّ الصَّغِيرِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا كَانَ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ فِي يَدِ الْغَائِبِ وَثَمَّةَ لَا يَقْسِمُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

اعْلَمْ أَنَّ هَاهُنَا مَسْأَلَةً لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهَا وَهِيَ أَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يُنَصِّبُ وَصِيًّا عَنْ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ الصَّغِيرُ حَاضِرًا وَأَمَّا إذَا كَانَ غَائِبًا فَلَا يُنَصِّبُ عَنْهُ وَصِيًّا بِخِلَافِ الْكَبِيرِ الْغَائِبِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ يُنَصِّبُ وَصِيًّا عَنْ الْغَائِبِ، ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّبِيِّ الْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ فِي حَقِّ نَصْبِ الْوَصِيِّ هُوَ أَنَّ الصَّغِيرَ إذَا كَانَ حَاضِرًا فَيُنَصِّبُ الْوَصِيَّ لِأَجْلِ الْجَوَابِ ضَرُورَةً لِأَنَّ الدَّعْوَى قَدْ صَحَّتْ عَلَى الصَّبِيِّ؛ لِكَوْنِهِ حَاضِرًا إلَّا أَنَّهُ عَجَزَ عَنْ الْجَوَابِ فَيُنَصِّبُ عَنْهُ وَصِيًّا لِيُجِيبَ خَصْمَهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ غَائِبًا فَلَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَوَجَّهْ الْجَوَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقَعْ الضَّرُورَةُ عَلَى نَصْبِ الْوَصِيِّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ مِيرَاثًا وَفِيهَا وَصِيَّةٌ بِالثُّلُثِ وَبَعْضُ الْوَرَثَةِ غَائِبٌ وَالْبَعْضُ حُضُورٌ فَالْمُوصَى لَهُ شَرِيكٌ بِمَنْزِلَةِ الْوَارِثِ إنْ حَضَرَ بِنَفْسِهِ وَحْدَهُ فَالْقَاضِي لَا يَسْمَعُ بَيِّنَتَهُ وَلَا يَقْسِمُ الدَّارَ بَيْنَهُمْ كَمَا لَوْ حَضَرَ وَاحِدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ حَضَرَ هُوَ مَعَ أَحَدِ الْوَرَثَةِ فَالْقَاضِي يَسْمَعُ بَيِّنَتَهُمَا وَيَقْسِمُ الدَّارَ كَمَا لَوْ حَضَرَ وَارِثَانِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ رَفَعَا طَرِيقًا بَيْنَهُمَا وَكَانَ عَلَى الطَّرِيقِ ظُلَّةٌ وَكَانَ طَرِيقُ أَحَدِهِمَا عَلَى تِلْكَ الظُّلَّةِ وَهُوَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَّخِذَ طَرِيقًا آخَرَ فَأَرَادَ صَاحِبُهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْمُرُورِ عَلَى ظَهْرِ الظُّلَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَفِيهَا صُفَّةٌ وَفِي الصُّفَّةِ بَيْتٌ وَطَرِيقُ الْبَيْتِ فِي الصُّفَّةِ وَمَسِيلُ مَاءِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015