دَارًا بِأَلْفَيْنِ وَتَقَابَضَا فَادَّعَى آخَرُ وَصَالَحَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى خَمْسِمِائَةٍ عَلَى إنْكَارٍ فَأَخَذَ الشَّفِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالْبَيْعِ الْأَوَّل رَدَّ الْمُدَّعِي مَا قَبَضَ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَمَّا قَضَى بِالشُّفْعَةِ فَقَدْ قَضَى بِكَوْنِ الدَّارِ مِلْكًا لِلْبَائِعِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي وَظَهَرَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَخَذَ مَالًا لَا بِإِزَاءِ حَقِّهِ وَلَا بِإِزَاءِ دَفْعِ الْخُصُومَةِ فَانْتَقَضَ الصُّلْحُ وَلَوْ أَخَذَ الشَّفِيعُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ لَا يَرُدُّ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ حَصَلَ بِتَرَاضِيهِمَا وَتَرَاضِيهِمَا حُجَّةٌ فِي حَقِّهِمَا لَا فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا فَيُجْعَلُ كَبَيْعٍ جَدِيدٍ جَرَى بَيْنَهُمَا فَظَهَرَ أَنَّهُ لَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا وَرِثَ دَارًا فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَأَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ بِيعَتْ دَارٌ أُخْرَى بِجَنْبِ الدَّارِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ الْمَوْرُوثَةُ وَطَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الدَّارَ الثَّانِيَةَ وَيَكُونُ الْوَارِثُ أَحَقُّ بِالدَّارِ الثَّالِثَةِ هَكَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا لَمْ يَطْلُبْ الْمُسْتَحِقُّ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّ الدَّارَ الثَّانِيَةَ تُرَدُّ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ بِالشُّفْعَةِ يَعْنِي الَّذِي كَانَ اشْتَرَاهَا وَالدَّارُ الثَّالِثَةُ تُتْرَكُ فِي يَدِي الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَقَبَضَهَا فَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَخْذَهَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي بِعْتهَا مِنْ فُلَانٍ وَخَرَجَتْ مِنْ يَدَيَّ ثُمَّ أَوْدَعَنِيهَا لَا يُصَدَّقُ وَجُعِلَ خَصْمًا لِلشَّفِيعِ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ وَهَبْتهَا لِفُلَانٍ وَقَبَضَهَا ثُمَّ أَوْدَعَنِيهَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ فَإِنْ حَضَرَ الْمُشْتَرِي فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، وَالْمَوْهُوبُ لَهُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي لِلشَّفِيعِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ أَوْ عَلَى الْهِبَةِ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَكَانَ الْقَضَاءُ بِالشُّفْعَةِ قَضَاءً عَلَى الْمُشْتَرِي وَالْمَوْهُوبُ لَهُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فَكُلُّ مَنْ ادَّعَى تَلَقِّي الْمِلْكَ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ الْيَدِ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ. دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَالدَّارُ تُعْرَفُ لِفُلَانٍ وَادَّعَى فُلَانٌ أَنَّهُ وَهَبَهَا لِلْمُدَّعِي وَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ فُلَانٍ فَإِنْ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي لِلْوَاهِبِ بِالرُّجُوعِ حَتَّى حَضَرَ شَفِيعُ الدَّارِ فَهُوَ أَحَقُّ بِالدَّارِ مِنْ الْوَاهِبِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الشَّفِيعُ قَضَى الْقَاضِي بِالرُّجُوعِ لِلْوَاهِبِ فَإِذَا قَضَى لَهُ بِالرُّجُوعِ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ نُقِضَ الرُّجُوعُ وَرُدَّتْ الدَّارُ عَلَى الشَّفِيعِ وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْيَدِ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ عَلَى أَنَّ فُلَانًا بِالْخِيَارِ وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ وَادَّعَى فُلَانٌ الْهِبَةَ وَالتَّسْلِيمَ وَحَضَرَ الشَّفِيعُ أَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ وَبَطَلَ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ لَمَّا أَقَرَّ بِالْهِبَةِ.
وَالتَّسْلِيمِ إلَى صَاحِبِ الْيَدِ فَقَدْ أَقَرَّ بِثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُ وَإِقْرَارُهُ بِثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُ إسْقَاطٌ مِنْهُ لِلْخِيَارِ وَصَاحِبُ الْيَدِ مُقِرٌّ بِالشِّرَاءِ فَثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ بِإِقْرَارِ صَاحِبِ الْيَدِ بِالشِّرَاءِ عِنْدَ سُقُوطِ خِيَارِ صَاحِبِ الدَّارِ وَفِي الْأَصْلِ إذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَقَضَى الْقَاضِي لِلشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ عَلَى الْبَائِعِ فَطَلَبَ الشَّفِيعُ مِنْ الْبَائِعِ الْإِقَالَةَ فَأَقَالَهُ الْبَائِعُ فَالْإِقَالَةُ جَائِزَةٌ وَتَعُودُ الدَّارُ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَلَا تَعُود إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَيُجْعَلُ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْبَائِعُ اشْتَرَى الدَّارَ مِنْ الشَّفِيعِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَقَضَى الْقَاضِي بِالدَّارِ لِلشَّفِيعِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الشَّفِيعُ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي إنْ أَقَالَ مَعَ الْبَائِعِ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ وَصَارَتْ الدَّارُ مِلْكًا لِلْبَائِعِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا مَاتَ الشَّفِيعُ بَعْدَمَا قَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الدَّارَ وَقَبْلَ أَنْ يَنْقُدَ الثَّمَنَ كَانَتْ الدَّارُ لِوَرَثَةِ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي بِالشُّفْعَةِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ وَلَوْ مَاتَ الشَّفِيعُ بَعْدَمَا اشْتَرَى الدَّارَ كَانَتْ الدَّارُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِالشُّفْعَةِ لِلشَّفِيعِ وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الشَّفِيعِ أَنْ يَرُدَّ الدَّارَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ وَالزِّيَادَةُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ تَصِيرُ الدَّارُ لِلْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَتَبْطُلُ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّ رَدَّ الدَّارِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَنْزِلَةِ الْإِقَالَةِ.
وَالْإِقَالَةُ إنَّمَا تَكُونُ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَكَذَا لَوْ طَالَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الشَّفِيعِ بَعْدَ مَا قَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ أَنْ يَرُدَّ الدَّارَ عَلَى الْبَائِعِ بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ فَفَعَلَ كَانَتْ إقَالَةً وَالْإِقَالَةُ كَمَا تَكُونُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي تَتَحَقَّقُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالشَّفِيعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا مَاتَ الشَّفِيعُ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لَمْ يَكُنْ لِوَارِثِهِ حَقُّ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَنَا وَلَوْ كَانَ بَيْعُ الدَّارِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَانَ لَهُ فِيهَا الشُّفْعَةُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا مَاتَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ حَيٌّ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي.