وَإِحْدَى الدَّارَيْنِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَالْأُخْرَى لِرَجُلٍ خَاصَّةً بَاعَ صَاحِبُ الْخَاصَّةِ دَارِهِ فَلِلْآخَرَيْنِ الشُّفْعَةُ بِالطَّرِيقِ فَإِنْ اقْتَسَمَا الدَّارَ الْمُشْتَرِكَةَ فَأَصَابَ أَحَدُهُمَا بَعْضَ الدَّارِ مَعَ كُلِّ الطَّرِيقِ الَّذِي كَانَ لَهَا وَأَصَابَ الْآخَرُ بَعْضَ الدَّارِ بِلَا طَرِيقٍ وَفَتَحَ الَّذِي لَا طَرِيقَ لَهُ لِنَصِيبِهِ بَابًا إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ وَهُمَا جَمِيعًا جَارَانِ لِلدَّارِ الَّتِي بِيعَتْ فَاَلَّذِي صَارَ الطَّرِيقُ لَهُ أَحَقُّ بِشُفْعَتِهَا فَإِنْ سَلَّمَ هُوَ الشُّفْعَةَ أَخَذَهَا الْآخَرُ بِالْجِوَارِ وَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ بِسَبَبِ هَذِهِ الْقِسْمَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَخَذَ الشَّفِيعُ الْأَرْضَ بِالشُّفْعَةِ فَبَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَكَلَّفَ الْمُسْتَحِقُّ الشَّفِيعَ بِالْقَلْعِ فَقَلَعَ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ رَجَعَ الشَّفِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ لَا عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ أَخَذَهَا مِنْهُ وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ أَخَذَهَا مِنْهُ مَعْنَاهُ لَا يَرْجِعُ بِمَا نَقَصَ بِالْقَلْعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَالشُّفْعَةُ عِنْدَنَا عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ فَإِذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ لِأَحَدِهِمْ نِصْفُهَا وَلِآخَرَ ثُلُثُهَا وَلِآخَرَ سُدُسُهَا فَبَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ نَصِيبَهُ وَطَلَبَ الْآخَرَانِ الشُّفْعَةَ قَضَى بِالشِّقْصِ الْمَبِيعِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِنْ بَاعَ صَاحِبُ السُّدُسِ قَضَى بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فِي الْكُلِّ وَلَوْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ فَهِيَ لِلْبَاقِينَ لِلْكُلِّ عَلَى عَدَدِهِمْ وَلَوْ كَانَ الْبَعْضُ غَائِبًا يَقْضِي بِهَا بَيْنَ الْحُضُورِ عَلَى عَدَدِهِمْ وَإِذَا قَضَى لِلْحَاضِرِ بِالْكُلِّ ثُمَّ حَضَرَ آخَرُ قَضَى لَهُ بِالنِّصْفِ وَلَوْ حَضَرَ ثَالِثٌ قَضَى لَهُ بِثُلُثِ مَا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ فَلَوْ سَلَّمَ الْحَاضِرُ بَعْدَمَا قَضَى لَهُ بِالْكُلِّ لَا يَأْخُذُ الْقَادِمُ إلَّا بِالنِّصْفِ كَذَا فِي الْكَافِي.
رَجُلٌ زَعَمَ أَنَّهُ بَاعَ دَارِهِ مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا وَلَمْ يَأْخُذْ الثَّمَنَ فَقَالَ فُلَانٌ مَا اشْتَرَيْتهَا مِنْك كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ هَذَا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ مِنْ فُلَانٍ، وَفُلَانٌ حَاضِرٌ يُنْكِرُ الشِّرَاءُ، فَأَمَّا إذَا كَانَ غَائِبًا فَلَا خُصُومَةَ لِلشَّفِيعِ مَعَ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
دَارٌ بِيعَتْ بِجَنْبِ دَارِ رَجُلٍ وَالْجَارُ يَزْعُمُ أَنَّ رَقَبَةَ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ لَهُ وَيَخَافُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى رَقَبَتَهَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَإِنْ ادَّعَى الشُّفْعَةَ لَا يُمْكِنُهُ دَعْوَى الدَّارِ أَنَّهَا لَهُ مَاذَا يَصْنَعُ حَتَّى لَا تَبْطُلَ شُفْعَتُهُ قَالُوا يَقُولُ هَذِهِ الدَّارُ دَارِي وَأَنَا أَدَّعِي رَقَبَتَهَا فَإِنْ وَصَلْت إلَيْهَا وَإِلَّا فَإِنَّا عَلَى شُفْعَتِي فِيهَا لِأَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ كَلَامٌ وَاحِدٌ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ السُّكُوتُ عَنْ طَلَبِ الشُّفْعَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا ادَّعَاهَا فَقَالَ بَيِّنَتِي غَيْبٌ وَلَكِنِّي آخُذُهَا بِالشُّفْعَةِ فَهُوَ إقْرَارٌ أَنَّ الْبَائِعَ مَالِكٌ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَعَنْهُ أَنَّهُ تَبْطُلُ الشُّفْعَةُ بِدَعْوَى الْمِلْكِ وَلَوْ ادَّعَى النِّصْفَ وَقَالَ أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ وَآخُذُ الْبَاقِي بِالشَّرِكَةِ جَازَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة رَجُلٌ لَهُ دَارٌ غَصَبَهَا غَاصِبٌ فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا وَالْغَاصِبُ وَالْمُشْتَرِي جَاحِدَانِ الدَّارَ وَالشُّفْعَةَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ حَتَّى إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ تَبَيَّنَ أَنَّ الشُّفْعَةَ ثَابِتَةٌ فَإِذَا طَلَبَ خَاصَمَ الْغَاصِبُ إلَى الْقَاضِي وَيُخْبِرُ الْقَاضِي عَلَى صُورَةِ الْأَمْرِ فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قَضَى لَهُ بِالدَّارِ وَبِالشُّفْعَةِ فِي الدَّارِ الْأُخْرَى لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ مُعَايَنَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ حَلَفَهُمَا جَمِيعًا فَإِنْ حَلَفَا لَا يَقْضِي لَهُ بِإِحْدَى الدَّارَيْنِ وَإِنْ نَكَلَا قَضَى لَهُ بِالدَّارَيْنِ وَإِنْ حَلَفَا الْغَاصِبُ وَنَكَلَ الْمُشْتَرِي لَا يَقْضِي بِالدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَيَقْضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ فَالْحُكْمُ عَلَى الْعَكْسِ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ إقْرَارٌ وَإِقْرَارُ كُلِّ مُقِرٍّ حُجَّةٌ فِي حَقِّهِ خَاصَّةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا اشْتَرَى دَارًا وَلَهَا شَفِيعٌ فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِ هَذِهِ الدَّارِ فَطَالَبَ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ وَقَضَى لَهُ بِهَا ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ يَقْضِي لَهُ بِالدَّارِ الَّتِي بِجِوَارِهِ وَيَمْضِي الْقَضَاءُ فِي الثَّانِيَةِ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَ الشَّفِيعُ جَارًا لِلدَّارَيْنِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَقْضِي لَهُ بِكُلِّ الدَّارِ الْأُولَى وَالنِّصْفُ فِي الثَّانِيَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ اشْتَرَى نِصْفَ دَارٍ ثُمَّ اشْتَرَى آخَرُ نِصْفَهَا الْآخَرَ فَخَاصَمَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فَقَضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ بِالشَّرِكَةِ ثُمَّ خَاصَمَهُ الْجَارُ فِي الشُّفْعَتَيْنِ فَالْجَارُ أَحَقُّ بِالشِّرَاءِ الْأَوَّلِ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي الثَّانِي لِتَعَلُّقِ قَضَاءِ الْقَاضِي بِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى نِصْفَهَا وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي لِلنِّصْفِ الثَّانِي غَيْرَ الْمُشْتَرِي لِلنِّصْفِ الْأَوَّلِ فَلَمْ يُخَاصِمْهُ فِيهِ حَتَّى أَخَذَ الْجَارُ النِّصْفَ الْأَوَّلَ فَالْجَارُ أَحَقُّ بِالنِّصْفِ الثَّانِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْأَصْلُ أَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِمِلْكٍ قَائِمٍ وَقْتَ الشِّرَاءِ لَا بِمِلْكٍ مُسْتَحْدَثٍ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ اتِّصَالُ الْمِلْكَيْنِ فَيُعْتَبَرُ قِيَامُهُ وَقْتَ الشِّرَاءِ وَإِذَا أَخَذَ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنْ كَانَ بِقَضَاءٍ ثَبَتَ فِي حَقِّ كَافَّةِ النَّاسِ وَإِنْ كَانَ بِرِضًى ثَبَتَ فِي حَقِّهِمَا خَاصَّةً اشْتَرَى