عَامِلًا عَلَى كُورَةٍ فَقَالَ لِرَجُلٍ لَتَقْتُلَنَّ هَذَا الرَّجُلَ بِالسَّيْفِ وَإِلَّا لَأَقْتُلَنَّكَ لَا يَنْبَغِي لِلْمُكْرَهِ الْمَأْمُورِ أَنْ يَقْتُلَ وَلَكِنْ مَعَ هَذَا إذَا قَتَلَ فَالْقَوَدُ عَلَى الْآمِرِ الْمُكْرِهِ، وَالْمُكْرَهُ الْمَأْمُورُ بِالْقَتْلِ يَأْثَمُ وَيَفْسُقُ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَيُبَاحُ قَتْلُهُ، وَالْمُكْرِهُ الْآمِرُ يُحْرَمُ عَنْ الْمِيرَاثِ دُونَ الْمُكْرَهِ الْمَأْمُورِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ قَالَ لَهُ الْعَامِلُ: لَتَقْطَعَنَّ يَدَهُ أَوْ لَأَقْتُلَنَّكَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَمَرَهُ بِقَطْعِ أُصْبُعٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَإِنْ رَأَى الْخَلِيفَةُ أَنْ يُعَزِّرَ الْمُكْرَهَ الْمَأْمُورَ وَيَحْبِسَهُ فَعَلَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِنْ أَمَرَهُ الْعَامِلُ أَنْ يَضْرِبَ سَوْطًا وَاحِدًا أَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ أَوْ أَنْ يُقَيِّدَهُ وَهَدَّدَهُ عَلَى ذَلِكَ بِالْقَتْلِ رَجَوْتُ أَنْ لَا يَكُونَ آثِمًا فِي فِعْلِهِ وَلَا فِي تَرْكِهِ، وَإِنَّمَا عَلَّقَهُ بِالرَّجَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ فِي هَذَا بِعَيْنِهِ نَصًّا، وَالْفَتْوَى بِالرُّخْصَةِ فِيمَا هُوَ مِنْ مَظَالِمِ الْعِبَادِ بِالرَّأْيِ لَا تَجُوزُ فَلِهَذَا عَلَّقَهُ بِالرَّجَاءِ، وَإِنْ كَانَ هَدَّدَهُ عَلَى ذَلِكَ بِضَرْبِ سَوْطٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ أَوْ حَلْقِ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يُقْدِمَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ الظُّلْمِ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ، وَلَوْ أَكْرَهَهُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ حَتَّى يَفْتَرِيَ عَلَى مُسْلِمٍ رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ فِي سَعَةٍ مِنْهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ أَكْرَهَهُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مَالَ فُلَانٍ فَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ فِي سَعَةٍ مِنْ أَخْذِهِ وَدَفْعِهِ إلَيْهِ وَالضَّمَانُ فِيهِ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنَّمَا يَسَعُهُ هَذَا مَا دَامَ حَاضِرًا عِنْدَ الْآمِرِ، فَإِنْ كَانَ أَرْسَلَهُ لِيَفْعَلَ فَخَافَ أَنْ يَقْتُلَهُ إنْ ظَفِرَ بِهِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ أَوْ يَفْعَلُ مَا هَدَّدَهُ بِهِ لَمْ يَحِلَّ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَسُولُ الْآمِرِ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ، وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ حَتَّى قَتَلَهُ كَانَ فِي سَعَةٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَوْ كَانَ الْمُكْرِهُ هَدَّدَهُ بِالْحَبْسِ أَوْ الْقَيْدِ لَنْ يَسَعَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ
وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ فَأَعْتَقَ أَوْ طَلَّقَ وَقَعَ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى الْمُكْرِهِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَلَا سِعَايَةَ عَلَى الْعَبْدِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُكْرَهُ عَلَى الْعَبْدِ بِمَا ضَمِنَ. وَكَذَا يَرْجِعُ بِنِصْفِ الْمَهْرِ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَكَانَ الْمَهْرُ مُسَمًّى فِي الْعَقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى فِيهِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ الْمُتْعَةِ، وَلَوْ قَالَ الْمُكْرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ: خَطَرَ بِبَالِي الْإِخْبَارُ بِالْحُرِّيَّةِ فِيمَا مَضَى كَاذِبًا، وَقَدْ أَرَدْتُ ذَلِكَ يَعْتِقُ الْعَبْدُ فِي الْقَضَاءِ وَلَا يُصَدَّقُ وَلَا يَعْتِقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَضْمَنُ الْمُكْرَهُ لَهُ شَيْئًا، وَلَوْ قَالَ: خَطَرَ بِبَالِي ذَلِكَ وَلَمْ أُرِدْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَرَدْتُ بِهِ الْإِنْشَاءَ فِي الْحَالِ أَوْ لَمْ أُرِدْ بِهِ شَيْئًا أَوْ لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِي شَيْءٌ عَتَقَ قَضَاءً وَدِيَانَةً، وَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَعَلَى هَذِهِ التَّفَاصِيلِ الطَّلَاقُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
إنْ قَالَ الْمُكْرَهُ لِصَاحِبِ الْعَبْدِ: قَدْ خَطَرَ بِبَالِكَ الْإِخْبَارُ عَنْ الْعِتْقِ فِيمَا مَضَى كَاذِبًا، وَقَدْ أَرَدْتُ ذَلِكَ لَا عِتْقًا مُسْتَقْبَلًا فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تُضَمِّنَنِي، وَقَالَ الْمُكْرِهُ: لَا بَلْ أَرَدْت بِهِ عِتْقًا مُسْتَقْبَلًا وَلِي أَنْ أُضَمِّنَكَ قِيمَةَ الْعَبْدِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْعَبْدِ، وَلِلْمُكْرِهِ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ عَلَى مَا ادَّعَى، وَإِنْ اتَّهَمَ الْمُكْرَهُ الزَّوْجَ وَقَالَ: قَدْ أَرَدْتُ الْإِخْبَارَ بِالْكَذِبِ عَنْ الْمَاضِي لَا إنْشَاءَ الطَّلَاقِ، وَقَالَ الزَّوْجُ: لَا بَلْ أَرَدْتُ إنْشَاءَ الطَّلَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ الْيَمِينِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ أُكْرِهَ لِيَجْعَلَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ أَوْ عِتْقَ عَبْدِهِ بِيَدِ امْرَأَتِهِ أَوْ بِيَدِ عَبْدِهِ أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمَا فَطَلَّقَ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ وَأَعْتَقَ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَيَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِنِصْفِ الْمَهْرِ وَبِقِيمَةِ الْعَبْدِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
قَالَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ أَنَّ لِصًّا غَالِبًا أَكْرَهَ رَجُلًا بِوَعِيدِ تَلَفٍ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَغَرِمَ لَهَا نِصْفَ الْمَهْرِ لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَطَلَّقَهَا وَغَرِمَ لَهَا نِصْفَ الْمَهْرِ رَجَعَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ عَلَى إيقَاعِ الثَّلَاثِ يَكُونُ مُكْرَهًا عَلَى الْوَاحِدِ، وَإِذَا أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَعْتِقَ نِصْفَ عَبْدِهِ بِوَعِيدِ تَلَفٍ فَأَعْتَقَ الْكُلَّ فَالْعَبْدُ حُرٌّ كُلُّهُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَلَا يَرْجِعُ الْمُكْرَهُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرَا، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَعْتِقَ الْعَبْدَ كُلَّهُ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ كَانَ هَذَا، وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَعْتِقُ كُلُّهُ وَيَغْرَمُ الْمُكْرِهُ قِيمَةَ الْعَبْدِ لِمَوْلَاهُ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا، أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَعْتِقُ نِصْفُ الْعَبْدِ وَيَبْقَى النِّصْفُ رَقِيقًا، وَإِذَا أَعْتَقَ نِصْفَ الْعَبْدِ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ وَهُوَ النِّصْفُ الَّذِي أَعْتَقَهُ مِنْ الْعَبْدِ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَأَمَّا النِّصْفُ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ عَلَى قَوْلِ