أَكْلُ الْمَيْتَةِ، وَعَامَّةُ مَشَايِخِنَا قَالُوا فِي مَسْأَلَةِ الْمَيْتَةِ: يَجِبُ الْقَوَدُ عَلَى الْمُكْرَهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ عَلِمَ أَنَّ أَكْلَ الْمَيْتَةِ يَسَعُهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ مُسْلِمًا أَوْ يَزْنِيَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ أَحَدَهُمَا؛ لِأَنَّ قَتْلَ الْمُسْلِمِ وَالزِّنَا لَا يُبَاحُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، فَإِنْ زَنَى حُدَّ قِيَاسًا وَلَا يُحَدُّ اسْتِحْسَانًا وَعَلَيْهِ مَهْرُهَا، وَإِنْ قَتَلَ الْمُسْلِمَ يُقْتَلُ الْآمِرُ، وَلَوْ كَانَ الْإِكْرَاهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِحَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ أَوْ حَلْقِ لِحْيَةٍ لَا يَكُونُ إكْرَاهًا، فَإِنْ قَتَلَ الْمُسْلِمَ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ قِصَاصًا وَلَا يُقْتَلُ الْآمِرُ لِعَدَمِ الْإِكْرَاهِ بَلْ يُعَزَّرُ.

وَلَوْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ فُلَانًا الْمُسْلِمَ أَوْ يُتْلِفَ مَالَ الْغَيْرِ كَانَ لَهُ أَنْ لَا يَأْخُذَ مَالَ الْغَيْرِ وَلَا يُتْلِفَهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ إتْلَافَ مَالِ الْغَيْرِ مُرَخَّصٌ وَلَيْسَ بِمُبَاحٍ، فَإِنْ قَتَلَ ذَلِكَ الْمُسْلِمَ وَلَمْ يُتْلِفْ مَالَ الْغَيْرِ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ؛ لِأَنَّ إتْلَافَ مَالِ الْغَيْرِ مُرَخَّصٌ وَقَتْلَ الْمُسْلِمِ لَيْسَ بِمُرَخَّصٍ، وَإِنْ أَتْلَفَ مَالَ الْغَيْرِ يَضْمَنُ الْآمِرُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ أَبَى عَنْهُمَا حَتَّى قُتِلَ فَهُوَ أَفْضَلُ.

وَلَوْ أُكْرِهَ بِوَعِيدِ قَتْلٍ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ عَبْدَهُ هَذَا أَوْ يُتْلِفَ مَالَهُ هَذَا فَلَمْ يَفْعَلْ وَاحِدًا مِنْهُمَا حَتَّى قُتِلَ كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَ مَالَهُ وَلَمْ يَقْتُلْ عَبْدَهُ فَهُوَ أَحْسَنُ، وَكَانَ ضَمَانُ الْمَالِ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَإِنْ قَتَلَ الْعَبْدَ وَلَمْ يَسْتَهْلِكْ الْمَالَ فَهُوَ آثِمٌ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الَّذِي أَكْرَهَهُ قَوَدٌ وَلَا ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ هَذَا قَتْلُ طَائِعٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَتَخَلَّصُ بِاسْتِهْلَاكِ الْمَالِ وَهُوَ مُبَاحٌ لَهُ شَرْعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ أَكْرَهَهُ بِوَعِيدِ قَتْلٍ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ هَذَيْنِ وَأَحَدُهُمَا أَقَلُّ قِيمَةً مِنْ الْآخَرِ فَقَتَلَ أَحَدَهُمَا عَمْدًا كَانَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْمُكْرِهَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ عَمْدًا كَانَ الْقَوَدُ عَلَى الْمُكْرِهِ الْآمِرِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يَضْرِبَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ مِائَةَ سَوْطٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ بِأَحَدِهِمَا فَمَاتَ مِنْهُ غَرِمَ الْمُكْرِهُ أَقَلَّ الْقِيمَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي بَقِيَ أَقَلَّهُمَا قِيمَةً، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَسْتَهْلِكَ الْمَالَ أَوْ يَضْرِبَ الْعَبْدَ مِائَةَ سَوْطٍ فَلَا بَأْسَ بِاسْتِهْلَاكِ الْمَالِ، وَضَمَانُهُ عَلَى الْمُكْرِهِ الْآمِرِ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ وَالْمَالُ لِلْمُكْرَهِ أَوْ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ ضَرَبَ عَبْدَهُ فَمَاتَ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُكْرِهِ الْآمِرِ ضَمَانٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. .

وَلَوْ أُكْرِهَ بِوَعِيدِ قَتْلٍ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ عَبْدَهُ هَذَا أَوْ يَقْتُلَ الْعَبْدَ الَّذِي أَكْرَهَهُ أَوْ يَقْتُلَ ابْنَهُ، أَوْ قَالَ: اُقْتُلْ عَبْدَكَ هَذَا الْآخَرَ أَوْ اُقْتُلْ أَبَاكَ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَقْتُلَ عَبْدَهُ الَّذِي أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِهِ، فَإِنْ قَتَلَ عَبْدَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْرِهِ سِوَى الْأَدَبِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يَسْتَهْلِكَ مَالَ هَذَا الرَّجُلِ أَوْ يَقْتُلَ الرَّجُلُ أَبَاهُ فَاسْتَهْلَكَهُ ضَمِنَهُ وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْمُكْرَهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَأْثَمْ فِي هَذَا الِاسْتِهْلَاكِ، وَلَوْ لَمْ يَسْتَهْلِكْ الْمَالَ حَتَّى قَتَلَ الرَّجُلُ أَبَاهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إثْمٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا يَسِيرًا فَلَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ اسْتِهْلَاكَهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَلَوْ قِيلَ لَهُ لَتَشْرَبَنَّ هَذَا الْخَمْرَ أَوْ لَتَأْكُلَنَّ هَذِهِ الْمَيْتَةَ أَوْ لَتَقْتُلَنَّ ابْنَكَ هَذَا أَوْ أَبَاكَ لَمْ يَسَعْهُ شُرْبُ الْخَمْرِ وَلَا أَكْلُ الْمَيْتَةِ لِانْعِدَامِ الضَّرُورَةِ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ لَتَقْتُلَنَّ ابْنَكَ أَوْ أَبَاكَ أَوْ لَتَبِيعَنَّ عَبْدَكَ هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ قِيَاسًا وَلَكِنْ اُسْتُحْسِنَ فَقَالَ: الْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَكَذَا التَّهْدِيدُ بِقَتْلِ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ، وَلَوْ قَالَ لَتَحْبِسَنَّ أَبَاكَ فِي السِّجْنِ أَوْ لَتَبِيعَنَّ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ عَبْدَكَ هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ قِيَاسًا، وَكَذَا فِي كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ ذَلِكَ كُلُّهُ إكْرَاهٌ وَلَا يَنْفُذُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ أُكْرِهَ بِقَتْلٍ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ عَبْدَهُ أَوْ يَقْطَعَ يَدَهُ لَمْ يَسَعْهُ، فَإِنْ فَعَلَ يَأْثَمْ وَيُقْتَلُ الْمُكْرَهُ فِي الْقَتْلِ، وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ فِي الْقَطْعِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَقْطَعَ يَدَ رَجُلٍ بِحَدِيدَةٍ فَقَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ قَطَعَ رِجْلَهُ بِغَيْرِ إكْرَاهٍ فَمَاتَ الْمَقْطُوعُ مِنْ ذَلِكَ يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاطِعِ وَالْمُكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلَيْنِ أَحَدُهُمَا انْتَقَلَ إلَى الْمُكْرِهِ وَالْآخَرُ اقْتَصَرَ عَلَى الْقَاطِعِ فَصَارَ قَاتِلَيْنِ لَهُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهِمَا الدِّيَةُ فِي مَالِهِمَا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يُرِيقَ جَرَّةَ السَّمْنِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُكْرِهِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.

فِي التَّجْرِيدِ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى قَطْعِ يَدِ رَجُلٍ فَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ: قَدْ أَذِنْتُ لَكَ فِي الْقَطْعِ فَاقْطَعْ، وَالْآذِنُ غَيْرُ مُكْرَهٍ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَقْطَعَ، وَإِنْ قَطَعَ فَهُوَ آثِمٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْقَاطِعِ وَلَا عَلَى الَّذِي أُكْرِهَ، وَإِذَا وَقَعَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْقَتْلِ فَأَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَتَلَهُ فَهُوَ آثِمٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالدِّيَةُ فِي مَالِ الْآمِرِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَإِذَا بَعَثَ الْخَلِيفَةُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015