أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَلْ يَضْمَنُ الْمُكْرَهُ أَوْ لَا؛ إنْ كَانَ الْمُكْرَهُ مُوسِرًا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَضْمَنْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ أَنَّ مَرِيضًا أَكْرَهَ امْرَأَتَهُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ أَوْ حَبْسٍ، حَتَّى تَسْأَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا تَطْلِيقَةً بَائِنَةً فَسَأَلَتْهُ ذَلِكَ فَطَلَّقَهَا كَمَا سَأَلَتْ ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَرِثَتْهُ، وَلَوْ سَأَلَتْهُ تَطْلِيقَتَيْنِ بَائِنَتَيْنِ فَفَعَلَ ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَمْ تَرِثْهُ.

كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ جَعَلَ الزَّوْجُ أَمْرَهَا بِيَدِ رَجُلٍ بِتَطْلِيقَةٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَأُكْرِهَ الزَّوْجُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِتَطْلِيقَةٍ أُخْرَى وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَطَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُكْرَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَهَا التَّطْلِيقَةَ الَّتِي جَعَلَهَا الزَّوْجُ إلَيْهِ بِغَيْرِ إكْرَاهٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ طَلَّقَهَا التَّطْلِيقَةَ الَّتِي أُكْرِهَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا ضَمِنَ نِصْفَ الْمَهْرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً إذَا شِئْتِ ثُمَّ أُكْرِهَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ قَبْلَهُ عَلَى أَنْ يَقُولَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً إذَا شِئْتِ، فَقَالَ لَهَا ذَلِكَ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا التَّطَلُّقَتَيْنِ جَمِيعًا غَرِمَ لَهَا الزَّوْجُ نِصْفَ الْمَهْرِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُسَلِّطَةُ فَأَكْرَهَتْهُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا بِوَعِيدِ تَلَفٍ فَفَعَلَ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ، وَلَوْ كَانَتْ أَكْرَهَتْهُ بِالْحَبْسِ أَخَذَتْهُ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ أُكْرِهَتْ الْمَرْأَةُ لِتَقْبَلَ مِنْ زَوْجِهَا تَطْلِيقَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبِلَتْ تَقَعُ تَطْلِيقَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَلَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ، فَلَوْ أَنَّ الْمَرْأَةَ أَجَازَتْ الطَّلَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْمَالِ الَّذِي أُكْرِهَتْ عَلَيْهِ صَحَّتْ إجَازَتُهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَلْزَمُهَا الْمَالُ وَيَصِيرُ الطَّلَاقُ بَائِنًا، وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْإِجَازَةُ بَاطِلَةٌ وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي رِوَايَةٍ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ التَّطْلِيقَةِ خُلْعٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الْإِكْرَاهِ عَلَى النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ.

وَلَوْ أُكْرِهَ الزَّوْجُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأُكْرِهَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ فَفَعَلَاهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ مَالٍ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الصُّلْحِ مِنْ الْقَوَدِ وَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ، إلَّا أَنَّ لِلْمَوْلَى أَنْ يُضَمِّنَ الْمُكْرِهَ قِيمَةَ عَبْدِهِ إنْ كَانَ أَكْرَهَهُ بِوَعِيدِ قَتْلٍ، وَإِنْ كَانَ أَكْرَهَهُ بِحَبْسٍ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ أُكْرِهَتْ أَمَةٌ أُعْتِقَتْ عَلَى أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ وَلَا لِمَوْلَاهَا وَلَا يَضْمَنُ الْمُكْرِهَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَلَوْ أَكْرَهَ رَجُلٌ الزَّوْجَ بِوَعِيدِ تَلَفٍ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا كُلُّ وَاحِدَةٍ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ جَمِيعَ ذَلِكَ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَوَجَبَ لَهُ عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَلَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِهَا لِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا بِسَبَبٍ مُضَافٍ إلَيْهَا، وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ نِصْفُ الْمَهْرِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافٍ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ الزَّوْجُ مِنْ عِنْدِهِ طَائِعًا كَافٍ فِي تَقْرِيرِ نِصْفِ الصَّدَاقِ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَفَعَلَ وَقَبِلَتْ ذَلِكَ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ، ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى نِصْفِ مَهْرِهَا، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ أَدَّى الزَّوْجُ إلَيْهَا الْفَضْلَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَيُرْجَعُ بِهِ عَلَى الْمُكْرِهِ إنْ كَانَ أَكْرَهَهُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا شَيْءَ لَهَا عَلَيْهِ وَلِلزَّوْجِ عَلَيْهِ الْأَلْفُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَعْتِقَ عَبْدَهُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَبِلَهُ الْعَبْدُ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ وَالْعَبْدُ غَيْرُ مُكْرَهٍ فَالْعِتْقُ جَائِزٌ عَلَى الْمِائَةِ ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مَوْلَى الْعَبْدِ، فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الَّذِي أَكْرَهَهُ قِيمَةَ الْعَبْدِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُكْرَهُ عَلَى الْعَبْدِ بِمِائَةٍ، وَإِنْ شَاءَ الْمَوْلَى أَخَذَ الْعَبْدَ بِالْمِائَةِ وَرَجَعَ عَلَى الْمُكْرَهِ بِتِسْعِمِائَةٍ تَمَامِ الْقِيمَةِ، وَلَوْ كَانَ أَكْرَهَهُ عَلَى الْعِتْقِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفٌ فَالْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُكْرِهُ قِيمَةَ عَبْدِهِ وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْعَبْدَ بِأَلْفَيْنِ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ ذَلِكَ طَوْعًا، فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْمُكْرِهِ قَامَ الْمُكْرِهُ مَقَامَ الْمَوْلَى فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْعَبْدِ بِالْمُسَمَّى عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ، فَإِذَا أَخَذَ ذَلِكَ مِنْهُ أَمْسَكَ أَلْفًا مِقْدَارَ مَا غَرِمَ وَتَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ بِكَسْبٍ خَبِيثٍ، وَإِنْ اخْتَارَ اتِّبَاعَ الْعَبْدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُكْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ الْأَلْفَانِ نُجُومًا فَحَلَّ نَجْمٌ مِنْهَا فَطَلَبَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ بِذَلِكَ النَّجْمِ بِغَيْرِ إكْرَاهٍ فَهَذَا مِنْهُ اخْتِيَارٌ لِاتِّبَاعِ الْعَبْدِ وَلَا ضَمَانَ لَهُ عَلَى الْمُكْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ

عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أُكْرِهَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015