شَهِدُوا عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمْ بِسَبَبِهِ فَهُمْ مَلْعُونُونَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدُوا بِمِثْلِ ذَلِكَ كَذَا فِي النَّوَازِلِ. كَذَا فِي كُلِّ إقْرَارٍ سَبَبُهُ حَرَامٌ وَبَاطِلٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ سَمِعَا قَاضِيًا يَقُولُ لِرَجُلٍ قَضَيْتُ عَلَيْكَ لِهَذَا الرَّجُلِ بِكَذَا وَشَهِدَا عَلَى قَضَائِهِ وَبَيَّنَا لِلْقَاضِي، وَقَالَا: سَمِعْنَا قَاضِيَ كَذَا قَالَ: قَضَيْتُ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ بِكَذَا وَلَكِنْ لَمْ يُشْهِدْنَا عَلَى قَضَائِهِ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ خَلَلًا فِي شَهَادَتِهِمَا، وَإِنْ بَيَّنَا أَنَّهُمَا سَمِعَا مِنْهُ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ قَاضٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَلَا يَنْبَغِي لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ وَأَبُو حَامِدٍ عَنْ الْقَاضِي إذَا أَشْهَدَ شُهُودًا أَنِّي قَدْ حَكَمَتْ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا، وَلَمْ يَحْضُرُوا مَجْلِسَهُ حِينَ حَكَمَ فَلَوْ شَهِدُوا عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؟ فَقَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ: هَذِهِ شَهَادَةٌ بَاطِلَةٌ فَلَا عِبْرَةَ بِهَا. قَالَ: أَبُو حَامِدٍ الْجَوَابُ كَذَلِكَ وَالْحُضُورُ شَرْطُ الْقَضَاءِ قَالَ: وَإِنَّهُ شَرْطُ الْإِشْهَادِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ.
رَأَى خَطَّهُ، وَلَمْ يَتَذَكَّرْ الْحَادِثَةَ أَوْ تَذَكَّرَ كِتَابَةَ الشَّهَادَةِ، وَلَمْ يَتَذَكَّرْ الْمَالَ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: يُفْتَى بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَفِي النَّوَازِلِ إذَا عَرَفَ خَطَّهُ وَالْخَطُّ فِي حِرْزِهِ وَنَسِيَ الشَّهَادَةَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ كَانَ الْخَطُّ فِي يَدِ الْمُدَّعِي لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ، وَهُوَ الْمُخْتَارِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا إذَا لَمْ تَكُنْ لِلشَّاهِدِ شُبْهَةٌ فِي الْخَطِّ يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ الْحَادِثَةَ سَوَاءٌ كَانَ الصَّكُّ فِي يَدِ الْخَصْمِ أَوْ غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. ثُمَّ إنَّ الشَّاهِدَ إذَا اعْتَمَدَ عَلَى خَطِّهِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ وَشَهِدَ وَقُلْنَا بِقَبُولِهِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَهُ هَلْ تَشْهَدُ عَنْ عِلْمٍ، أَوْ عَنْ الْخَطِّ؟ إنْ قَالَ: عَنْ عِلْمٍ قَبِلَهُ، وَإِنْ قَالَ: عَنْ الْخَطِّ لَا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. .
الشَّاهِدُ إذَا كَانَ يَعْرِفُ خَطَّهُ وَيَحْفَظُ إقْرَارَهُ وَيَعْرِفُ الْمَقَرَّ لَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْوَقْتَ وَالْمَكَانَ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ.
رَجُلٌ كَتَبَ صَكَّ وَصِيَّةٍ، وَقَالَ لِلشُّهُودِ: اشْهَدُوا بِمَا فِيهِ، وَلَمْ يَقْرَأْ وَصِيَّةً عَلَيْهِمْ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا بِمَا فِيهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنَّمَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا بِأَحَدِ مَعَانٍ ثَلَاثَةٍ: إمَّا بِأَنْ يَقْرَأَ الْكِتَابَ عَلَيْهِمْ، أَوْ كَتَبَ الْكِتَابَ غَيْرُهُ وَقَرَأَهُ عَلَيْهِ بَيْنَ أَيْدِي الشُّهُودِ فَيَقُولُ هُوَ لَهُمْ اشْهَدُوا بِمَا فِيهِ، أَوْ يَكْتُبُ هُوَ بَيْنَ أَيْدِي الشُّهُودِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ بِمَا فِيهِ فَيَقُولُ هُوَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ، وَإِنْ كَتَبَ بَيْنَ أَيْدِي الشُّهُودِ صَكًّا وَعَرَفَ الشَّاهِدُ مَا كَتَبَ فِيهِ، وَلَمْ يَقُلْ هُوَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ لَا يَسَعُهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْكِتَابُ مَكْتُوبًا عَلَى الرَّسْمِ، فَإِنْ كَانَ مَكْتُوبًا عَلَى الرَّسْمِ وَكُتِبَ بَيْنَ أَيْدِي الشُّهُودِ وَالشَّاهِدُ يَعْلَمُ بِمَا فِي الْكِتَابِ وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ الْكَاتِبُ اشْهَدْ عَلَيَّ بِمَا فِيهِ، وَأَنَّهُ حَسَنٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْكِتَابَةُ عَلَى وُجُوهٍ مِنْهَا مَا هُوَ مُسْتَبِينٌ مَرْسُومٌ، وَهُوَ أَنْ يَكْتُبَهَا عَلَى صَحِيفَةٍ وَصَدَّرَهَا وَعَنْوَنَ عَلَى وَجْهٍ يُكْتَبُ إلَى الْغَائِبِ، فَإِنْ قَالَ: لَمْ أَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ، أَوْ لَمْ أُرِدْ بِهِ