هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ، وَقَالَا: لَا تَشْهَدُوا لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِالدَّيْنِ فَإِنَّهُ قَضَى جَمِيعَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ - كَانَ لَهُمْ الْخِيَارُ إنْ شَاءُوا امْتَنَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ شَاءُوا شَهِدُوا بِذَلِكَ وَذَكَرُوا الْقِصَّةَ لِلْقَاضِي كَيْ لَا يَقْضِيَ بِالْبَاطِلِ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَنْهُ فِي رِوَايَةٍ يَشْهَدُونَ أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَا يَشْهَدُونَ أَنَّهُ عَلَيْهِ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا شَهِدَ عَدْلَانِ عِنْدَ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ قَدْ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ أَوْ أَنَّهُ أَبَرَّ الْمَطْلُوبَ عَنْ دَيْنِهِ لَا يَسَعُهُمَا أَنْ يَمْتَنِعَا عَنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَا سَمِعَا إقْرَارَ الطَّالِبِ بِالْإِبْرَاءِ أَوْ بِالِاسْتِيفَاءِ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
وَبَعْضُ مَشَايِخِ زَمَانِنَا اخْتَارُوا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا أَنَّهُ إنْ شَهِدَ عِنْدَ الشَّاهِدِ عَدْلَانِ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُمَا صَادِقَانِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا عَلِمَ مِنْ أَصْلِ الْحَقِّ، وَإِنْ شَهِدَ عِنْدَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ، أَوْ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُمَا فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا عَلِمَ مِنْ أَصْلِ الْحَقِّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا أَقَرَّ الزَّوْجُ عِنْدَ الشَّاهِدِ بِالطَّلَاقِ، أَوْ أَقَرَّ الْمَوْلَى بِالْإِعْتَاقِ، ثُمَّ دَعَاهُ إلَى الشَّهَادَةِ عَلَى النِّكَاحِ، وَعَلَى الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ عَنْ الشَّهَادَةِ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
سُئِلَ ابْنُ مُقَاتِلٍ عَنْ اثْنَيْنِ تَحَاسَبَا بَيْنَ يَدَيْ جَمَاعَةٍ، وَقَالَا: لَهُمْ لَا تَشْهَدُوا عَلَيْنَا بِمَا تَسْمَعُونَ مِنَّا، ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فَإِنَّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا سَمِعَ مِنْ إقْرَارِهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ سُنُونَ وَوَلَدَتْ أَوْلَادًا وَمَضَى سُنُونَ، ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ، ثُمَّ إنَّهَا اسْتَشْهَدَتْ الشُّهُودَ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ الْمُسَمَّى وَهُمْ يَتَذَكَّرُونَ يَسَعُهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
مَنْ عَايَنَ دَابَّةً تَتْبَعُ دَابَّةً تَرْتَضِعُ مِنْهَا حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالدَّابَّةِ الْمُرْتَضِعَةِ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ الْأُخْرَى وَبِالنَّتَاجِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالشَّهَادَةُ بِالنِّتَاجِ بِأَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّ هَذَا كَانَ يَتْبَعُ هَذِهِ النَّاقَةَ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَنَابِيعِ.
امْرَأَةٌ أَقَرَّتْ عَلَى نَفْسِهَا بِمَالٍ لِأَبِيهَا أَوْ لِأَخِيهَا تُرِيدُ بِهِ الْإِضْرَارَ لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَالشُّهُودُ يَعْلَمُونَ بِذَلِكَ قَالُوا وَسِعَهُمْ أَنْ يَتَحَمَّلُوا الشَّهَادَةَ وَيَشْهَدُوا بِذَلِكَ وَيُكْرَهُ لَهَا أَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا كَانَ الْمَقَرُّ لَهُ سُلْطَانًا، فَقَالَ الْمُقِرُّ: أَقْرَرْتُ خَوْفًا مِنْهُ إنْ وَقَفَ الشَّاهِدُ عَلَى خَوْفٍ لَا يَشْهَدُ، فَإِنْ لَمْ يَقِفْ شَهِدَ وَأَخْبَرَ الْقَاضِيَ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِ عَوْنٍ مِنْ أَعْوَانِ السُّلْطَانِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلٍ أَخَذَ سُوقَ النَّخَّاسِينَ مُقَاطَعَةً مِنْ السُّلْطَانِ كُلَّ شَهْرٍ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ وَكَتَبَ بِذَلِكَ صَكًّا هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ؟ وَهَلْ يَحِلُّ لِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا بِذَلِكَ؟ قَالَ: قَدْ ضَلَّ الْمُقَاطِعُ وَالْمُقَاطَعُ عَنْ سَبِيلِ الرَّشَادِ، وَأَمَّا الشُّهُودُ فَلَوْ شَهِدُوا عَلَى ذَلِكَ حَلَّتْ بِهِمْ اللَّعْنَةُ قِيلَ: فَلَوْ أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِالدَّرَاهِمِ وَلَكِنْ عَرَفُوا السَّبَبَ هَلْ تَجُوزُ لَهُمْ الشَّهَادَةُ؟ قَالَ: إنْ