الْإِقْرَارَ دُيِّنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى -، وَلَا يُدَيَّنُ فِي الْقَضَاءِ حَتَّى يَجُوزَ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ، وَعَلَى مَا فِيهِ سَوَاءٌ قَالَ لِلشَّاهِدِ اشْهَدْ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَقُلْ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ كَتَبَ كِتَابَ رِسَالَةٍ إلَى رَجُلٍ فَكَتَبَ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٌ سَلَامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ كَتَبْتَ إلَيَّ بِتَقَاضِي الْأَلْفِ الَّتِي كَانَتْ لَكَ عَلَيَّ، وَقَدْ كُنْتَ قَبَضْتَ مِنْهَا خَمْسَمِائَةٍ وَبَقِيَ لَكَ عَلَيَّ مِنْهَا خَمْسُمِائَةٍ أَنَّهُ جَازَ لِمَنْ عَلِمَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْهُ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَأَمَّا الْكِتَابُ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مَرْسُومٍ نَحْوُ أَنْ كَتَبَ عَلَى الْأَرْضِ، أَوْ صَحِيفَةٍ، أَوْ خِرْقَةٍ، أَوْ لَوْحٍ، أَوْ كَتَبَهُ بِغَيْرِ مِدَادٍ فِي صَحِيفَةٍ إلَّا أَنَّهُ يَسْتَبِينُ، وَقَالَ لَهُمْ اشْهَدُوا وَسِعَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ رَآهُ قَوْمٌ كَتَبَ ذِكْرَ حَقٍّ عَلَى نَفْسِهِ لِرَجُلٍ، وَلَمْ يُشْهِدْهُمْ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَازِمًا، وَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ عَلِمَ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلتَّجْرِبَةِ، بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ الْمَرْسُومَةِ وَبِخِلَافِ خَطِّ السِّمْسَارِ وَالصَّرَّافِ فَإِنَّهُ حُجَّةٌ، فَإِنْ جَحَدَ الْكِتَابَ فَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ كَتَبَهُ، أَوْ أَمْلَاهُ جَازَ كَمَا لَوْ ادَّعَى إقْرَارَهُ وَجَحَدَ، وَكَذَا سَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ عَلَى هَذَا بِخِلَافِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، الْمَرْسُومُ وَغَيْرُ الْمَرْسُومِ فِيهِ سَوَاءٌ، وَلَوْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ فِي كِتَابٍ مَرْسُومٍ يَضْمَنُ الْمَالَ، وَلَا يُقْطَعُ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُسْتَبِينِ نَحْوُ أَنْ كَتَبَ عَلَى الْمَاءِ، أَوْ عَلَى الْهَوَاءِ، ثُمَّ قَالَ: اشْهَدُوا عَلَيَّ بِذَلِكَ لَا يَسَعُهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ عَلِمُوا مَاذَا يَكْتُبُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ الَّذِي لَا يَسْتَبِينُ كَالْكَلَامِ الَّذِي لَا يُفْهَمُ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ فِيهِ سَوَاءٌ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ كَتَبَ رِسَالَةً عِنْدَ أُمِّيَّيْنِ لَا يَقْرَآنِ، وَلَا يَكْتُبَانِ وَأَمْسَكَا الْكِتَابَ عِنْدَهُمَا وَشَهِدَا بِهِ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ الْقَاضِي يَجُوزُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
اشْتَرَى عَيْنًا وَادَّعَى عَلَى الْبَائِعِ أَنَّ بِهَا عَيْبًا فَلَمْ يَثْبُتْ فَبَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَيْهِ هَذَا الْعَيْبَ فَأَنْكَرَ فَاَلَّذِينَ سَمِعُوا حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى الْعَيْبِ فِي الْحَالِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
صَبَّ زَيْتًا أَوَسَمْنًا، أَوْ خَلًّا لِغَيْرِهِ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ، وَقَالَ: مَاتَتْ فِيهَا فَأْرَةٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي إنْكَارِهِ اسْتِهْلَاكَ الطَّاهِرِ، وَلَا يَسَعُ لِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ صَبَّ غَيْرَ نَجِسٍ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا عَمَدَ إلَى طَوَّافِ لَحْمٍ فَاسْتَهْلَكَهُ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ، ثُمَّ قَالَ: كَانَتْ مَيْتَةً لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ وَيَسَعُ لِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ أَنَّهَا كَانَتْ ذَكِيَّةً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الشَّهَادَةُ بِالشُّهْرَةِ وَالتَّسَامُعِ تُقْبَلُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ بِالْإِجْمَاعِ: وَهِيَ النِّكَاحُ وَالنَّسَبُ وَالْمَوْتُ وَالْقَضَاءُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
فَإِذَا سَمِعَ الرَّجُلُ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، أَوْ رَأَى رَجُلًا يَدْخُلُ عَلَى امْرَأَةٍ وَسَمِعَ مِنْ النَّاسِ أَنَّ فُلَانَةَ زَوْجَةُ فُلَانٍ، أَوْ رَأَى رَجُلًا قَضَى لِرَجُلٍ بِحَقٍّ مِنْ الْحُقُوقِ وَسَمِعَ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُ قَاضِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ، أَوْ سَمِعَ النَّاسَ يَقُولُونَ إنَّ فُلَانًا مَاتَ، أَوْ رَآهُمْ صَنَعُوا بِهِ مَا يُصْنَعُ بِالْمَوْتَى وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ، وَإِنْ لَمْ يُعَايِنْ الْوِلَادَةَ عَلَى فِرَاشِهِ، أَوْ عَقْدَ النِّكَاحِ، أَوْ تَقْلِيدَ الْإِمَامِ إيَّاهُ قَضَاءَ هَذِهِ الْبَلْدَةِ أَوْ الْمَوْتَ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ
وَكَذَا إذَا رَأَى رَجُلًا وَامْرَأَةً يَسْكُنَانِ بَيْتًا وَيَنْبَسِطُ كُلُّ وَاحِدٍ إلَى الْآخَرِ انْبِسَاطَ الْأَزْوَاجِ وَسِعَهُ