يَتَحَقَّقُ الْعُذْرُ، وَإِذَا اجْتَمَعَ عَلَى بَابِ الْقَاضِي أَرْبَابُ الشُّهُودِ وَالْأَيْمَانِ، وَالْغُرَبَاءُ، وَالنِّسَاءُ فَقَدَّمَ الْقَاضِي أَرْبَابَ الشُّهُودِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ قَدَّمَ أَرْبَابَ الْأَيْمَانِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ قَدَّمَ الْغُرَبَاءَ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ قَدَّمَ النِّسَاءَ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا تَقَدَّمَ إلَيْهِ الْخَصْمَانِ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ وَيُجْلِسَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيُسَوِّي بَيْنَهُمَا فِي النَّظَرِ، وَالْكَلَامِ وَلَا يُسَارُّ أَحَدَهُمَا وَلَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
بِيَدِهِ وَلَا بِرَأْسِهِ وَلَا بِحَاجِبِهِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ.
وَلَا يَضْحَكُ فِي وَجْهِ أَحَدِهِمَا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَيَجْتَنِبُ الْمُزَاحَ مُطْلَقًا مَعَهُمَا، أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا، أَوْ مَعَ غَيْرِهِمَا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَلَا يُكْثِرُ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَذْهَبُ بِالْمَهَابَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَطْلُقَ بِوَجْهِهِ إلَى أَحَدِهِمَا فِي شَيْءٍ مِنْ النُّطْقِ مَا لَا يَفْعَلُ بِالْآخَرِ مِثْلَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ مَيْلُ قَلْبِهِ إلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَأَحَبَّ أَنْ يُظْهِرَ حُجَّتَهُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَاضِيَ مَأْمُورٌ بِالتَّسْوِيَةِ فِيمَا يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى التَّسْوِيَةِ، وَفِيمَا فِي وُسْعِهِ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَقْدِرُ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِيهِ لَا يُعْذَرُ بِتَرْكِهَا فِيهِ، وَمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّسْوِيَةِ فِيهِ لَا يُؤَاخَذُ بِتَرْكِ التَّسْوِيَةِ فِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا سُلْطَانًا أَوْ عَالِمًا فَجَلَسَ السُّلْطَانُ مَجْلِسَهُ، وَالْخَصْمُ عَلَى الْأَرْضِ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقُومَ مِنْ مَكَانِهِ وَيَجْلِسَ عَلَى الْأَرْضِ وَيُجْلِسَ خَصْمَهُ فِي مَكَانِهِ كَيْ لَا يَكُونَ تَفْضِيلًا عَلَى الْآخَرِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَا يُضَيِّفُ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَصْمُهُ مَعَهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَلَا يُكَلِّمُ أَحَدَهُمَا بِلِسَانٍ لَا يَعْرِفُهُ الْآخَرُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَفِي مُخْتَصَرِ خُوَاهَرْ زَادَهْ: وَلَا يَخْلُو بِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ فِي مَنْزِلِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَفْعَلَ مَا يُؤَدِّي إلَى التُّهْمَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَلْوِيَ عُنُقَهُ عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ أَيْ يُعْرِضَ عَنْهُ بَعْدَمَا كَانَ مُقْبِلًا عَلَيْهِمَا، وَهَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَأْذَنَ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ بِأَنْ يَدْخُلَ مَنْزِلَهُ.
وَمَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ خُصُومَةٌ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْقَاضِي بِالدُّخُولِ عَلَيْهِ لِلسَّلَامِ، أَوْ لِحَاجَةٍ تَعْرِضُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يُقْعِدُ أَحَدَهُمَا مِنْ جَانِبِ الْيَمِينِ، وَالْآخَرَ مِنْ جَانِبِ الْيَسَارِ؛ لِأَنَّ جَانِبَ الْيَمِينِ أَفْضَلُ فَيَكُونُ تَقْدِيمًا لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ بَيْنَ الْكَبِيرِ، وَالصَّغِيرِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ أَنْ يُسَوِّيَ فِيهِ بَيْنَ الْأَبِ، وَالِابْنِ وَبَيْنَ الْخَلِيفَةِ، وَالرَّعِيَّةِ (1) وَبَيْنَ الذِّمِّيِّ، وَالشَّرِيفِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
قَالَ صَاحِبُ الْأَقْضِيَةِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ جُلُوسُهُمَا بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي عَلَى قَدْرِ ذِرَاعَيْنِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ بِحَيْثُ يَسْمَعُ كَلَامَهُمَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْفَعَا أَصْوَاتَهُمَا.
وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا جَلَسَ فِي الْمَجْلِسِ أَنْ يَسْتَنِدَ ظَهْرُهُ إلَى الْمِحْرَابِ وَكَانَ الرَّسْمُ فِي زَمَنِ الْخَصَّافِ وَغَيْرِهِ أَنْ يَجْلِسَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ بِوَجْهِهِ، وَرَسْمُ زَمَانِنَا أَحْسَنُ وَتَقِفُ أَعْوَانُ الْقَاضِي بَيْنَ