فَأَوْلَى أَنْ لَا يُنْظَرَ لِجَهْلِهِ بِعَدَدِ الْأَوْلَادِ وَلَا لِعِلْمِهِ بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْبُلْقِينِيُّ وَإِنَّمَا النَّظَرُ لَهُمْ عِنْدَ الْمَوْتِ سَوَاءٌ وَافَقَ عَدَدُهُمْ عِنْدَهُ ظَنَّهُ أَمْ خَالَفَهُ فَإِنْ قُلْت قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ اعْتِبَارُ الْوَصِيَّةِ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ لَمَّا نُقِلَ قَوْلُهُمْ لَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيب ابْنِهِ وَلَا ابْنَ لَهُ وَارِثٌ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ قَالَ لَوْ كَانَ لَهُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ ابْنٌ وَارِثٌ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَهُ يُنْظَرُ إلَى حَالَةِ الْإِيصَاءِ أَوْ الْمَوْتِ وَالْقَلْبُ إلَى الْأَوَّلِ أَمْيَلُ اهـ.

قُلْت الْأَوْجَهُ هُنَا أَيْضًا الِاعْتِبَارُ بِوَقْتِ الْمَوْتِ وَبِهِ يُصَرِّحُ قَوْلُ الدَّارِمِيِّ وَإِنْ اسْتَشْكَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ إنَّهُ لَمْ يَرَهُ لِغَيْرِهِ لَوْ قَالَ بِمِثْلِ نَصِيب أَحَدِ وَلَدِي وَلَهُ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ وَكَافِرٌ وَعَبْدٌ وَقَاتِلٌ فَلَا شَيْءَ فَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ وَأَسْلَمَ الْكَافِرُ قَبْلَ الْمَوْتِ فَلَهُ مِثْلُ نَصِيب الْأَقَلِّ اهـ.

فَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي أَنَّ لَهُ وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ بِحَالَةِ الْمَوْتِ لَا الْوَصِيَّةِ فَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْته وَيَتَبَيَّنُ أَنَّهُ الْمَنْقُولُ فَاعْتَمِدْهُ إذَا عَرَفْت جَمِيعَ مَا قَرَّرَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي أَوْلَادِ مُحَمَّدٍ الْمُوصَى لَهُمْ بِمِثْلِ نَصِيب أَبِيهِمْ لَوْ كَانَ حَيًّا عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُمْ إنَّمَا هِيَ بِالرُّبُعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ نَظَرًا إلَى تَقْدِيرِ ابْنٍ ثَانٍ وَكَأَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ ابْنَيْنِ وَبِنْتَيْنِ وَأَوْصَى لِأَوْلَادِ مُحَمَّدٍ بِمِثْلِ نَصِيب أَبِيهِمْ وَالثُّلُثُ عَلَى الضَّعِيفِ نَظِيرًا إلَى عَدَمِ ذَلِكَ التَّقْدِيرِ اتَّضَحَ لَك مَا قُرِّرَ فِي مَسْأَلَةِ السُّؤَالِ الَّتِي هِيَ عَيْنُ مَسْأَلَةِ الْبُلْقِينِيُّ هَذِهِ مِنْ أَنَّ الْمُوصَى بِهِ لِأَوْلَادِ الْوَلَدِ إنَّمَا هُوَ السُّبُعَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ نَظَرًا إلَى تَقْدِيرِ ابْنٍ ثَانٍ وَكَأَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ ابْنَيْنِ وَبِنْتًا وَأَوْصَى لِأَوْلَادِ وَلَدِهِ بِمِثْلِ نَصِيب أَبِيهِمْ لَوْ كَانَ حَيًّا إذْ بِهَذَا الْفَرْضِ يَكُونُ الْمُوصَى بِهِ السُّبُعَيْنِ بِلَا شَكٍّ وَالْخُمُسَيْنِ عَلَى الضَّعِيفِ نَظَرًا إلَى عَدَمِ ذَلِكَ التَّقْدِيرِ وَحِينَئِذٍ فَالْمُفْتِي بِالْخُمُسَيْنِ مَعَ وُجُودِ مِثْلِ مُفْتٍ بِوَجْهٍ ضَعِيفٍ مَعْدُومٌ مِنْ الْمَذْهَبِ بَلْ مَحْكِيٌّ عَنْ الْأَصْحَابِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ عِنْدَهُمْ خِلَافُهُ فَلْيَكُنْ ذَلِكَ الْإِفْتَاءُ فِي حَيِّزِ النَّبْذِ وَالطَّرْحِ عُقُوبَةً لِمُسْتَحِلِّهِ حَتَّى لَا يَعُودَ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ وَتَمَسُّكُهُ بِالْعُرْفِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ سَيَأْتِي رَدُّهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى جَوَابِهِ وَسَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَجْوِبَةِ مَا يَزِيدُ ذَلِكَ وُضُوحًا وَبَيَانًا.

(الْكَلَامُ عَلَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ) قَوْلُهُ فَلَهُمْ سُبُعَا تَرِكَةِ الْمُوصِي إلَخْ هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ وَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِهِمَا سَبْقُ قَلَمٍ أَوْ أَنَّ نُسْخَتَهُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مُحَرَّفَةٌ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا إلَى نَصِيبِهِمَا وَلَمْ يُدْرِكْ تَحْرِيفَهَا فَبَادَرَ إلَى كِنَايَةِ مَا فِيهَا مِنْ غَيْرٍ تَأَمُّلٍ وَالصَّوَابُ مَا فِيهِ وَهُوَ لَوْ أَوْصَى وَلَهُ ابْنٌ بِمِثْلِ نَصِيب ابْنٍ ثَانٍ لَوْ كَانَ فَهِيَ بِالثُّلُثِ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ وَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيب أَحَدِهِمَا فَإِنَّ هَذِهِ هِيَ الَّتِي نَظِير الْمَسْأَلَةِ وَبَيَانُهُ أَنَّهُ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ يُقَدَّرُ وُجُودُ الْمُشَبَّهِ بِهِ ثُمَّ يُزَادُ مِثْلُ نَصِيبِهِ لِلْمُوصَى لَهُ فَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ بِالثُّلُثِ وَإِذَا كَانَتْ فِيهِ بِالثُّلُثِ لَزِمَ كَوْنُهَا فِي مَسْأَلَةِ السُّؤَالِ بِالسُّبْعَيْنِ لِأَنَّك تُقَدِّرُ وُجُودَ أَبِيهِمْ ثُمَّ تَزِيدُ مِثْلَ نَصِيبِهِ وَإِذَا قَدَّرْت وُجُودَهُ كَانَ لَهُ الْخُمُسَانِ مِنْ خَمْسَةٍ فَتَزِيدُ عَلَيْهَا اثْنَيْنِ لِلْمُوصَى لَهُمْ فَيَكُونُ لَهُمْ اثْنَانِ مِنْ سَبْعَةٍ فَاتَّضَحَ أَنَّ مَا ذَكَرْته هُوَ النَّظِيرُ لَا مَا ذَكَرَهُ ذَلِكَ الْمُفْتِي إذْ لَا مُشَابَهَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ السُّؤَالِ بِوَجْهٍ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ جَلِيٌّ قَوْله نَعَمْ إنْ قَالَ الْمُوصِي أَوْلَادُ ابْنِي عَلَى مِيرَاثِ أَبِيهِمْ إلَخْ عَجِيبٌ مِنْهُ مَعَ إفْتَائِهِ بِالسُّبْعَيْنِ فِي أَوْصَيْت لَهُمْ بِمِيرَاثِ أَبِيهِمْ.

وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ لِأَنَّهُ إنْ جَرَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِ وَحَذْفِهَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ أَوْ عَلَى خِلَافِهِ الَّذِي حَكَاهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ الْأَصْحَابِ فَكَذَلِكَ فَمَا الْمَعْنَى الَّذِي أَوْجَبَ التَّفْرِقَةَ الْمَذْكُورَةَ وَكَأَنَّهُ تَخَيَّلَ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِنَحْوِ أَوْصَيْت كَانَ ذَلِكَ قَرِينَةً عَلَى تَقْدِيرِ الْمِثْلِ وَإِذَا لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دَاعٍ لِتَقْدِيرِهَا وَهَذِهِ غَفْلَةٌ ظَاهِرَةٌ عَنْ مَأْخَذِهِمْ فِي تَقْدِيرِ الْمِثْلِ وَهُوَ وُرُودُ الْوَصِيَّةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ بِلَفْظِهَا أَمْ بِمَا يَتَضَمَّنُهُ أَوْ يَسْتَلْزِمُهُ عَلَى مَالِ الْمُوصِي لَا عَلَى مَالِ أَبِيهِمْ الْمَيِّتِ الْمَجْعُولِ لَهُمْ نَصِيبُهُ إذْ لَا مَالَ لَهُ فِي تَرِكَةِ أَبِيهِ لِمَوْتِهِ قَبْلَهُ فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ الْغَرَضُ إلَّا التَّقْدِيرُ لِمَا يَأْخُذُهُ أَوْلَادُهُ مِنْ تَرِكَةِ جَدِّهِمْ بِمَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ أَبُوهُمْ لَوْ فُرِضَتْ حَيَاتُهُ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَإِذَا كَانَ هَذَا هُوَ مَلْحَظُ الْأَصْحَابِ فِي تَقْدِيرِ الْمِثْلِ فَلَا فَرْقَ كَمَا هُوَ جَلِيٌّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015