بَيْنَ أَنْ يَقُولَ أَوْصَيْت بِمِيرَاثِ أَبِيهِمْ أَوْ هُمْ عَلَى مِيرَاثِ أَبِيهِمْ أَوْ جَعَلْتهمْ عَلَى مِيرَاثِهِ لِأَنَّ الدَّاعِي الَّذِي ذَكَرْته أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ مَوْجُودٌ فِي كُلٍّ مِنْ الصِّيَغِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا لِمُجَرَّدِ ذَلِكَ الْأَمْرِ الْمُتَخَيَّلِ خَطَأٌ صُرَاحٌ لَا وَجْهَ لَهُ فَالصَّوَابُ أَنَّ لِأَوْلَادِ الِابْنِ السُّبْعَيْنِ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَالِ نَعَمْ فِي صَرَاحَةٍ هُمْ عَلَى مِيرَاثِ أَبِيهِمْ أَوْ جَعَلْتهمْ عَلَى مِيرَاثِهِ لَوْ كَانَ حَيًّا نُظِرَ وَإِنَّمَا تَتَّضِحُ صَرَاحَتُهُمَا أَنْ ضُمَّ إلَى ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِي.

وَأَمَّا بِدُونِهِ فَلَا بَلْ لَا يَبْعُدُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ لِاحْتِمَالِهِ فَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ هَذَا لِفُلَانٍ مِنْ مَالِي الْمُصَرَّحِ فِيهِ بِأَنَّهُ كِنَايَةٌ لِاحْتِمَالِهِ الْهِبَةَ النَّاجِزَةَ وَالْوَصِيَّةَ فَإِنْ قُلْت التَّعْبِيرُ بِالْمِيرَاثِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ بَعْدَ مَوْتِي فَلْيَكُنْ ذَلِكَ صَرِيحًا لِذَلِكَ قُلْت كَوْنُهُ بِمَنْزِلَتِهِ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ إنَّمَا يُفْهِمُ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الِاسْتِلْزَامِ لَا الصَّرَاحَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ لَا سِيَّمَا وَتَقْدِيرُ مِثْل الَّذِي سَبَقَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ يُبْعِد ذَلِكَ الِاسْتِلْزَامَ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ لَا تَقْتَضِي التَّسَاوِي فِي سَائِرِ الِاعْتِبَارَاتِ فَاتَّضَحَ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْمِيرَاثِ لَا يُسَاوِي التَّعْبِيرَ بِبَعْدِ مَوْتِي فَلَمْ يَتَّجِهْ إلْحَاقُهُ بِهِ فِي الصَّرَاحَةِ.

(الْكَلَامُ عَلَى الْجَوَابِ الثَّانِي) قَوْلُهُ وَلَهُ ابْنٌ وَارِثٌ فِيهِ إيهَامُ أَنَّ هَذَا قَيْدٌ فِي ذِكْرِ الْمِثْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ جَارٍ عِنْدَ حَذْفِهِ أَيْضًا قَوْلُهُ بِمِثْلِ نَصِيب ابْنِي صَحَّ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ إلَخْ فِيهِ تَحْرِيفٌ قَبِيحٌ وَصَوَابُهُ بِمِثْلِ نَصِيب ابْنٍ بِالتَّنْوِينِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الصِّحَّةِ فِي هَذِهِ وَالْبُطْلَانِ فِي بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِي وَلَا ابْنَ لَهُ وَارِثٌ بِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ تَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا رَبَطَ الْوَصِيَّةَ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ لَهُ مَوْجُودٌ لَهُ نَصِيبٌ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ابْنٌ كَذَلِكَ لَغَتْ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُوصِي وَأَمَّا إذَا لَمْ يُضِفْهُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ ذَلِكَ وَإِذَا لَمْ يَعْتَبِرْهُ فَتَصْحِيحُ اللَّفْظِ مَا أَمْكَنَ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ وَهُوَ هُنَا مُمْكِنٌ بِتَقْدِيرِ نَصِيب ابْنٍ لِي لَوْ كَانَ فَاتَّضَحَتْ الصِّحَّةُ هُنَا وَالْبُطْلَانُ فِيمَا مَرَّ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ لَوْ قَالَ أَعْطُوا فُلَانًا شَاةً فَمَاتَ وَلَا غَنَمَ لَهُ اشْتَرَيْت لَهُ شَاةً وَإِنْ قَالَ شَاةً مِنْ غَنَمِي فَمَاتَ وَلَا غَنَمَ لَهُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ هُنَا اعْتَبَرَ وُجُودَ غَنَمٍ لَهُ يُعْطِي مِنْهَا فَإِذَا لَمْ تُوجَدْ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِعَدَمِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَثَمَّ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ فَاشْتَرَيْت لَهُ تَصْحِيحًا لِلَّفْظِ مَا أَمْكَنَ قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ إلَخْ كَلَامٌ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ مِنْ وُجُوهٍ عَدِيدَةٍ لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى اشْتِغَالٍ وَآفَةُ الْمُبَادَرَةِ إلَى مِثْلِ هَذَا السَّفْسَافِ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْبُلْقِينِيُّ وَأَيُّ جَامِعٍ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيِّ وَصُورَةِ السُّؤَالِ سِوَى مُجَرَّدِ الصِّحَّةِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهَا بَلْ فِي قَدْرِ حِصَّةِ مَا لِلْمُوصَى لَهُمْ وَلَيْسَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيِّ تَعَرُّضٌ لِمُقَدَّرٍ أَصْلًا بَلْ لِمُجَرَّدِ الصِّحَّةِ كَمَا صَرَّحَ هَذَا الْمُفْتِي بِهِ وَإِذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا تَعَرُّضٌ لِغَيْرِ الصِّحَّةِ فَكَيْفَ يَقِيسُهَا عَلَيْهَا وَيُسْتَنْتَجُ مِنْ الْقِيَاسِ أَنَّ لِلْمُوصَى لَهُمْ خُمُسُ التَّرِكَةِ هَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي صُدُورُهُ مِنْ عَاقِلٍ فَضْلًا عَنْ فَاضِلٍ وَقَوْله لَوْ كَانَ حَيًّا عَجِيبٌ أَيْضًا فَإِنَّ هَذَا مُصَرَّحٌ بِهِ فِي لَفْظِ الْمُوصِي كَمَا فِي السُّؤَالِ وَقَوْلُهُ فَالْمُوصَى بِهِ خُمُسَا التَّرِكَةِ مُفَرَّعٌ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ إذْ الَّذِي قَبْلَهُ لَا يَقْتَضِيه بِوَجْهٍ وَقَوْلُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى الضَّابِطِ إلَخْ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ هُوَ نَاشِئٌ عَنْ عَدَمِ فَهْمِ ذَلِكَ الضَّابِطِ وَإِلَّا فَهُوَ صَرِيحٌ فِي السُّبْعَيْنِ لَا الْخُمُسَيْنِ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْأَصْحَابِ لَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيب أَحَدِ أَبْنَائِهِ فُرِضَ كَابْنٍ آخَرَ مَعَهُمْ فَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَالْوَصِيَّةُ بِالرُّبُعِ أَوْ أَرْبَعَة فَبِالْخُمُسِ وَهَكَذَا وَضَابِطُهُ أَنْ تُصَحَّحَ الْفَرِيضَةُ إلَخْ فَهَذَا فِي ابْنٍ مَوْجُودٍ فَفِي مَعْدُومِ قَدْرِ وُجُودِهِ يُفْرَضُ وُجُودُهُ ثُمَّ يُزَادُ مِثْلُ نَصِيبِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ أَيْضًا لَوْ كَانَ لَهُ ابْنٌ وَأَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِثْلِ نَصِيب ابْنٍ ثَانٍ لَوْ كَانَ أَوْ ابْنَانِ وَأَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِثْلِ نَصِيب ابْنٍ ثَالِثٍ لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ فِي الْأُولَى الثُّلُثُ وَفِي الثَّانِيَةِ الرُّبْعُ وَكَأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيب أَحَدِ ابْنَيْهِ فِي الْأُولَى أَوْ أَحَدِ بَنِيهِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَمْ يُقَسَّمْ بِالِاتِّفَاقِ إلَّا مَا قَرَّرْنَاهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ التَّقْدِيرِ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ لَهُ فِي الْأُولَى النِّصْفُ وَفِي الثَّانِيَةِ الثُّلُثُ وَمَرَّ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَنَّ مَقَالَتَهُ هَذِهِ لَيْسَتْ مَعْدُودَةً مِنْ الْمَذْهَبِ اتِّفَاقًا فَعَلَى هَذِهِ الْمَقَالَةِ الشَّاذَّةِ الَّتِي اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْمَذْهَبِ يَصِحُّ مَا قَالَهُ هَذَا الْمُفْتِي لِأَنَّ مَلْحَظَ الْخِلَافِ أَنَّ الْمُوصِي بِنَصِيبِهِ هَلْ يُجْعَلُ مِنْ الْوَرَثَةِ اعْتِبَارًا لِلْمُمَاثَلَةِ بِمَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَعِبَارَةُ الْإِمَامِ بِمَا قَبْلَ الْوَصِيَّةِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ أَوْ يُقَدَّرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015