الْجَوَابَ حَتَّى يُرَاجِعَ كُتُبَ الْأَصْحَابِ اهـ كَلَامُ الْبُلْقِينِيُّ إذَا تَأَمَّلْته مَعَ الْإِفْتَاءِ السَّابِقِ بِالْخُمُسَيْنِ وَجَدَتْ الشُّبْهَةَ الَّتِي رَاجَتْ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ الْمَعَاصِرِ لِلْبُلْقِينِيِّ هِيَ بِعَيْنِهَا الَّتِي رَاجَتْ عَلَى ذَلِكَ الْمُفْتِي بِالْخُمُسَيْنِ فَالْآفَةُ فِيهِمَا وَاحِدَةٌ وَهِيَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْإِهْمَالِ وَعَدَمِ التَّثَبُّتِ وَالتَّرَوِّي وَالْحَامِلُ عَلَيْهِمَا وَاحِدٌ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ أَيْضًا مِنْ رُؤْيَةِ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ وَأَنَّهُ لَا أَعْلَمَ مِنْهُ وَأَنَّهُ إذَا فَهِمَ شَيْئًا لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ خَطَأٌ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَقْبَحِ الْأَخْلَاقِ الَّتِي يَجِبُ اجْتِنَابُهَا وَأَشْنَعِ الْأَوْصَافِ الَّتِي لَا يَرْضَى بِهَا إلَّا مَنْ شَدَّتْ عَلَيْهِ الشَّقَاوَةُ أَطْنَابَهَا ثُمَّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا حَاصِلُهُ وَقَدْ آنَ كَشْفُ قِنَاعِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيَانُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُشْكِلَةً وَذَلِكَ مُنْحَصِرٌ فِي أَرْبَعَةِ أَبْحَاثٍ الْأَوَّلُ أَنَّ أَوْلَادَ مُحَمَّدٍ هَلْ يُجْعَلُونَ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِمْ، وَيَكُونُ لَهُمْ مَا يَسْتَحِقُّهُ أَبُوهُمْ لَوْ كَانَ حَيًّا فَهُوَ الْمُوصَى بِهِ لَهُمْ
أَوْ يُقَدَّرُ كَأَنَّ أَبَاهُمْ حَيٌّ وَكَأَنَّ الْمُوصِي مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ وَبِنْتَيْنِ وَأَوْصَى لِأَوْلَادِ مُحَمَّدٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَبِيهِمْ وَحُكْمُ ذَلِكَ يُعْرَفُ مِنْ مَسْأَلَةٍ قَرَّرَهَا الْأَصْحَابُ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ لِلشَّخْصِ ابْنٌ وَأَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ ثَانٍ أَوْ ابْنَانِ وَأَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ ثَالِثٍ لَوْ كَانَ فَالْمَعْرُوفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ لِزَيْدٍ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى الثُّلُثَ وَفِي الثَّانِيَةِ الرُّبُعَ فَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ بَيْنَ الْأَصْحَابِ وَوَجْهُهُ أَنَّا نُقَدِّرُ ابْنًا آخَرَ مَوْجُودًا وَكَأَنَّهُ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ ابْنَيْهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، أَوْ أَحَدِ بَنِيهِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَمْ يُقَسَّمْ بِالِاتِّفَاقِ إلَّا مَا قَرَرْنَاهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ التَّقْدِيرِ وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ لِزَيْدٍ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى النِّصْفُ وَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ الثُّلُثُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّ هَذِهِ الْحِكَايَةَ عَنْ الْأُسْتَاذِ حَكَاهَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَنْهُ قَالَ الْإِمَامُ وَهَذَا الَّذِي حَكَاهُ عَنْ الْأُسْتَاذِ مُتَّجِهٌ مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى مُخْتَلٌّ جِدًّا مِنْ صِيغَةِ اللَّفْظِ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مَعْدُودًا مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْأُسْتَاذُ مَسْبُوقٌ فِيهِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ عَلَى مُخَالَفَتِهِ فَإِنْ صَارَ إلَى مَذْهَبِ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَيْ: كَمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فَهُوَ مَذْهَبٌ مِنْ الْمَذَاهِبِ وَلَيْسَ مَعْدُودًا مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ مَا نَقَلَ عَنْهُ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ فَلَا يُظَنُّ بِهِ عَلَى عُلُوِّ قَدْرِهِ مُخَالَفَةُ الْإِجْمَاعِ وَلَعَلَّهُ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ إظْهَارُ الْوَجْهِ مِنْ الِاحْتِمَالِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْتَقِدَهُ مَذْهَبًا اهـ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ الْمُوصَى بِهِ لِأَوْلَادِ مُحَمَّدٍ إنَّمَا هُوَ الرُّبُعُ وَكَأَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ ابْنَيْنِ وَابْنَتَيْنِ وَأَوْصَى لِأَوْلَادِ مُحَمَّدٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَبِيهِمْ وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إلَّا الرُّبُعُ بِالِاتِّفَاقِ وَعَلَى وَجْهِ أَبِي إِسْحَاقَ لِلْمُوصَى لَهُمْ بِهِ الثُّلُثُ لَا بِالْمَعْنَى الَّذِي فَهِمَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ بَلْ لِمَا يَأْتِي فِي الْبَحْثِ الثَّانِي
وَبِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ لَك مُخَالَفَةُ مَا أَفْتَى بِهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ لِلْأَصْحَابِ كُلِّهِمْ وَاعْلَمْ أَنَّ الَّذِي فِي السُّؤَالِ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَبِيهِمْ وَلَيْسَ ذِكْرُ الْمِثْلِ بِشَرْطٍ بَلْ لَوْ حَذَفَهُ لَكَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ نَظِيرَ مَا إذَا كَانَ لَهُ ابْنَانِ وَأَوْصَى لِزَيْدٍ بِنَصِيبِ ابْنٍ ثَالِثٍ لَوْ كَانَ فَقَدْ قَالَ الرَّافِعِيُّ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا أَضَافَ إلَى الْوَارِثِ الْمَوْجُودِ وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ ابْنٌ وَارِثٌ فَأَوْصَى لِزَيْدٍ بِنَصِيبِ ابْنِهِ وَهُوَ قَدْ قَدَّمَ فِيهَا وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْبَغَوِيِّ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَالرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَبِهِ قَطَعَ أَبُو مَنْصُورٍ صِحَّتَهَا أَيْ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ الَّذِي صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْمُرَابَحَةِ وَإِذَا صَحَّحَ مَعْنَاهَا فَهِيَ وَصِيَّةٌ بِالنِّصْفِ عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ بِالْكُلِّ حَكَاهُ الْبَغَوِيّ إذَا عَرَفْت ذَلِكَ فَنَقُولُ لَوْ أَوْصَى لِأَوْلَادِ مُحَمَّدٍ بِنَصِيبِ أَبِيهِمْ لَوْ كَانَ حَيًّا فَعَلَى مَا قَالَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ الْقِيَاسُ
وَفَرَّعْنَا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَيْ: وَهُوَ الضَّعِيفُ تَكُونُ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةً وَعَلَى الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْفَتْوَى تَكُونُ الْوَصِيَّةُ صَحِيحَةً وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ إلَخْ إمَّا أَنْ يُرِيدَ الْوَجْهَيْنِ فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا أَنْ يُرِيدَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمُقَدَّرِ وَقَدْ قَرَّرَ فِي الْمُقَدَّرِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهَا وَصِيَّةٌ بِالنِّصْفِ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْمَعْنَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِي وَعَلَى هَذَا فَلَا فَرْقَ فِي مَسْأَلَةِ نَصِيب ابْنٍ ثَالِثٍ بَيْنَ إثْبَاتِ لَفْظَةِ مِثْل وَحَذْفِهَا لَكِنْ حَكَى الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا فَقَالُوا إذَا أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِهِ دُفِعَ إلَيْهِ نَصِيبُهُ لَوْ