وَغَيْرُهُ حَمْلًا عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى بِمِثْلِ نَصِيبِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْوَسِيطِ حَيْثُ قَالَ: إذَا أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ وَلَهُ ابْنٌ وَاحِدٌ فَلَهُ النِّصْفُ حَتَّى يَتَمَاثَلَا فَإِنْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ فَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فَلَهُ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَبِالرُّبُعِ، وَبِالْجُمْلَةِ تُرَاعَى الْمُمَاثَلَةُ عِنْدَنَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَقَالَ مَالِكٌ: هُوَ وَصِيَّةٌ بِحِصَّةٍ لِابْنٍ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَإِنْ كَانُوا ابْنَيْنِ فَبِالنِّصْفِ أَوْ ثَلَاثَةً فَبِالثُّلُثِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مُحْتَمَلٌ وَهُوَ الْأَقَلُّ فَيُؤْخَذُ بِهِ، وَلَوْ أَوْصَى بِنَصِيبِ وَلَدِهِ كَانَ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ وَلَدِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ بِالْمُسْتَحَقِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ: بِعْتُ بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ صَحَّ وَكَانَ مَعْنَاهُ بِمِثْلِهِ انْتَهَتْ عِبَارَةُ الْوَسِيطِ إذَا عَرَفْتَ هَذَا، وَاتَّضَحَ لَك مَعْنَاهُ عَلِمْتَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ عَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ إنَّمَا هِيَ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْمَيِّتِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَوْ كَانَ حَيًّا أَمَّا فِي الصِّيغَةِ الثَّانِيَةِ فِي السُّؤَالِ فَوَاضِحٌ، وَوَجْهُهُ يُؤْخَذُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْغَزَالِيِّ فِي احْتِجَاجِهِ عَلَى مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَأَمَّا فِي الصِّيغَةِ الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا أَوْصَى لَهُمْ بِمِيرَاثٍ لَوْ كَانَ حَيًّا فَكَذَلِكَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مِنْ لَازِمِ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ فِيهَا التَّقْدِيرُ بِالْمِثْلِيَّةِ كَمَا عَرَفْتَهُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِنَصِيبِ ابْنِهِ الْحَيِّ فَصَارَتْ كَالصِّيغَةِ الثَّانِيَةِ فِي السُّؤَالِ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا عُلِمَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ إنَّمَا هِيَ بِسُبُعَيْ التَّرِكَةِ
وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مِثْلُ نَصِيبِ الْمَيِّتِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَوْ كَانَ حَيًّا وَهُوَ لَوْ كَانَ حَيًّا كَانَ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ خَمْسَةٍ لِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَانِ وَلِلْبِنْتِ سَهْمٌ فَزِدْنَا عَلَيْهِ مِثْلَ نَصِيبِ أَبِيهِمْ وَهُوَ سَهْمَانِ، وَذَلِكَ سُبُعَا التَّرِكَةِ وَهَذَا كَافٍ فِي الْجَوَابِ عَلَى صُورَةِ السُّؤَالِ لِمَنْ فَهِمَ كَلَامَ الْأَصْحَابِ بَلْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَئِمَّةُ كَالشَّيْخَيْنِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ
لَوْ أَوْصَى وَلَهُ ابْنٌ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ ثَانٍ لَوْ كَانَ فَالْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ أَوْ وَلَهُ ابْنَانِ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ ثَالِثٍ لَوْ كَانَ فَالْوَصِيَّةُ بِالرُّبُعِ وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي الْأُولَى بِالنِّصْفِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِالثُّلُثِ وَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ قَوْلِهِ: بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ ثَانٍ أَوْ ثَالِثٍ لَوْ كَانَ، وَبَيْنَ أَنْ يَحْذِفَ لَفْظَةَ مِثْلُ، فَيَقُولُ: بِنَصِيبِ ابْنٍ الْقِيَاسُ أَنَّهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا أَضَافَ إلَى الْوَارِثِ الْمَوْجُودِ، وَحَكَى الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا فَقَالُوا: إذَا أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِهِ دُفِعَ إلَيْهِ نَصِيبُهُ لَوْ كَانَ زَائِدًا عَلَى أَصْلِ الْفَرِيضَةِ، وَإِذَا أَوْصَى بِنَصِيبِهِ دُفِعَ إلَيْهِ لَوْ كَانَ مِنْ أَصْلِ الْفَرِيضَةِ فَعَلَى هَذَا إذَا أَوْصَى بِنَصِيبٍ ثَالِثٍ لَوْ كَانَ فَالْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ، وَلَوْ قَالَ: بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ ثَالِثٍ لَوْ كَانَ فَبِالرُّبُعِ كَمَا سَبَقَ
وَلَوْ أَوْصَى وَلَهُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ بِمِثْلِ نَصِيبِ بِنْتٍ لَوْ كَانَتْ فَالْوَصِيَّةُ بِالثُّمُنِ وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ: بِالرُّبُعِ انْتَهَتْ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَالْمُعْتَمَدُ
مَا قَالَ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ الْقِيَاسُ وَهُوَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَأْتِيَ بِلَفْظَةِ مِثْل أَوْ يَحْذِفَهَا لَا مَا حَكَاهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ مِنْ الْفَرْقِ وَقَدْ جَرَى عَلَى مَا ذَكَرَاهُ فِي الرَّوْضِ، وَأَقَرَّهُ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِهِ، وَوَجْهُ مَا قَالَ أَنَّهُ الْقِيَاسُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُوصِيَ أَرَادَ الْمُمَاثَلَةَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ بَعْدَهَا وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي هُوَ الْمُتَيَقَّنُ فَوَجَبَ الْأَخْذُ بِهِ، وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ كَوْنَ الْوَصِيَّةِ بِسُبُعَيْ التَّرِكَةِ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ صَحِيحًا لَا إشْكَالَ فِيهِ، وَأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَذْكُورَةٌ فِي كَلَامِهِمْ، وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا حُجَّةُ الْإِسْلَامِ فِي وَسِيطِهِ فَقَالَ: بَعْدَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ
وَلَوْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ فَقَالَ: أَوْصَيْتُ لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ ثَالِثٍ لَوْ كَانَ لَا يُعْطَى إلَّا الرُّبُعَ وَكَانَ ذَلِكَ الِابْنُ الْمُقَدَّرُ كَابْنٍ، وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يُعْطَى الثُّلُثَ وَكَأَنَّهُ قَرَّرَهُ مَكَانَهُ انْتَهَتْ عِبَارَةُ الْوَسِيطِ وَهِيَ قَاطِعَةٌ لِكُلِّ رَيْبٍ بِحَمْدِ اللَّهِ وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى الضَّابِطِ السَّابِقِ فَبَانَ أَنَّ الْأَصْحَابَ مُتَّفِقُونَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ أَوْصَيْتُ لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَبِيهِ لَوْ كَانَ حَيًّا إلَّا مَا شَذَّ بِهِ أَبُو إِسْحَاقَ، وَأَنَّ الشَّيْخَيْنِ أَلْحَقَا بِهَا مَا إذَا حُذِفَ لَفْظُ مِثْل، وَوَافَقَهُمَا الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَقَوْلُ السَّائِلِ، وَعُرْفُ الْبَلَدِ إلَخْ. جَوَابُهُ أَنَّ التَّحْقِيقَ فِي ذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ إرَادَةَ الْمُوصِي ذَلِكَ عَمِلَ بِهَا؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ مُحْتَمِلٌ لَهُ، وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى الْمُمَاثَلَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ كَمَا مَرَّ
وَغَايَةُ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ كِنَايَةٌ فِي إرَادَة الْمُمَاثَلَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَالْكِنَايَةُ يُرْجَعُ فِيهَا إلَى النِّيَّةِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَمَنْ تَأَمَّلَ كَلَامَ الْأَصْحَابِ عَلِمَ أَنَّهُ