أَبِيهِ، وَأَنَّ مِيرَاثَ أَبِيهِ لَوْ كَانَ حَيًّا يَكُونُ لَهُ وَلَا يَنْبَغِي لِمُفْتٍ أَنْ يُفْتِيَ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَالْمَعْرُوفُ الْمَعْهُودُ، وَالْمَعْلُومُ عِنْدَ الْقَائِلِ، وَالسَّامِعِ هُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ النَّاشِرِيُّ:، وَالْعُرْفُ قَدْ يَضْعُفُ فَيُطْرَحُ وَقَدْ يَقْوَى فَيُؤْخَذُ بِهِ قَطْعًا وَقَدْ يَبْلُغُ رُتْبَةً يَتَرَدَّدُ فِي قُوَّتِهِ، وَضَعْفِهِ، فَيَثُورُ الْخِلَافُ اهـ.

وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا قَوِيَ فِيهَا الْعُرْفُ فَإِنَّ أَهْلَ جِهَتِنَا إنَّمَا يَقْصِدُونَ مَا ذَكَرْته لَا غَيْرُ

وَقَدْ تَكَلَّمَ الْعُلَمَاءُ فِي الْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ بِالدِّينَارِ فِي بَلَدٍ يَعْتَقِدُونَ الدِّينَارَ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ وَهُوَ فِي الشَّرْعِ الْمِثْقَالُ، وَالْعَوَامُّ لَا يَعْرِفُونَهُ إلَّا أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلتَّنْبِيهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ، وَبَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ مَا حَاصِلُهُ: يَصِحُّ الْبَيْعُ، وَالشِّرَاءُ، وَيَحْصُلُ عَلَى الدِّينَارِ الْمُتَعَارَفِ بَيْنَهُمْ، وَاخْتَارَهُ الْجَيَّانِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَقَالَ: لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِغَيْرِهِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ اهـ.

فَكَذَا فِي مَسْأَلَتِنَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْعَامِّيِّ أَنَّ لِلْحَافِدِ سَهْمًا وَلِوَالِدِهِ سَهْمًا وَهَذَا مِمَّا لَا يَشُكُّ فِيهِ ذُو لُبٍّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْحَافِدَ يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ

وَأَجَابَ بِمَا حَاصِلُهُ مَنْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ لَوْ كَانَ حَيًّا فُرِضَتْ حَيَاتُهُ، وَأَنَّهُ وَرِثَ، وَيُجْعَلُ لِابْنِهِ مِثْلُ مَا يَقَعُ لَهُ زَائِدًا عَلَى الْمَفْرُوضِ، فَيَكُونُ فِيمَنْ لَهُ ابْنٌ، وَبِنْتٌ، وَابْنٌ مَاتَ وَلَهُ ابْنٌ أَوْصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِهِ لَوْ كَانَ حَيًّا، فَيَقَعُ لِلِابْنِ سُبُعَا التَّرِكَةِ، وَلَوْ تَرَكَ لَفْظَةَ مِثْلِ فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ الَّذِي رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ كَالْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ، فَيَكُونُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي ذِكْرِ مِثْلِ وَلَكِنْ حَكَى أَبُو إِسْحَاقَ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ أَنَّ الْأَصْحَابَ جَعَلُوا لِلْمُوصَى لَهُ فِي حَذْفِهَا مِثْلَ نَصِيبِ الْحَيِّ، وَيَكُونُ مَوْضِعُ أَبِيهِ حَيًّا فَفِي مَسْأَلَتِنَا يَكُونُ لَهُ الْخُمُسَانِ، وَمَا قِيلَ: أَنَّ الْقَاضِيَ ابْنَ عَبْسِينَ اعْتَمَدَ هَذَا هُوَ خِلَافُ مَا كَتَبْنَاهُ عَنْهُ أَنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَهُ هُوَ مَا رَجَّحَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّ لَهُ السُّبُعَيْنِ

نَعَمْ فِي السُّؤَالِ صُورَةُ مَا لَوْ أَوْصَى بِكَوْنِ أَوْلَادِ ابْنِهِ عَلَى مِيرَاثِ أَبِيهِمْ، وَاَلَّذِي نَعْتَقِدُهُ فِيهَا أَنَّهُمْ يَكُونُونَ مَوْضِعَهُ لَوْ كَانَ وَلَا يُفْرَضُونَ زَائِدِينَ، فَيَكُونُ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْخُمُسَانِ وَهُوَ مَا نَقَلُوهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ فِي قَوْلِهِ: أَوْصَيْتُ لِابْنِ ابْنِي بِمَا كَانَ نَصِيبَ أَبِيهِ أَنَّهُ يُجْعَلُ مَوْضِعَهُ بِلَا فَرْضٍ، وَزِيَادَةٍ، وَبِمِثْلِ ذَلِكَ نَقُولُ فِيمَا إذَا قَالَ: جَعَلْته مَوْضِعَ أَبِيهِ أَوْ أَقَمْته فِي مَحَلِّهِ فِي إرْثِي فَلَوْ لَمْ يَقُلْ فِي الْكُلِّ إنْ لَمْ يَكُنْ حَيًّا فَاَلَّذِي رَآهُ الْفَقِيهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْسِينَ أَنَّهُ كَمَا لَوْ ذَكَرَهُ، وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ قَالَ: وَهُوَ الَّذِي أَطْبَقَ النَّاسُ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ

وَيُقَدَّرُ أَنَّهُ تَلَفَّظَ بِهِ كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ فِي الْعُمُومِ وَكَمَا يَكْثُرُ التَّقْدِيرُ فِي الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، وَلُغَةِ الْعَرَبِ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَدَعْ الْمُوصَى لَهُ إرَادَةَ الْمُوصِي لِكَوْنِهِ كَالْحَيِّ بِالْأَصْلِ فَإِنْ ادَّعَى ذَلِكَ أَوْ عَلِمَ الْوَارِثُ بِهِ حَلَفَ الْوَارِثُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ إرَادَتَهُ ذَلِكَ فَإِنْ رَدَّهَا حَلَفَ الْمُوصَى لَهُ عَلَى مَا ادَّعَى بِهِ وَاسْتَحَقَّهُ فَإِنْ حَلَفَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَرَدَّ بَعْضٌ فَحَلَفَ هُوَ شَارَكَ مَنْ رَدَّ بِقِسْطِهِ فِيمَا زَادَ وَكَذَلِكَ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ حَيْثُ يُفْرَضُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ وَلَيْسَ عِنْدِي مِنْ الْبَحْثِ غَيْرُ مَا ذُكِرَ، وَأَجَابَ آخَرُ بِمَا حَاصِلُهُ صُورَةُ السُّؤَالِ بِعَيْنِهَا مَذْكُورَةٌ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَلْنُقَدِّمْ مُقَدَّمَةً يَتَّضِحُ بِهَا وَجْهُ الصَّوَابِ

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إذَا أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ وَلَهُ ابْنٌ وَاحِدٌ لَا يَرِثُهُ غَيْرُهُ فَالْوَصِيَّةُ بِالنِّصْفِ إنْ أُجِيزَتْ، وَإِلَّا فَبِالثُّلُثِ وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ أَبْنَاءُ فَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِهِمْ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ابْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا لِرِقٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ

وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لَهُ بِنَصِيبِ ابْنِي فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ، وَالْبَغَوِيِّ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ، وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ، وَالرُّويَانِيِّ، وَبِهِ قَطَعَ أَبُو مَنْصُورٍ صِحَّتَهَا، وَالْمَعْنَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِي فَإِنْ صَحَّحْنَاهَا فَالْوَصِيَّةُ بِالنِّصْفِ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ: بِالْكُلِّ حَكَاهُ الْبَغَوِيّ، وَلَوْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ فَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا أَوْ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ فَالْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ، وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَبِالرُّبُعِ أَوْ أَرْبَعَةً فَبِالْخُمُسِ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ، وَيُجْعَلُ الْمُوصَى لَهُ كَابْنٍ آخَرَ مَعَهُمْ، وَضَابِطُهُ أَنْ تُصَحَّحَ فَرِيضَةُ الْمِيرَاثِ، وَيُزَادَ عَلَيْهَا مِثْلُ نَصِيبِ الْمُوصِي بِمِثْلِ نَصِيبِهِ اهـ.

الْمَقْصُودُ مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَالْأَصَحُّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِنَصِيبِ ابْنِهِ الصِّحَّةُ كَمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ هُنَا، وَالرَّوْضَةِ، وَأَصْلُهَا فِي الْمُرَابَحَةِ، وَتَبِعَهُمَا ابْنُ الْمُقْرِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015