مِنْ حَيْثُ لَا يَحْصُلُ بِهِ ذَلِكَ ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهَا فِي الِاسْتِفْهَامِ لَا تَحْتَمِلُ شَيْئًا مِنْ الْمَعَانِي الْمَذْكُورَةِ، وَفِي التَّمَنِّي يَجُوزُ فِيهِ الْجَمْعُ، وَفِي التَّحْضِيضِ، وَالْعَرْضِ كَالْأَمْرِ فِي الْإِبَاحَةِ، وَالتَّخْيِيرِ بِحَسَبِ الْقَرِينَةِ قَالَ وَلَمَّا كَثُرَ اسْتِعْمَالُ " أَوْ " فِي الْإِبَاحَةِ الَّتِي مَعْنَاهَا جَوَازُ الْجَمْعِ جَازَ اسْتِعْمَالُهَا بِمَعْنَى الْوَاوِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَمْثِلَةٍ ذَكَرَهَا: فَلَفْظَةُ " أَوْ " فِي جَمِيعِ الْأَمْثِلَةِ مُوجِبَةً كَانَتْ أَوْ لَا؟ مُفِيدَةٌ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ أَوْ الْأَشْيَاءِ ثُمَّ قَالَ: فَلَمْ تَخْرُجْ " أَوْ " عَنْ مَعْنَى الْوَحْدَةِ الَّتِي هِيَ مَوْضُوعَةٌ لَهُ اهـ.
وَإِذَا تَأَمَّلْت كَلَامَهُ هَذَا الْمُوَافِقَ لِمَا مَرَّ عَنْ التَّلْوِيحِ، وَالْمُفَصَّلِ مِنْ أَنَّ " أَوْ " إنَّمَا هِيَ مَوْضُوعَةٌ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْ مَوَاضِعِهَا بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ لِمَعْنَى الْوَحْدَةِ فَهِيَ لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ أَوْ الْأُمُورِ، وَجَوَازُ الْجَمْعِ، وَامْتِنَاعُهُ إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ مَحَلِّ الْكَلَامِ، وَدَلَالَةِ الْقَرَائِنِ كَمَا بَيَّنَهُ الرَّضِيُّ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ فِي التَّحْقِيقِ كَمَا يَظْهَرُ بِتَأَمُّلِهِ عَلِمْت اتِّجَاهَ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ أَوْصَيْت بِهَذَا لِزَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو بَاطِلٌ كَقَوْلِهِ: لِأَحَدِ هَذَيْنِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ مَعْنَى " أَوْ " وَمَعْنَى أَحَدٍ مُتَقَارِبَانِ بَلْ مُتَّحِدَانِ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ فِي أَوْ، وَإِذَا بَانَ أَنَّ قَوْلَهُ: " فَالْوَصِيَّةُ بِهَا لِعَقِبِي أَوْ عَقِبِهِ " لَغْوٌ بَاطِلٌ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ قَوْلَهُ " فَإِنْ انْقَرَضُوا فَالْمُرَجَّحُ خِزَانَةُ الْمَغَارِبَةِ " بَاطِلٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُفَرَّعَ عَلَى الْبَاطِلِ بَاطِلٌ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ، وَغَيْرِهِمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ قَبُولُ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَإِنْ رُدَّ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ بَطَلَ الْوَقْفُ قَطْعًا كَالْوَصِيَّةِ، وَالْوَكَالَةِ اهـ.
وَأَيْضًا فَالْمَعْطُوفُ عَلَى الْبَاطِلِ بَاطِلٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ: نِسَاءُ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ، وَأَنْتَ يَا زَوْجَتِي طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: فَإِنْ انْقَرَضُوا إلَخْ إمَّا مُفَرَّعٌ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَهُوَ بَاطِلٌ، فَيَكُونُ هُوَ بَاطِلًا أَيْضًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) عَمَّا إذَا كَانَ لِأَيْتَامٍ قَاصِرِينَ مَالٌ صَارَ إلَيْهِمْ مِنْ وَالِدِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَاجِزٌ شَرْعِيٌّ بِوِصَايَةٍ مِنْ وَالِدِهِمْ وَلَا بِإِقَامَةٍ مِنْ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ فَبَاعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ أَخُوهُمْ الْأَكْبَرُ الْمُتَوَلِّي لِأَمْرِهِمْ الذَّابُّ عَنْهُمْ بِطَرِيقِ الْحِمَايَةِ، وَالرِّعَايَةِ، وَالْخِلَالَةِ، وَالْحُنُوِّ، وَالشَّفَقَةِ، وَاشْتَرَى ذَلِكَ مِنْهُ إنْسَانٌ آخَرُ بِثَمَنٍ اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَاعْتَرَفَ الْبَائِعُ الْمُشَارُ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِتَمَامِهِ وَكَمَالِهِ مِنْ غَيْرِ حِيلَةٍ فِي ذَلِكَ قَبْضًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا مُبَرِّئًا لِذِمَّةِ الْمُشْتَرِي مِنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ، وَمِنْ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ بَرَاءَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً بَرَاءَةَ قَبْضٍ بِطَرِيقِ الْوِصَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى إخْوَتِهِ الْمَذْكُورِينَ مِنْ وَالِدِهِمْ، وَبِأَنَّ الثَّمَنَ الْمَعْقُودَ بِهِ ثَمَنُ الْمِثْلِ لِذَلِكَ، وَبِأَنَّ لِلْأَيْتَامِ الْمَذْكُورِينَ الْحَظَّ، وَالْمَصْلَحَةَ، وَالْغِبْطَةَ فِي بَيْعِ ذَلِكَ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ حَسْبَمَا اعْتَرَفَ الْبَائِعُ الْمَذْكُورُ بِذَلِكَ رِعَايَةً لِمَا يَظْهَرُ بِهِ صِحَّةُ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ كَمَا جَرَتْ عَادَةُ الْمُوَثِّقِينَ بِاسْتِرْعَاءِ مِثْلِ ذَلِكَ، وَتَسْطِيرِهِ فِي الْوَثَائِقِ رِعَايَةً لِمَا سَبَقَ ذِكْرُهُ، وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ شَافِعِيٍّ، وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمُشْتَرِي عَنْ وَرَثَةٍ مُسْتَوْعِبِينَ لِمِيرَاثِهِ شَرْعًا ثُمَّ ادَّعَى الْأَيْتَامُ الْمَبْيُوعُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ بُلُوغِهِمْ، وَرُشْدِهِمْ أَنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَطَالَبُوا وَرَثَةَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ الْمَذْكُورِ لِكَوْنِ الْبَيْعِ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتِ مُسَوِّغَاتِهِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي مِنْهَا كَوْنُ الْبَائِعِ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا، وَمِنْهَا وُجُودُ الْحَظِّ، وَالْمَصْلَحَةِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَمِنْهَا أَنَّ الثَّمَنَ ثَمَنُ الْمِثْلِ لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا عُوِّلَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى اعْتِرَافِ الْبَائِعِ بِهِ عَلَى الصُّورَةِ الْمَشْرُوحَةِ أَعْلَاهُ وَلَمْ يُصْدَرْ إذْنٌ مِنْ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ فِي بَيْعِ ذَلِكَ فَهَلْ دَعْوَى الْأَيْتَامِ،
وَمُطَالَبَتُهُمْ بِمَا ذُكِرَ مَسْمُوعَةٌ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَكْفِي لِصِحَّةِ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ اعْتِرَافُ الْبَائِعِ بِالْمُسَوِّغَاتِ الْمَذْكُورَةِ أَمْ لَا وَإِذَا لَمْ تَجِدْ وَرَثَةُ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً شَرْعِيَّةً تَشْهَدُ بِأَنَّ الْبَائِعَ كَانَ حِينَ الْبَيْعِ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا مَثَلًا وَبِوُجُودِ بَقِيَّةِ الْمُسَوِّغَاتِ الشَّرْعِيَّةِ إذْ ذَاكَ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ، وَبَقَاءُ الْمَبِيعِ فِي مِلْكِ الْأَيْتَامِ، وَاسْتِحْقَاقُهُمْ لِانْتِزَاعِ ذَلِكَ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي أَمْ لَا؟ ، وَإِذَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ، وَانْتَزَعَ الْأَيْتَامُ الْمَبِيعَ الْمَذْكُورَ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ بِمَسْطُورٍ، وَأَرَادَ وَرَثَةُ الْمُشْتَرِي الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ صَدَّقَ الْأَيْتَامُ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ، وَطَالَبُوا بِالثَّمَنِ فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ اعْتِرَافَهُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ عَنْ قَبْضٍ حَقِيقَةً، وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ، وَأَنَّ الثَّمَنَ