(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ هَذَا الْوَقْفُ بَاطِلٌ سَوَاء قَصَدَ تَعْلِيقَ صِحَّةَ الْوَقْفِ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يُعْلَم لَهُ قَصْدٌ أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الصِّيغَةَ ظَاهِرَةٌ فِي الشَّرْطِ وَإِنْ ذَكَرَهُ بَعْد أَنْ صَدَرَ مِنْهُ الْوَقْفُ وَهُوَ قَاصِدٌ عَدَمَ تَعْلِيقِهِ عَلَى شَيْءٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ
(وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ يَسْتَحِقُّ وَقْفًا كَامِلًا بِمُفْرَدِهِ وَشَرَطَ لَهُ الْوَاقِفُ النَّظَرَ بَعْدَهُ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ يَسْتَحِقُّ الْوَقْفَ أَوْلَادُهُ إلَى آخِرِهَا ثُمَّ عَصَبَاتُهُمْ إلَى آخِرِهَا ثُمَّ الْفُقَرَاءُ فَخَرِبَ الْوَقْفُ (بَعْدَ مَوْتِ الْوَاقِفِ) وَلَمْ يَجِد النَّاظِرُ الْمُسْتَحِقُّ مَنْ يَسْتَأْجِرَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَخَشِيَ عَلَى أَنْقَاضِهِ الْفَوْتَ فَأَجَّرَهُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ هَلْ يَصِحّ مِنْهُ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ رَأَى الْحَظَّ وَالْمَصْلَحَة فِي ذَلِكَ وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ سَوَاءٌ أَصَرَفَهَا فِي عِمَارَتِهِ أَمْ لَا لِكَوْنِهِ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي حَيَاتِهِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ.
وَإِذَا قُلْتُمْ بِبُطْلَانِهَا فَهَلْ لِوَرَثَتِهِ أَوْ لِعَصَبَاتِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ الرُّجُوعُ بِالْأُجْرَةِ كُلِّهَا أَوْ بِأُجْرَةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ حَالَ مَوْتِهِ وَإِذَا أَجَّرَهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَأَصْرَفَ بَعْضَهَا فِي عِمَارَتِهِ وَالْبَاقِي أَصَرَفَهُ عَلَى نَفْسِهِ لِكَوْنِهِ يَسْتَحِقُّهُ فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بَعْدَ حَيَاتِهِ وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ وَارِثُهُ بَقِيَّةَ الْأُجْرَةِ مِنْ تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِ وَالْحَالُ أَنَّ الْوَقْفَ وَالتَّرِكَةَ صَارَتْ إلَيْهِ بِمَوْتِهِ وَإِذَا قُلْتُمْ لَهُ ذَلِكَ كَيْف صُورَةُ ذَلِكَ وَهَلْ يَكُونُ حُكْمُ الْوَارِثِ وَالْأَجْنَبِيِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ سَوَاءً أَمْ يَفْتَرِقَانِ وَإِذَا أَصْرَفَ النَّاظِر الْمُسْتَحَقّ مِنْ مَالِهِ بِإِذْنِ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ فِي صَرْفِ عِمَارَتِهِ لِيَرْجِعَ عَلَى رِيعِهِ بِذَلِكَ هَلْ يَسُوغُ مِنْهُ ذَلِكَ أَمْ لَا يَسُوغُ لِكَوْنِهِ يَسْتَحِقّ رِيعَهُ وَيَرُوحُ عَلَيْهِ مَجَّانًا فَإِذَا قُلْتُمْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ كَيْفَ يُحَاسِبُ بِشَيْءٍ يَسْتَحِقُّهُ وَقَدْ أَشْكَلَ عَلَيْنَا ذَلِكَ أَوْضِحُوهُ لَنَا وُضُوحًا شَافِيًا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ يَصِحُّ لِلنَّاظِرِ الْمُسْتَحِقِّ وَحْدَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَكِنَّهُ إذَا مَاتَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ يَنْتَقِلُ لِمَنْ بَعْدَهُ وَهُوَ لَمْ يَرْضَ حَالَ اسْتِحْقَاقِهِ بِإِيجَارِهِ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنْ أَجَّرَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ وَإِنْ مَاتَ مُعْسِرًا وَضَيَّعَ الْأُجْرَةَ جَمِيعَهَا لَكِنَّهَا أَعْنِي مَا يَخُصّ مَا بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ يَصِيرُ لِلطَّبَقَةِ الَّذِينَ بَعْدَهُ وَلَوْ كَانُوا أَوْلَادَهُ دَيْنًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُمْ لَا يَتَلَقَّوْنَ مِنْهُ بَلْ مِنْ الْوَاقِفِ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ آخَرُ قُسِّمَتْ تَرِكَتُهُ بَيْن الْكُلِّ بِالْحِصَّةِ وَحَيْثُ قُدِّمَ اسْتِحْقَاقُ النَّاظِرِ عَلَى الْعِمَارَةِ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ ذَلِكَ فَأَصْرَفَ مِنْ اسْتِحْقَاقِهِ عَلَيْهَا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ لِيَرْجِعَ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا يَرْجِعُ إنْ صَرَفَ مِنْ مَالِهِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَفَائِدَةُ الرُّجُوعِ مَعَ أَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ وَحْدَهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ صَارَ مَا أَصَرَفَهُ دَيْنًا لِوَرَثَتِهِ عَلَى الْوَقْفِ وَكَذَا لَوْ فُرِضَ بُطْلَانُ اسْتِحْقَاقِهِ فِي حَيَاتِهِ فَيَصِيرُ مَا أَصَرَفَهُ دَيْنًا لَهُ عَلَى الْوَقْف فَعُلِمَ أَنَّ كَوْنَهُ الْمُسْتَحِقّ لَا يُنَافِي أَنَّهُ يَثْبُت لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْوَقْفِ.
(وَسُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى أَوْلَادٍ ذُكُورٍ خَمْسَةٍ قَاسِم الرَّجُلِ الرَّشِيدِ وَأَحْمَدَ الرَّجُلِ الرَّشِيدِ أَيْضًا حَسْبَمَا اعْتَرَفَ بِذَلِكَ وَالِدُهُمَا الْوَاقِفُ الْمَذْكُورُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وَإِبْرَاهِيمَ الْمُرَاهِقِ وَحَسَنٍ الْمُمَيِّزِ وَحُسَيْنٍ السُّدَاسِيِّ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنهمْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ لِلذَّكَرِ مِنْهُمْ سَهْمَانِ وَلِلْأُنْثَى سَهْمٌ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لَهُ وَأَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِأَهْلِ دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ تَحْجُبُ أَبَدًا الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا السُّفْلَى {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] فَإِذَا انْقَرَضُوا بِأَسْرِهِمْ وَأَبَادَهُمْ الْمَوْتُ عَنْ آخِرِهِمْ كَانَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينَ الْقَاطِنِينَ بِمَكَّةَ وَالْوَارِدِينَ إلَيْهَا وَجَعَلَ الْوَاقِف الْمَذْكُور النَّظَرَ فِي ذَلِكَ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَمَاتَ الْوَاقِفُ الْمَذْكُورُ ثَمَّ مَاتَ قَاسِمٌ وَتَرَكَ وَلَدًا يُدْعَى جَسَّارًا ثُمَّ مَاتَ جَسَّارٌ الْمَذْكُورُ وَلَمْ يَعْقُب وَمَاتَ أَحْمَدُ وَحُسَيْنٌ وَلَمْ يَعْقُبَا وَالْمَوْجُودُ الْآن مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ ذَكَرَانِ أَخَوَانِ شَقِيقَانِ أَحَدُهُمَا يُدْعَى مُبَارَكًا وَالْآخَرُ يُدْعَى عَلِيًّا مِنْ ذُرِّيَّةِ إبْرَاهِيمَ ابْن الْوَاقِفِ أَحَدِ الْأُخُوَّةِ الْخَمْسَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَبِنْتٌ تُدْعَى شُمَيْسَةَ يَتَّصِلُ نَسَبُهَا بِحَسَنٍ وَلَدِ الْوَاقِفِ فَمَا يَسْتَحِقُّ الْأَخَوَانِ وَمَا تَسْتَحِقُّ شُمَيْسَةُ مِنْ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ هَلْ يَكُونُ بَيْنهمْ أَثْلَاثًا النِّصْف لِلْبِنْتِ وَالنِّصْفُ لِلْأَخَوَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَوْ الْخُمْسُ لِلْبِنْتِ أَمْ