الطَّلْقِ فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُعَوِّضَ أَهْلَ الْوَقْفِ بِمِثْلِ مِسَاحَةِ الْمَسْجِدِ أَوْ بِمِثْلَيْهَا أَوْ يَتْرُكُ رُبْعَهُ كُلَّهُ وَيَكُونُ وَقْفًا عَلَى مُقْتَضَى الْوَقْفِ الْأَوَّلِ فَهَلْ يُثَابُ عَلَى ذَلِكَ وَيَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الْأَثِمِ.

فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَكَيْفَ صُورَةُ ذَلِكَ وَإِنْ قُلْتُمْ لَا فَهَلْ مِنْ حِيلَةٍ أَوْ رُخْصَةٍ وَلَوْ بِتَقْلِيدِ بَعْضِ الْمَذَاهِبِ فِي تَبْقِيَةِ الْمَسْجِدِ وَالِاسْتِمْرَارِ عَلَى عِمَارَتِهِ وَتَعَهُّدِهِ وَلَا تَرَوْا عَلَى الْمَمْلُوكِ بِالسُّؤَالِ عَنْ الرُّخْصَةِ فَالْأَمْرُ كَمَا عَلِمْتُمْ وَلَا يَخْفَى كَمْ مَقْصُودُهُ فَإِنْ قُلْتُمْ لَا رُخْصَةَ وَلَا حِيلَةَ فَهَلْ تُشِيرُونَ بِخَرَابِ الْمَسْجِدِ وَمَنْعِ الصَّلَاةِ فِيهِ أَمْ بِالْبَقَاءِ عَلَى حَالِهِ وَنَكُفُّ عَنْ تَرْمِيمِهِ لَا غَيْرُ؟ وَمَا الْحُكْمُ لَوْ أَنَّ ذَلِكَ الَّذِي بَنَى بَنَى بِإِذْنِ أَرْبَابِ أَهْلِ الْوَقْفِ الْكَامِلِينَ؟ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُمْ وَلَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قُلْتُمْ لَا يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَرْبَابُ الْوَقْفِ مُرَاعَاةً لِحَقِّ مَنْ سَيَأْتِي بَعْدَهُمْ مِنْ بَاقِي الْبُطُونِ فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْمُبَادَرَةُ إلَى هَذِهِ وَرَدُّ الْأَرْضِ إلَى الْحَالَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَوْ أَنَّ الَّذِي بَنَاهُ امْتَنَعَ مِنْ هَدْمِهِ وَحَاوَلَ تَبْقِيَتَهُ وَلَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ فَهَلْ يَجُوزُ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ الصَّلَاةُ وَالْقُعُودُ فِيهِ عَلَى الدَّوَامِ وَيَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِيهِ لِمُرِيدِ الِاعْتِكَافِ فِيهِ أَيْضًا أَوْ لَا وَهَلْ يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ الْمُكْثُ فِيهِ أَوْ لَا وَلَوْ أَنَّ ذَلِكَ الَّذِي بَنَاهُ وَقَفَهُ مَسْجِدًا مَا حُكْمُهُ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ تُوجِبُونَ هَدْمَهُ أَمْ لَا وَلَوْ أَنَّ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ إمَامًا يُصَلِّي بِالْجَمَاعَةِ فِيهِ دَوَامًا فَهَلْ الْأَوْلَى لِلشَّخْصِ الصَّلَاةُ مَعَهُمْ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ ثَوَابِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ أَوْ الْأَوْلَى تَرْكُهُ وَاعْتِزَالُهُ عَنْهُ وَصَلَاتُهُ مُنْفَرِدًا بَيِّنُوا لَنَا ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ يَجِبُ هَدْمُ الْمَسْجِدِ الْمَذْكُورِ عَلَى كُلِّ مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ وَإِعَادَتُهُ عَلَى حَالَتِهِ الْأُولَى لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمَّا وَقَفَ بَعْضَ تِلْكَ الْأَرْضِ لِلْغِرَاسِ أَبْطَلَ سَائِرَ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ بِهَا بِغَيْرِ الْغِرَاسِ فَلَوْ جَوَّزْنَا بِنَاءَ مَسْجِدٍ فِيهَا وَلَوْ بِإِذْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ لَزِمَ إبْطَالُ غَرَضِ الْوَاقِفِ وَتَغْيِيرُ مَعَالِمِ الْوَقْفِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ احْتَاجَ النَّاسُ لِمَسْجِدٍ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَعَوَّضَ بَانِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمَسْجِدِ الْأَوَّلِ أَهْلَ الْوَقْفِ أَضْعَافَهَا أَمْ لَا نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ يُرْفَعَ الْأَمْرُ إلَى حَاكِمٍ يَرَى التَّعْوِيضَ فَإِذَا رُفِعَ إلَيْهِ وَحَكَمَ بِهِ جَازَ بِنَاءُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ وَالصَّلَاةُ فِيهَا وَأَمَّا قَبْلَ الْحُكْمِ بِذَلِكَ فَلَا يَثْبُتُ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ أَحْكَامُ الْمَسْجِدِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُقِرَّ بَانِيهَا عَلَى بِنَائِهَا أَوْ تَرْمِيمِهَا وَلَا الصَّلَاةِ فِيهَا وَلَا الِاعْتِكَافِ لِأَنَّ الْأَرْضَ حِينَئِذٍ مَغْصُوبَةٌ فَيَتَرَتَّبُ عَلَى بَانِيهَا أَحْكَامُ الْغَاصِبِ إثْمًا وَضَمَانًا وَرَدًّا وَغَيْرَهَا وَلَوْ كَانَ بَانِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ يَمْلِكُ بَعْضَ أَرْضِهَا فَوَقَفَ ذَلِكَ الْبَعْضَ مَسْجِدًا ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ فِي حُرْمَةِ الْجُلُوسِ فِيهِ عَلَى الْجُنُبِ لَا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ وَوَقْفُهُ ذَلِكَ الْبَعْضَ مَسْجِدًا لَا يَمْنَعُ حُرْمَةَ الْبِنَاءِ وَوُجُوبَ الْهَدْمِ عَلَيْهِ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ وَيَجِبُ هَدْمُهُ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ صَلَاةٌ وَلَا اعْتِكَافٌ فِيهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَفَ مَا مَلَكَهُ مَسْجِدًا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) فِي وَقْفٍ عَلَى فُطُورِ الْمَسْجِدِ هَلْ يَحِلُّ لِلْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ أَمْ يَخْتَصُّ بِالْفَقِيرِ وَهَلْ يَحِلُّ لِلْمُفْطِرِ الْمَعْذُورِ؟ وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمُقِيمِ بِالْمَسْجِدِ التَّفْضِيلُ بَيْنَ آحَادِ النَّاسِ؟ وَهَلْ يَجُوزُ إخْرَاجُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ مَنْ صَلَّى فِيهِ وَهَلْ يَحِلُّ لِلْعَبِيدِ وَالصِّغَارِ وَمَنْ لَا يُصَلِّي وَإِذَا أَخَذَ بَعْضُ مَنْ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ شَيْئًا وَخَرَجَ بِهِ لِغَيْرِ مَنْ صَلَّى فِيهِ مِنْ غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ أَوْ لِمَنْ لَا يُصَلِّي لَكِنَّهُ حَضَرَ الْمَسْجِدَ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ؟ وَهَلْ يَجُوزُ لِمَنْ أَخَذَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ لِمَنْ لَا يَصُومُ أَوْ يَصْرِفَهُ فِي حَوَائِجِهِ حَوَائِجِهِ وَأَغْرَاضِهِ أَوْ يَبِيعَهُ أَوْ يُبْقِيَهُ لِسُحُورِهِ أَوْ يَتَصَدَّقُ بِهِ؟

بَيِّنُوا لَنَا ذَلِكَ فَقَدْ وَقَفْنَا عَلَى جَوَابَاتٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يَتَحَرَّرْ لَنَا مَا التَّحْقِيقُ فِيهَا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ الْوَقَائِعِ عِنْدَنَا فَبَيِّنُوا لَنَا حُكْمَهَا وَابْسُطُوا لَنَا الْكَلَامَ فِيهَا أَثَابَكُمْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْجَنَّةَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا يَتَّضِحُ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ إلَّا إنْ عُلِمَ لَفْظُ الْوَاقِفِ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْأَوْقَافِ مَنُوطَةٌ بِأَلْفَاظِ الْوَاقِفِينَ دَائِمًا إلَّا إذَا عَرَفْتَ مَقَاصِدَهُمْ كَأَنْ اطَّرَدَتْ عَادَةُ زَمَنِهِمْ بِأَشْيَاءَ مَخْصُوصَةٍ فَتَنْزِلُ عَلَيْهَا أَلْفَاظُهُمْ وَحِينَئِذٍ فَمَا ذُكِرَ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى الْفِطْرِ فِي الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ لِذَلِكَ عَادَةٌ مُطَّرِدَةٌ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ وَعَلَمَ بِهَا الْوَاقِفُ كَانَ وَقْفُهُ مُنَزَّلًا عَلَيْهَا لِتَصْرِيحِ الْأَئِمَّةِ بِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مُنَزَّلَةٌ مَنْزِلَةَ شَرْطِهِ فَحِينَئِذٍ مَا قَصَدْت بِهِ مِنْ الِاخْتِصَاصِ بِالْفَقِيرِ أَوْ الصَّائِمِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015