مَا وَظِيفَةُ النَّاظِرِ فِي الْوَقْفِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ وَظِيفَتُهُ الْعِمَارَةُ وَجَمْعُ الْغَلَّةِ وَقِسْمَتُهَا عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا وَتَوَابِعُ ذَلِكَ لَا نَحْوَ تَنْزِيلِ طَلَبَةٍ لِلدَّرْسِ عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ.

(وَسُئِلَ) عَنْ وَقْفٍ صُورَتُهُ وَقَفَ دَارِهِ الْمُعَيَّنَةَ عَلَى نَفْسِهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ ثُمَّ عَلَى بَنَاتِهِ الْأَرْبَعِ وَمَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ كَانَ نَصِيبُهُ لِمَنْ فِي طَبَقَتِهِ مِنْ إخْوَتِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَعَلَى وَلَدِ وَلَدِ أُخْتِهِ مَحْمُودٍ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ كَانَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ فَإِذَا انْقَرَضُوا كَانَ وَقْفًا عَلَى جَمَاعَةٍ سَمَّاهُمْ.

وَقَالَ فِي كِتَابٍ وَقَفَهُ تُحْجَبُ الطَّبَقَةُ الْأُولَى مِنْ دُونِهَا وَلَا تُحْجَبُ مِنْ دُونِهَا مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ مِنْ أَوْلَادِ مَنْ هُوَ فِي طَبَقَتِهِ إذَا مَاتَ مَنْ هُوَ فِي الطَّبَقَةِ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ عَنْ بَنَاتِهِ الْأَرْبَعِ ثُمَّ مَحْمُودٌ فِي حَيَاتِهِنَّ عَنْ وَلَدٍ ثُمَّ ثَلَاثٍ مِنْهُنَّ لَا عَنْ وَلَدٍ ثُمَّ الرَّابِعَةِ عَنْ أَرْبَعَةِ أَوْلَادٍ لَهَا وَثَلَاثَةِ أَوْلَادِ لِوَلَدٍ لَهَا مَاتَ قَبْلَهَا فَهَلْ يَشْتَرِكُ الْكُلُّ حَتَّى وَلَدُ مَحْمُودٍ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْوَاقِفِ أَنَّ الْوَقْفَ بَعْدَ مَوْتِ بِنْتِ الْوَاقِفِ الْأَخِيرَةِ يَنْتَقِلُ كُلُّهُ إلَى الْأَوْلَادِ الثَّمَانِيَةِ الْمَذْكُورِينَ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِأَنَّ الْوَقْفَ بَعْدَ انْقِرَاضِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى لِسَائِرِ الطَّبَقَاتِ بَعْدَهَا وَبِأَنَّهُ لَا حَجْبَ فِيمَا بَعْدَ الْأُولَى وَبِأَنَّ مَنْ مَاتَ يَكُونُ نَصِيبُهُ لَوَلَدِهِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ لِقَوْلِهِ وَلَا تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ مَنْ هُوَ دُونَهَا إلَخْ الصَّرِيحُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْوَلَدِ نَصِيبُ أَبِيهِ بِفَرْضِ حَيَاتِهِ وَمَحْمُودٌ لَوْ عَاشَ مَعَ أَوْلَادِ بِنْتِ الْوَاقِفِ الْأَرْبَعَةِ كَانَ مُشَارِكًا لَهُمْ بِنَصِّ الْوَاقِفِ وَكَذَا وَلَدُ بِنْتِ الْوَاقِفِ الْمَيِّتِ فِي حَيَاتِهَا لَوْ عَاشَ كَانَ مُشَارِكًا لَهُمْ بِنَصِّ الْوَاقِفِ أَيْضًا فَكَذَا وَلَدُ مَحْمُودٍ وَأَوْلَادِ هَذَا يَكُونُونَ مُشَارِكِينَ لَهُمْ بِنَصِّ الْوَاقِفِ أَيْضًا وَبِمَا قَرَّرْتُهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَأْتِي هُنَا الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ بَيْنَ أَئِمَّتِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ لَفْظَ النَّصِيبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُذْكَرُ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى مَا يَعُمُّ النَّصِيبَ الْمُقَدَّرَ مَجَازُ الْقَرِينَةِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ وَكَادَ السُّبْكِيّ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنْ يَنْقُلَ إجْمَاعَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ عَلَيْهِ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْحَقِيقِيِّ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْقَرَائِنُ فِي ذَلِكَ ضَعِيفَةٌ وَهُوَ الْمَنْقُولُ وَعَلَيْهِ كَثِيرُونَ أَيْضًا لِأَنَّ مَحَلَّ هَذَا الْخِلَافِ كَمَا يَعْلَمهُ مَنْ أَحَاطَ بِحُجَجِ الْفَرِيقَيْنِ فِي لَفْظٍ يَشْمَلُ ذَا النَّصِيبِ الْمُقَدَّرِ وَيَجْعَلُهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَهَذَا لَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَتنَا مَعَ قَوْلِ الْوَاقِفِ وَلَا تَحْجُبُ مَنْ دُونِهَا إلَخْ وَهَذَا وَاضِحٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ عَلَى الْإِشَاعَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَقْفٌ لِلْغِرَاسِ تَبَعًا لِغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الضَّيْعَةِ وَرُبْعُهَا طَلْقٌ وَقَدْ صَارَ لِبَعْضِ أَرْبَابِ الْوَقْفِ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ وَفِي تِلْكَ الْأَرْضِ مَسْجِدٌ صَغِيرٌ بَنَاهُ الْأَوَائِلُ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ صَاحِبُ الثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ حِصَّتَهُ فَاتَّفَقَ أَنَّ أَهْلَ الْبَلَدِ يَتْرُكُونَ تِلْكَ الضَّيْعَةِ بَعْضَ السَّنَةِ مِنْ خَوْفِ الْإِفْرِنْجِ وَلَمْ يَكُنْ فِي هَذِهِ الضَّيْعَةِ مَاءٌ سِوَى بِرْكَةٍ وَاحِدَةٍ بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ الْمَذْكُورِ وَاحْتَاجُوا لِمَسْجِدٍ فَجَاءَ بَعْضُ النَّاسِ وَأَحْدَثَ دَكَّةً شَرْقِيَّ الْمَسْجِدِ بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ لِيُصَلِّيَ النَّاسُ عَلَيْهَا وَجَاءَ آخَرُ وَأَحْدَثَ دَكَّةً أُخْرَى قِبْلِيَّ الْمَسْجِدِ أَيْضًا وَاتَّصَلَتْ الْمَنَافِذُ مِنْ الْمَسْجِدِ إلَى الدَّكَّتَيْنِ وَأَقَامُوا عَلَى هَذَا مُدَّةً. وَلَمَّا رَأَى بَعْضُ أَرْبَابِ الْوَقْفِ حَاجَةَ النَّاسِ إلَى الْمَسْجِدِ وَاسْتَمَرَّتْ عَادَةُ الْبَلَدِ بِالنَّقْلَةِ إلَى هَذِهِ الضَّيْعَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ انْتَهَضَ لِعِمَارَةِ تِلْكَ الْبُقْعَةِ فَأَخْرَبَ الدِّكَّتَيْنِ وَالْمَسْجِدَ وَجَعَلَهُمَا مَسْجِدًا وَقَدْ بَنَاهُ وَخَصَّصَهُ بِالْجِصِّ سَطْحَهُ وَصَحْنَهُ فَمُنْذُ شَرَعَ فِي عِمَارَتِهِ إلَى الْآنَ نَحْوُ اثْنَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَالْآنَ جَمَعَ شَيْئًا مِنْ النُّورَةِ وَأَرَادَ تَرْمِيمَ الْمَسْجِدِ وَتَقْوِيَتِهِ فَأَشَارَ إلَيْهِ بَعْضُ طَلَبَةِ الْعِلْمِ الشَّرِيفِ بِأَنَّ بِنَاءَ الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ رَضِيَ أَهْلُ الْوَقْفِ وَكَانَ الْفَقِيهُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَنْظُرْ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ أَوْ لَمْ يَحْضُرْهُ عِلْمٌ بِالْوَقْفِ وَإِلَّا فَهَذَا الْفَقِيهُ نَفْسُهُ قَدْ رَامَ بِنَاءَ هَذِهِ الْبُقْعَةِ لَمَّا رَأَى حَاجَةَ النَّاسِ إلَى الْمَسْجِدِ فَالْآنَ الْمَسْجِدُ قَدْ بُنِيَ وَالنَّاسُ مُحْتَاجُونَ لَهُ وَلَا فِي الْمَكَانِ مَسْجِدٌ آخَرُ غَيْرُهُ وَقَدْ بَدَا الْخَلَلُ فِي سَطْحِهِ وَشُرَافَاتِهِ إنْ لَمْ يُتَدَارَكْ وَيُتَعَهَّدُ بِالتَّرْمِيمِ وَإِلَّا خَرِبَ رَأْسًا وَأَيْضًا عَامِرُ الْمَسْجِدِ هُوَ صَاحِبُ الرُّبْعِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015