كَالْمَشْرُوطِ وَلَوْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي التَّوْلِيَةِ بَطَلَتْ وَلَمْ يَسْتَحِقَّ الْقَائِمُ بِالْإِمَامَةِ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ يَجْرِ شَرْطٌ وَلَا تَوَاطَآ فَتَبَرَّعَ الْإِمَامُ عَلَى الْوَكِيلِ فَلَا بَأْسَ بِهِ اهـ وَخَالَفَهُمَا التَّقِيُّ السُّبْكِيّ وَغَيْرُهُ فَأَفْتَوْا بِجَوَازِ الِاسْتِنَابَةِ قَالَ السُّبْكِيّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ إذَا اسْتَعَانَ الْمَجْعُولُ لَهُ بِغَيْرِهِ وَعَمِلَ غَيْرُهُ بِقَصْدِ الْإِعَانَةِ مُنْفَرِدًا أَوْ مُشَارِكًا اسْتَحَقَّ الْمَجْعُولُ لَهُ كَمَالَ الْجُعْلِ فَقِيَاسُهُ أَنَّ الْمُسْتَنِيبَ هُنَا يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمَعْلُومِ لِأَنَّ النَّائِبَ مُعَيِّنٌ لَهُ قَالَ لَكِنِّي أَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونَ النَّائِبُ مِثْلَ الْمُسْتَنِيبِ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ لِأَنَّ الْغَرَضِ هُنَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ بِخِلَافِهِ فِي الْجَعَالَةِ إذْ الْغَرَضُ رَدُّ الْعَبْدِ مَثَلًا فَالْعَالِمُ وَالْجَاهِلُ فِيهِ سَوَاءٌ فَإِنْ كَانَ دُونُهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إنْ كَانَتْ التَّوْلِيَةُ شَرْطًا وَإِلَّا اسْتَحَقَّ الْمُبَاشِرُ لِاتِّصَافِهِ بِالْإِمَامَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلِاسْتِحْقَاقِ وَالِاسْتِنَابَةُ فِيهَا تُشْبِهُ التَّوْكِيلَ فِي الْمُبَاحَاتِ وَفِي مَعْنَى هَذَا كُلُّ وَظِيفَةٍ تَقْبَلُ الِاسْتِنَابَةَ كَالتَّدْرِيسِ وَهَذَا فِيمَا لَا يَعْجَزُ عَنْ مُبَاشَرَتِهِ بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا إشْكَالَ فِي الِاسْتِنَابَةِ اهـ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى مُدَرِّسٍ يُقْرِئُ النَّاسَ فِي مَسْجِدٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ كُلَّ يَوْمٍ وَاعْتِيدَ تَرْكُ الْإِقْرَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَهَلْ عَلَيْهِ الْإِقْرَاءُ فِيهِ أَيْضًا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ كُلُّ يَوْمٍ تَصْرِيحٌ بِالْعُمُومِ فَلَا يُتْرَكُ بِعُرْفٍ خَاصٍّ قَالَ ثُمَّ إنْ كَانَ مُرِيدٌ وَالْقِرَاءَةُ مَحْصُورَيْنِ فَلَا بُدٌّ مِنْ اسْتِيعَابِهِمْ وَإِلَّا اكْتَفَى بِثَلَاثَةٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ الْعُرْفُ الْمُطَّرِدُ بِمَنْزِلَةِ الْمَشْرُوطِ فَيَنْزِلُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ فَإِذَا وَقَفَ عَلَى الْمُدَرِّسِ وَالْمُعِيدِ وَالْفُقَهَاءِ بِمَدْرَسَةِ كَذَا نَزَلَ عَلَى مَا يَقْتَضِيه الْعُرْفُ مِنْ التَّفَاوُتِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْفَقِيهِ وَالْأَفْقَهُ وَكَذَلِكَ يَنْزِلُ عَلَى إلْقَاءِ الدَّرْسِ فِي الْغَدَوَاتِ وَلَا يَكْفِي إلْقَاؤُهُ لَيْلًا وَلَا عَشِيَّةً وَلَا ظُهْرًا.

(وَسُئِلَ) عَمَّا إذَا أَجَّرَ مُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ حَانُوتَهُ بِشَرْطِ أَنْ يُعَمِّرَهُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ مَالِهِ وَيَكُونَ مَا أَنْفَقَهُ مَحْسُوبًا لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فَهَلْ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَيُحْسَبُ لَهُ ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرَ الْإِجَارَةِ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ عِنْدَهَا غَيْرُ مُنْتَفِعٍ وَعَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ إذْ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ حَتَّى يُحْسَبَ مِنْهَا مَا أَنْفَقَهُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ هَلْ يَجُوزُ صَرْفُ الرِّيعِ إلَى نَحْوِ نَقْشِهِ وَمُؤَذِّنِيهِ وَقُوَّامِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى النَّقْشِ وَالتَّزْوِيقِ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ وَفِي الْعِدَّةِ أَيْ وَالْحَاوِي وَلَا إلَى أَئِمَّتِهِ وَمُؤَذِّنِيهِ وَيَجُوزُ إلَى قُوَّامِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَيِّمَ لِحِفْظِ الْعِمَارَةِ وَاخْتِصَاصِ الْأَئِمَّةِ وَالْمُؤَذِّنِينَ بِأَحْوَالِ الْمُصَلِّينَ قَالَ وَلَا يَشْتَرِي مِنْهُ الدُّهْنَ بِخِلَافِ الْبَوَارِي قَالَ الرَّافِعِيُّ وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّ مَا يُفْرَشُ حَافِظٌ لِلْعِمَارَةِ وَمَنْفَعَةُ الدُّهْنِ تَخْتَصُّ بِالْمُصَلِّي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَأَكْثَرُ مَنْ تَعَرَّضَ لِلْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِي بِهِ الدُّهْنَ وَلَا الْحُصْرَ وَالتَّجْصِيصَ الَّذِي فِيهِ أَحْكَامٌ مَعْدُودٌ مِنْ الْعِمَارَاتِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مَصْلَحَتِهِ لَمْ يُصْرَفُ إلَى النَّقْشِ وَالتَّزْوِيقِ أَيْضًا وَتَجُوزُ عِمَارَتُهُ وَشِرَاءُ الْحُصْرِ وَالدُّهْنِ وَنَحْوِهِمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْقِيَاسُ جَوَازُ الصَّرْفِ إلَى الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ أَيْضًا وَلَوْ وَقَفَ عَلَى الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا صَحَّ قَالَ الْبَغَوِيّ وَهُوَ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى عِمَارَتِهِ وَفِي الْجُرْجَانِيَّاتِ حِكَايَةُ وَجْهَيْنِ فِي جَوَازِ الصَّرْفِ إلَى النَّقْشِ وَالتَّزْوِيقِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَمَا فَضَلَ عَنْ الْعِمَارَةِ قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَحْفَظُ لِلْمَسْجِدِ وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ يَشْتَرِي بِهِ عِقَارًا وَيُوقَفُ لَهُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى دُهْنِ السِّرَاجِ فِي الْمَسْجِدِ هَلْ يَجُوزُ سِرَاجُهُ جَمِيعَ اللَّيْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَحَدٌ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ جَمِيعَ اللَّيْلِ إنْ انْتَفَعَ مَنْ بِالْمَسْجِدِ وَلَوْ نَائِمًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَحَدٌ وَلَا يُمْكِنُ دُخُولُهُ لَمْ يُسْرِجْ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَجُوزُ إيقَادُ الْيَسِيرِ مِنْ الْمَصَابِيحِ لَيْلًا مَعَ خُلُوِّهِ احْتِرَامًا لَهُ وَتَنْزِيهًا عَنْ وَحْشَةِ الظُّلْمَةِ وَلَا يَجُوزُ نَهَارًا لِمَا فِيهِ مِنْ السَّرَفِ وَالْإِضَاعَةِ وَالتَّشْبِيهِ بِالنَّصَارَى وَمِنْ كَلَامِهِ هَذَا يُؤْخَذُ تَحْرِيمُ إكْثَارِ الْوُقُودِ فِي الْمَسَاجِدِ بِحَيْثُ يَزِيدُ عَلَى الْحَاجَةِ قَطْعًا أَيَّامَ رَمَضَانَ وَنَحْوَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ.

(وَسُئِلَ) عَنْ الْمَدَارِسِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْفُقَهَاءِ هَلْ يَجُوزُ لِغَيْرِهِمْ دُخُولُ أَخْلِيَتِهَا وَالشُّرْبُ مِنْ مَائِهَا وَالْجُلُوسُ فِيهَا أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015