فَلَمْ يُنْظَرْ إلَيْهِ كَمَا أَنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا إلَيْهِ فِي: وَقَفْتُ هَذَا الْمَسْجِدَ، وَصَرْفَهُ لِلْوَارِدِ فِي مَسْجِدٍ مَا لَمْ يَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ فَلِمَ يَنْظُرْ إلَيْهِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَامًّا كَمَا تَقَرَّرَ، فَوَاضِحٌ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مَدْلُولُهُ أَوْ غَيْرُ عَامٍّ بِأَنْ كَانَتْ أَلْ فِيهِ عَهْدِيَّةً فَالْإِبْهَامُ فِيهِ حَاصِلٌ لِلْجَهْلِ بِذَلِكَ الْمَعْهُودِ فَبَطَلَ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ. نَعَمْ لَوْ قَالَ الْوَاقِفُ: أَرَدْتُ مَسْجِدَ كَذَا فَيَظْهَرُ قَبُولُ قَوْلِهِ لِاحْتِمَالِهِ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ التَّحْشِيَةِ فِي الْكُتُبِ الْمَوْقُوفَةِ أَتَجُوزُ أَوْ يُفَرِّقُ بَيْنَ مَحْشٍ وَمَحْشٍ، وَتَحْشِيَةٍ دُونَ تَحْشِيَةٍ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: الْقِيَاسُ مَنْعُ التَّحْشِيَةِ فِي الْكُتُبِ الْمَوْقُوفَةِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَلَى حَوَاشِيهَا اسْتِعْمَالُ لَهَا فِيمَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْوَاقِفُ. وَالْأَصْلُ امْتِنَاعُهُ إلَّا إذَا اقْتَضَتْ

الْمَصْلَحَةُ

خِلَافُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَبْعُدُ جَوَازُهَا إنْ اقْتَضَتْهَا الْمَصْلَحَةُ بِأَنْ كَانَ الْخَطُّ حَسَنًا، وَعَادَ مِنْهَا مَصْلَحَةٌ عَلَى الْكِتَابِ الْمُحَشِّي عَلَيْهِ لِتَعَلُّقِ الْحَوَاشِي بِمَا فِيهِ تَصْحِيحًا أَوْ بَيَانًا وَإِيضَاحًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ سَبَبًا لِكَثْرَةِ مُطَالَعَةِ النَّاسِ لَهُ وَانْتِفَاعِهِمْ بِهِ لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَوْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ لَأَحَبَّهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْثِيرِ الثَّوَابِ لَهُ بِتَعْمِيمِ النَّفْعِ بِوَقْفِهِ وَمَتَى انْتَفَى شَرْطٌ مِمَّا ذَكَرْتُهُ لَمْ تَجُزْ التَّحْشِيَةُ، وَهَذَا كُلُّهُ وَإِنْ لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا لَكِنْ كَلَامُهُمْ فِي بَابِ الْوَقْفِ دَالٌّ عَلَيْهِ، فَإِنْ قُلْتَ قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ: يُكْرَهُ نَقْشُ الْمَسْجِدِ كَمَا فِيهِ أَحْكَامٌ تَبَرُّعًا: جَوَازُ الْحَوَاشِي هُنَا مُطْلَقًا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: يُكْرَهُ أَيْضًا كِتَابَةَ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ فِي قِبْلَتِهِ، قَالَهُ مَالِكٌ اهـ فَكَمَا جَازَ النَّقْشُ فِي جِدَارِهِ مَعَ عَدَمِ إذْنِ الْوَاقِفِ فِيهِ فَكَذَا تَجُوزُ التَّحْشِيَةُ فِي حَوَاشِي الْكِتَابِ الْمَوْقُوفِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْوَاقِفُ فِيهِ. قُلْتُ: النَّقْشُ إنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يُفْعَلَ فِي جِدَارِهِ تَعْظِيمًا لِشَعَائِرِ الْإِسْلَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ حَيْثُ قَالَ: لَيْسَ تَزْوِيقُهُ مِنْ الْمَنَاكِيرِ الَّتِي يُبَالَغُ فِيهَا لِأَنَّهُ يُفْعَلُ تَعْظِيمًا لِشَعَائِرِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ أَبَاحَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إشْغَالِ قَلْبِ الْمُصَلِّي. وَأَمَّا الْحَوَاشِي الَّتِي لَا تَعُودُ مِنْهَا مَصْلَحَةٌ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ فَلَا تَعْظِيمَ فِيهَا فَلِذَلِكَ قُلْنَا بِامْتِنَاعِهَا عَلَى أَنَّ مِنْ شَأْنِ كِتَابَةِ الْحَوَاشِي أَنَّهَا تَضُرُّ بِمَحَلِّهَا مِنْ الْوَرَقِ فَفِيهَا نَوْعُ ضَرَرٍ لِلْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ فَعِنْدَ الْمَصْلَحَةِ يُحْتَمَلُ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ مُحَقَّقَةٌ، وَالْمَضَرَّةُ مَوْهُومَةٌ، وَالْمُحَقَّقُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَوْهُومِ. وَأَمَّا التَّزْوِيقُ فَلَا ضَرَرَ فِيهِ لِلْجِدَارِ بِوَجْهٍ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ مَسْحُهُ وَإِزَالَتُهُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْحَوَاشِي فَاتَّضَحَ الْفَرْقُ بَيْنَ التَّزْوِيقِ وَكِتَابَةِ الْحَوَاشِي.

(وَسُئِلَ) عَنْ وَاقِفَةٍ وُقِفَتْ عَلَى جَمَاعَةِ نِسْوَةٍ نَحْوِ سَبْعَةٍ مَثَلًا عَلَى بَنَاتِهِنَّ وَبَنَاتِ بَنَاتِهِنَّ إنَاثًا غَيْرَ ذُكُورٍ مُرَتَّبًا بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِنَّ عَلَى غَيْرِهِمْ وَقْفًا شَرْعِيًّا ثُمَّ شَرَطَتْ أَنْ يَبْدَأَ بِالْعِمَارَةِ مِنْ رِيعِهِ وَأَنْ يَدْفَعَ لِلْمُسْتَحِقَّاتِ اسْتِحْقَاقَهُنَّ وَأَنْ يَدْفَعَ مِنْ أُجْرَتِهِ لِقَارِئٍ شَرَطَتْهُ فِي وَقْفِهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مَثَلًا فَهَذَا صُورَةُ لَفْظِهَا فِي وَقْفِهَا فَهَلْ يَأْخُذُ الْقَارِئُ الْعَشَرَةَ الْمَشْرُوطَةَ لَهُ أَوْ مَا فَضَلَ بَعْدَ الْعِمَارَةِ قَبْلَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِنَّ وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ يَكُونُ لَهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ كَمَا شَرَطَتْ أَمْ يُوَزَّعُ الْبَاقِي بَعْدَ الْعِمَارَةِ بَيْنَ الْقَارِئِ وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِنَّ بِالسَّوِيَّةِ وَالْقَصْدُ التَّأَمُّلُ الشَّافِي فِي عِبَارَةِ الْوَاقِفَةِ فَإِنَّ مَا فِيهَا تَرْتِيبٌ بَلْ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهَا تَقْدِيمُ اسْتِحْقَاقِ الْقَارِئِ عَلَيْهِنَّ يُدْفَعُ لِلْقَارِئِ مِنْ رِيعِهِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَيُدْفَعُ لِلْمُسْتَحِقَّاتِ اسْتِحْقَاقُهُنَّ أَوْضِحُوا لَنَا ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ مَا فَضَلَ عَنْ الْعِمَارَةِ يُصْرَفُ مِنْهُ لِلْقَارِئِ قَدْرُ أُجْرَةِ مِثْلِ قِرَاءَتِهِ لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ لَا عَمَلَ عَلَيْهِ وَمَا فَضَلَ عَنْ أُجْرَةٍ مِثْلِهِ مِمَّا سَمَّاهُ لَهُ الْوَاقِفُ إنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ يُقَسَّمُ مَا بَقِيَ مِنْ الْغَلَّةِ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِنَّ لِأَنَّهُ يُضَارُّ بِهِنَّ بِهِ كَمَا أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ بِنَظِيرِهِ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ شَرَطَ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَنَصِيبُهُ رَاجِعٌ إلَى الْبَاقِينَ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمْ وَمَنْ حَدَثَ مِنْ الذَّرَارِيِّ فَهُوَ بِنَصِيبِهِ مَعَ الْمَوْجُودِينَ حَالَ ظُهُورِهِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] فَهَلْ يَرْجِعُ نَصِيبُ الْمَيِّتِ إلَى الْبَاقِينَ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ أَقْرَبَ وَيَسْتَحِقُّ مَنْ حَدَثَ وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ مِنْ أَحَدِ الْمَوْجُودِينَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْأَوْلَادِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُهُمْ وَكَذَا يُقَالُ فِي الرُّتْبَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَهَكَذَا وَأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَفِي أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ الْبَنُونَ وَالْبَنَاتِ مَا لَمْ يَقُلْ عَلَى مَنْ يُنْسَبُ إلَيَّ مِنْهُمْ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015