مَعَ مَخْدُومِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَأَمَّا زَوْجَةُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَزَوْجُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا فَأَفْتَى فِيهِمَا مُحَمَّدٌ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ النَّاشِرِيُّ الْيَمَنِيُّ بِمَنْعِهِمَا إذَا امْتَنَعَ بَعْضُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ دَاخِلَيْنِ فِي الْوَقْفِ وَالْإِعَارَةُ هُنَا مُمْتَنِعَةٌ كَالْإِجَارَةِ وَأَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ فُقَهَاءُ عَصْره وَفِي قَوْلِهِ إذَا امْتَنَعَ بَعْضُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا سَلَّمَ أَنْ يَسْكُنُ التَّابِعُ إعَارَةً وَأَنَّ الْإِعَارَةَ مُمْتَنِعَةٌ وَإِنْ رَضِيَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ فَلْيُمْنَعَا وَإِنْ رَضِيَ جَمِيعُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَاشْتِرَاطُهُ فِي الْمَنْعِ امْتِنَاعُ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ غَيْرُ صَحِيحٍ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْيَمَنِيِّينَ مِمَّنْ تَأَخَّرَ عَنْ عَصْرِ أُولَئِكَ خَالَفَهُمْ فَأَفْتَى بِجِوَازِ سُكْنَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَإِنْ لَمْ تَخْدُمْ زَوْجَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَتِمَّةِ الِانْتِفَاعِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ لِمُخَالِفَتِهِمَا لِمَقْصُودِ الْوَاقِفِ.
(وَسُئِلَ) هَلْ يَصِحّ بَيْعُ الْأَرْضِ الَّتِي فِيهَا أَمْوَاتٌ مَدْفُونُونَ سَوَاءٌ أَعُرِفَتْ قُبُورُهُمْ أَمْ لَا وَيَصِحّ وَقْفُهَا مَسْجِدًا أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ يَصِحّ الْبَيْعُ مُطْلَقًا لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهَا مَعَ وُجُودِ الدَّفْنِ فِيهَا أَمَّا بِالْفَارِغِ فَوَاضِحٌ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَبُعْدٌ وَحَيْثُ صَحَّ الْبَيْعُ صَحَّ الْوَقْفُ كَمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ وَقَفَ أَرْضًا مَسْجِدًا وَفِيهَا أَشْجَارٌ فَإِنَّهُ يَصِحّ الْوَقْفُ وَلَا تَدْخُلُ الْأَشْجَارُ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَفَهَا غَيْرَ مَسْجِدٍ فَإِنَّ الْأَشْجَارَ تَدْخُلُ.
(وَسُئِلَ) هَلْ يُعْتَمَدُ عَلَى التَّارِيخِ الْمَكْتُوبِ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْمَقَابِرِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا اعْتِمَادَ عَلَى ذَلِكَ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنَّهُ يُفِيدُ نَوْعًا مِنْ الِاحْتِيَاطِ فَإِذَا رَأَيْنَا مَحَلًّا مُهَيَّأً لِلصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَاتَرْ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّهُ مَسْجِدٌ لَمْ يَجِبُ الْتِزَامُ أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ فِيهِ لَكِنْ إذَا رَأَيْنَا مَكْتُوبًا فِي بَعْضِهِ ذَلِكَ تَأَكَّدَ نَدْبُ الِاحْتِيَاطِ فِي أَمْرِهِ وَالْتِزَامُ أَحْكَامِ الْمَسْجِدِيَّةِ لَهُ لِأَنَّ الْغَالِب فِي الْمَوَاضِع الْمُهَيَّأَة لِلصَّلَاةِ أَنَّهَا مَسَاجِد لَا سِيَّمَا الْمَبْنِيّ فِي الْمَوَات إذْ الْمَبْنِيّ فِيهَا بِنِيَّةِ الْمَسْجِدِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّلَفُّظُ بِالْوَقْفِ بَلْ يَصِيرُ مَسْجِدًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ ثَمَّ رَأَيْت السُّبْكِيّ أَوْجَبَ إجْرَاءَ أَحْكَامِ الْمَسْجِدِيَّةِ عَلَى مَا هُوَ عَلَى هَيْئَةِ الْمَسَاجِدِ وَجَهِلَ وَلَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ وَأَمَّا الْمَقْبَرَةُ فَالْمَدَارُ فِي كَوْنِهَا مُسَبَّلَةً أَوْ غَيْرَ مُسَبَّلَةٍ عَلَى اعْتِيَادِ أَهْلِ الْبَلَدِ الدَّفْنَ وَعَدَمِ اعْتِيَادِهِمْ فَإِنْ اعْتَادُوهُ فِي مَحَلٍّ حُكِمَ بِأَنَّهُ مُسَبَّلٌ وَيُهْدَمُ كُلُّ مَا بُنِيَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ وَإِنْ لَمْ يَعْتَادُوهُ بَقِيَ عَلَى أَصْلِهِ مِنْ الْمِلْكِ فِي غَيْرِ الْمَوَاتِ وَالْإِبَاحَةُ فِي الْمَوَاتِ هَذَا حُكْمُهَا الشَّرْعِيُّ فَإِنْ رَأَيْنَا تَارِيخًا يُخَالِفُ شَيْئًا مِمَّا تَقَرَّرَ كَوَقْفِهَا عَلَى طَائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ مَثَلًا لَمْ يَجِبُ الْتِزَامُ الْعَمَلِ بِهِ لَكِنْ يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِهِ احْتِيَاطًا أَوْ تَوَرُّعًا.
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ وَقْفَ كِتَابًا مُكَرَّسًا فِي جِلْدٍ أَوْ كَانَ مَحْبُوكًا وَتَكَرَّسَ عَلَى جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ أَوْ أَهْلِ رِبَاطٍ مُعَيَّنِينَ هَلْ يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَخْذُ كُرَّاسٍ يَنْتَفِعُ بِهِ وَإِنْ كَانَ فِي جِلْدِهِ أَحْفَظُ أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ انْتِفَاعُ الْكُلُّ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ إلَّا عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ فَهَلْ يَجُوزُ لِوَاحِدٍ أَنْ يَأْخُذَ كُرَّاسًا بَعْد كُرَّاسٍ لِلِانْتِفَاعِ وَإِنْ انْتَفَتْ تِلْكَ الْعِلَّةُ أَوْ لَا وَهَلْ يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَنْتَفِعُوا بِهِ خَارِجَ الرِّبَاطِ أَوْ لَا فَإِنْ جَازَ لَهُمْ فَهَلْ يَجُوزُ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يُعِيرَهُ لِغَيْرِهِمْ أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ لِأَنَّ الْحَقَّ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِيهِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُمْ إذَا اتَّفَقُوا عَلَى الْإِعَارَةِ كُلُّهُمْ أَوْ لَا وَمَنْ وَقَفَ كِتَابًا عَلَى أَهْلِ رِبَاطٍ هَلْ يُقَدَّمُ بِهِ الْأَسْبَقُ أَمْ الْأَكْثَرُ انْتِفَاعًا أَمْ يَكُونُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مُشَاهَرَةً وَعَمَّنْ وَقَفَ زِيرًا وَقِدْرًا وَقَصْعَةً عَلَى أَهْلِ رِبَاطٍ هَلْ يَجُوزُ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْ الرِّبَاطِ لِيَنْتَفِعَ بِهَا أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ لَا يَجُزْ لِأَحَدِهِمْ هَلْ يَجُوز لَهُمْ إذَا رَضُوا جَمِيعًا أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ يَجُوز عِنْد الِاتِّفَاقِ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ الرِّبَاطِ هَلْ لَهُمْ أَنْ يُعِيرُوهُ أَوْ يُؤَجِّرُوهُ فَإِنْ جَازَ هَلْ تُقَسَّمُ الْأُجْرَةُ بَيْنهمْ أَوْ تُرْصَدُ لِمَصَالِحِ الرِّبَاطِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ هُنَاكَ عُرْفٌ مُطَّرِدٌ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ عَرَفَهُ عَمِلَ بِقَضِيَّتِهِ لِأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ شَرْطِهِ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنْ فُقِدَ ذَلِكَ فَإِنْ وَقَفَ الْكِتَابَ مَحْبُوكًا لَمْ يَجُزْ فَكُّهُ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ نَقْصِهِ وَضَيَاعِهِ أَوْ مُكَرَّسًا جَازَ انْتِفَاعُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِبَعْضِهِ انْتِفَاعًا بِحَسْبِهِ وَيَلْزَمهُ وِقَايَتُهُ مِمَّا يُؤَدِّي إلَى نَقْصِهِ وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْمَوْقُوفِ عَلَى أَهْلِ مَحَلٍّ مِنْهُ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ الْعَبَّادِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حُرْمَةِ نَقْلِ الْمَاءِ الْمُسَبَّلِ وَعِبَارَةُ شَرْحِي لِلْعُبَابِ وَفِي الْخَادِمِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ أَنَّهُ يَحْرُمُ حَمْلُ شَيْءٍ مِنْ الْمُسَبَّلِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ كَمَا لَوْ أَبَاحَ لِوَاحِدٍ طَعَامًا لِيَأْكُلهُ لَا يَجُوز لَهُ حَمْلُ الْحَبَّةِ مِنْهُ