السَّمْهُودِيُّ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ ظَاهِرُ كَلَامِ أَئِمَّتِنَا فِي بَابِ الْوَقْفِ بَلْ صَرِيحُهُ كَمَا بَسَطْتُهُ فِي كِتَابِي الْمُسَمَّى بِالتَّحْقِيقِ فِيمَا يَشْمَلهُ لَفْظ الْعَتِيقِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا يُعْطِيهِ لَفْظُ الْوَاقِفِ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ مُعْتَبَرَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ غَيْرَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَفْظُهُ هُنَا ظَاهِرٌ فِي عُمُومِ شَرْطِ أَنَّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَيُعْمَلُ بِهِ وَيَكُونُ لَهَا الثُّلُثُ وَلَهُ الثُّلُثَانِ وَلَا يُعْتَبَرُ بِالْمِيرَاثِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا النِّصْفُ لِأَنَّهُ لَمْ تَقُمْ مِنْ لَفْظِهِ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ رِعَايَةَ الْإِرْثِ وَاسْتَثْنَاهَا مِنْ ذَلِكَ الْعُمُومِ وَبِهَذَا يَرُدُّ قَوْلَ بَعْضِهِمْ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ أَنَّ لَهَا النِّصْفَ بِاعْتِبَارِ قَصْدِهِ أَنَّ لِلذَّكَرِ ضِعْفُ مَا لِلْمَرْأَةِ فِيمَا اسْتَوَوْا فِيهِ فِي كَيْفِيَّةِ الْإِدْلَاء إلَى الْمَيِّتِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كَأَخٍ وَأُخْتٍ وَابْنٍ وَبِنْتٍ لَا فِيمَا لَمْ يَسْتَوِيَا فِيهِ كَذَلِكَ كَبِنْتٍ وَأَخٍ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِالْقَصْدِ لِقُوَّتِهِ لَا بِعُمُومِ اللَّفْظِ لِأَنَّ أَصْحَابَنَا قَالُوا فِي النِّكَاحِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ الْعُمُومُ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُمَا يَعْلَمَانِ مَا انْطَوَى تَحْتَ عُمُومِ كَلَامِهِمَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا إذْ لَا يَسْتَحْضِرُ حَالَ نُطْقِهِ مَا انْطَوَى مِنْ الْمَعَانِي تَحْتَ عُمُومِ لَفْظِهِ فَيَكُونُ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ عَمَلًا بِقُوَّةِ الْقَصْدِ لِأَنَّ الصُّورَةَ الْمَسْئُول عَنْهَا لَيْسَ هِيَ مِمَّا يَكُونُ لِلذَّكَرِ فِيهِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَكَذَا نَقُولُ فِي ابْنِ أَخٍ وَبِنْتِ أَخٍ فَإِنَّهَا لَا شَيْءَ لَهَا فِي الْإِرْثِ مَعَ أَخِيهَا وَهُنَا لَهَا الثُّلُثُ لِأَنَّ قَصْدَهُ لَيْسَ الْإِرْثَ بَلْ الْقَرَابَةَ فَلَا تَحْرُمُ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهَا النِّصْفَ إذْ لَا تَعْصِيبَ لَهَا فِي الْفَرَائِضِ وَهُوَ الَّذِي يَقْوَى عِنْدِي عَمَلًا بِقَصْدِهِ وَهُوَ مُطْلَقُ الْقَرَابَةِ وَلَيْسَ الْمَقَامُ مِمَّا لَا يَكُونُ فِيهِ لِلذَّكَرِ ضِعْفُ مَا لِلْمَرْأَةِ إذْ لَا إرْثَ هُنَا بِخِلَافِهِ فِي الْفَرَائِضِ اهـ.

وَقَدْ أَشَرْت أَوَّلًا إلَى رَدِّ أَكْثَرِ مَا قَالَهُ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ لَا يَخْلُو عَنْ تَنَافٍ وَقَعَ فِي أَطْرَافِهِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ إنَّ قَصْدَهُ أَنَّ لِلذَّكَرِ ضِعْفُ مَا لِلْمَرْأَةِ فِيمَا اسْتَوَوْا فِيهِ إلَخْ دَعْوَى مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ وَكَمَا أَنَّ هَذَا الْقَصْدَ لَا يُدْرِكُهُ إلَّا فَقِيهٌ كَذَلِكَ الْعُمُومُ لَا يُدْرِكُهُ إلَّا فَقِيهٌ فَلِمَ اُعْتُبِرَ قَصْدُهُ الْمَذْكُورُ مَعَ عَدَمِ دَلَالَةٍ عَلَيْهِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ الْعُمُومُ الْمَذْكُورُ مَعَ صَرَاحَةَ اللَّفْظِ بِهِ فَكَانَ مَا زَعَمَهُ مِنْ النَّظَرِ إلَى الْقَصْدِ دُون الْعُمُومِ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ فَبِتَقْدِيرِ وُقُوعِهِ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَقَالَةٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا وَلَا يُنْظَرُ إلَيْهَا وَكَمْ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ بِعَامٍّ مِنْ لَفْظِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَوْ أَحَدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ عَلَى أَحْكَامٍ وَقَضَايَا وَحَوَادِثٍ بَلْ فِي كَلَامِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِعُمُومِ أَلْفَاظِ الْوَاقِفِينَ مَا لَا يُحْصَى كَثْرَةً وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الصُّورَةَ الْمَسْئُولَ عَنْهَا إلَخْ لَا يَشْهَدُ لَهُ أَيْضًا لِأَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ هُوَ إلَخْ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْإِرْثِ وَنَحْنُ إنَّمَا نُفَرِّعُ عَلَى أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ هُنَا إنَّمَا هُوَ بِالْقَرَابَةِ مَعَ شَرْطِ أَنَّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَالْمُرَادُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ صَرِيحُ اللَّفْظِ أَنَّ كُلَّ قَرِيبَيْنِ اقْتَضَى شَرْطُ الْوَاقِفِ اسْتِحْقَاقَهُمَا يَكُونُ ذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى وَجْهٍ هُوَ أَنَّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا فِي الْإِرْثِ مَعَ أَخِيهَا وَهُنَا لَهَا الثُّلُثُ إلَخْ أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى مَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّا لَا نَعْتَبِرُ كَيْفِيَّةَ الْإِرْثِ وَلَا نَقِيس عَلَيْهِ وَإِنَّمَا نَعْتَبِرُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ حَيْثُ اقْتَضَى لَفْظُ الْوَاقِفِ دُخُولَ اثْنَيْنِ فِي وَقْفِهِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ كَانَ لِلذَّكَرِ مِنْهُمَا مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ لَك أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِنَّ قَوْلَ ذَلِكَ الْبَعْض وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهَا النِّصْفُ إلَخْ غَيْرُ صَحِيحٍ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّنْ وَقَفَ دَارًا لِلسُّكْنَى عَلَى بَنَاته وَأَوْلَادِهِنَّ وَهَكَذَا فَكَثُرُوا وَصَارُوا غَيْرَ مَحَارِمَ أَوْ ضَاقَتْ الدَّارُ عَنْهُمْ فَهَلْ لَهُمْ الْإِجَارَةُ وَيُؤَجِّرُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِمْ أَوْ الْقِسْمَةُ أَوْ الْإِعَارَةُ وَهَلْ تَسْكُن الزَّوْجَةُ وَالْخَادِمُ مَعَ مَتْبُوعِهِمَا مَعَ أَنَّهُمَا غَيْرَ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِمَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَيْسَ لَهُمْ إجَارَةٌ وَلَا إعَارَةٌ وَلَا يَجُوزُ الْإِيجَارَةُ عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ إذَا تَنَازَعُوا فِيهِ وَهُنَا الْإِجَارَةُ مُنَافِيَةٌ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَمَقْصُودُهُ مِنْ سُكْنَاهُمْ فِيهَا وَعِنْدَ تَنَازُعِهِمْ يَدْعُوهُمْ الْحَاكِمُ إلَى السُّكْنَى جَمِيعًا إنْ أَمْكَنَ حِسًّا وَشَرْعًا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ اخْتِلَاطٌ مُحَرَّمٌ بَيْن الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ الْأَجَانِبِ وَإِلَّا تَهَايُؤُهَا عَلَى مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ فَإِنْ امْتَنَعُوا أَعْرَضَ عَنْهُمْ إلَى أَنْ يَصْطَلِحُوا وَيَجُوزُ إسْكَانُ الْخَادِمِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015