الْوَضْعَ اللُّغَوِيَّ فِيهِ شَيْءٌ فَأُبْقِيَ عَلَى عُمُومِهِ.

وَعَنْ الثَّالِثِ بِنَظِيرِ مَا قَبْلَهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّنَا لَمَّا نَظَرْنَا فِي أَكْثَرِ الْوَصَايَا رَأَيْنَا أَنَّهُمْ لَا يَقْصِدُونَ بِالْقُرَّاءِ فِيهَا إلَّا الْحُفَّاظَ فَحَمَلْنَا لَفْظَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِمْ دُون غَيْرِهِمْ وَإِنْ خَالَفَ الْوَضْعَ اللُّغَوِيَّ عَمَلًا بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ شَرْطَ شُمُولِ الْعَامِّ لِلصُّورَةِ الْمَقْصُودَةِ أَنْ لَا تَقُومَ قَرِينَةٌ عَلَى إخْرَاجِهَا وَهُنَا قَامَتْ الْقَرِينَةُ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ مُطْلَقِ مَنْ يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ فَعَمِلُوا بِذَلِكَ هَذَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ عَلَى سَبِيلِ الْعُمُومِ وَأَمَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ عَلَى سَبِيلِ الْخُصُوصِ مِمَّا يَقْتَضِي أَوْ يُصَرِّحُ بِالدُّخُولِ فِي مَسْأَلَتنَا فَأُمُورٌ الْأَوَّلُ أَنَّ كَلَامَهُمْ فِي الْوَقْفِ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ الْمَدَارَ فِيهِ غَالِبًا عَلَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ لَا الْعُرْفِيِّ.

وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْعِشْرَةُ الْعَشِيرَةُ عَلَى الْأَصَحِّ اعْتَرَضَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ أَكْثَرَ مَنْ جَعَلَهُمْ عَشِيرَةً خَصَّصَهُمْ بِالْأَقْرَبِينَ وَنُقِلَ فِيهِ عِبَارَاتُ جَمْعٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ ثُمَّ قَالَ وَمُقْتَضَى مَا قَالُوهُ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِمْ ذُرِّيَّتُهُ وَعَشِيرَتُهُ الْأَدْنَوْنَ وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُخْتَارُ اهـ. وَتَرْجِيحُ الْأَذْرَعِيِّ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ الْأَقْرَبُ إلَى الْعُرْفِ يُرَدُّ بِمَا قَرَّرْته أَنَّ الَّذِي يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ فِي أَمَاكِنَ مِنْ صُوَرِ الْوَقْفِ أَنَّ اللُّغَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْعُرْفِ مِنْ ذَلِكَ شُمُولُ الْمَوْلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِلْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ فَإِنَّ الْأَكْثَرِينَ وَالْمُحَقِّقِينَ قَالُوا بِهِ وَوَجَّهُوهُ بِأَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُهُمَا وَانْفَرَدَ الْفَارِقِيَّ فَصَحَّحَ أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ الْمُعْتَقُ قَالَ لِأَنَّ اللَّفْظَ فِي عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ يَنْصَرِفُ إلَى الْعَتِيقِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ إطْبَاقَهُمْ إلَّا الْفَارِقِيَّ عَلَى تَقْدِيمِ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ عَلَى الْعُرْفِيِّ.

وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا الْكَلَامُ الْمَشْهُورُ فِيمَا إذَا حَدَّثَ أَحَدُهُمَا بَعْد الْوَقْفِ عَلَى الْآخَرِ وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ مِنْ دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ فِيمَا لَوْ قَالَ الْوَاقِفُ إذَا كَانَ امْرَأَةً وَقَفْت عَلَى مَنْ يُنْسَبُ إلَيَّ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِي وَأُجِيبَ عَنْ الْإِشْكَال الْمُقَرَّرِ هُنَا بِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ اللُّغَوِيَّةِ لَا الشَّرْعِيَّةِ فَإِنْ قُلْت قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي قَوْلِهِمْ عَلَى عِيَالِي هُمْ مَنْ فِي نَفَقَتِهِ وَلَوْ وَالِدًا أَوْ وَلَدًا وَعَلَى حَشَمِي هُمْ مَنْ فِي نَفَقَتِهِ سِوَى الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ وَعَلَى حَاشِيَتِهِ هُمْ الْمُتَّصِلُونَ بِخِدْمَتِهِ مَأْخَذُ ذَلِكَ كُلِّهِ الْعُرْفُ اهـ. وَهَذَا يُؤَيِّدُ الْقَوْلَ بِالْعُرْفِ فَلَا يَدْخُلُ الْمُصْحَفُ قُلْت فَرْقٌ ظَاهِرٌ بَيْنهمَا فَإِنَّ اللُّغَةَ لَمْ تَضْبِط تِلْكَ الْأَلْفَاظَ الثَّلَاثَةَ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهِمَا فِيهَا فَالرُّجُوعُ فِيهَا إلَى الْعُرْفِ إنَّمَا هُوَ لِتَعَذُّرِ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ أَوْ اضْطِرَابِهِ فِيهَا لَا لِتَقَدُّمِهِ عَلَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ السُّؤَالِ فَإِنَّ الْوَضْعَ اللُّغَوِيَّ فِيهَا مُطَّرِدٌ اطِّرَادًا ظَاهِرًا أَنَّ الْمُصْحَفَ يُسَمَّى كِتَابًا فَقُدِّمَ هَذَا الْوَضْعُ عَلَى الْعُرْفِ سِيَّمَا.

وَقَدْ عَضَّدَ اللُّغَوِيُّ الشَّرْعِيَّ كَمَا مَرَّ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّ الرُّجُوعَ لِلْعُرْفِ إنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ اطِّرَادِ اللُّغَةِ إنَّهَا لَمَّا اطَّرَدَتْ فِي الْغِلْمَانِ وَالْجَوَارِي وَالْفَتَيَاتِ وَالشُّبَّانِ رَجَعُوا إلَيْهَا فِيهَا فَقَالُوا الْأَوَّلُ لِمَنْ لَمْ يَبْلُغُ مِنْ الذُّكُورِ وَالثَّانِي لِمَنْ لَمْ يَبْلُغُ مِنْ الْإِنَاثِ وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ مَنْ بَلَغَ إلَى أَنْ يُجَاوِزَ ثَلَاثِينَ سَنَةَ وَلِمَا لَمْ يَطَّرِدْ فِيمَنْ بَلَغَ أَشُدَّهُ قَالُوا يُرْجَعُ فِيهِ لِرَأْيِ الْحَاكِمِ الثَّانِي قَوْلُهُمْ فِي الْإِقْرَارِ الْأَضْعَفِ مِنْ الْوَقْفِ فِي الشُّمُولِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي أَنَّ الْوَقْفَ كَالْبَيْعِ فِي الشُّمُولِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ وَلَوْ أَقَرَّ أَوْ أَوْصَى بِثِيَابِ بَدَنِهِ دَخَلَ فِيهِ حَتَّى الطَّيْلَسَانُ وَاللِّحَافُ وَالْقَلَنْسُوَةُ وَمُنَازَعَةُ الْإِسْنَوِيِّ فِي نَحْوِ الْآخَرِينَ رَدُّوهَا عَلَيْهِ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي رِعَايَتِهِمْ لِمُقْتَضَى اللُّغَةِ لَا الْعُرْفِ وَإِذَا رَاعَوْا ذَلِكَ فِي الْإِقْرَار الْأَضْعَفِ مِنْ الْوَقْف كَمَا تَقَرَّرَ وَفِي الْوَصِيَّةِ الْمُسَاوِيَةِ لِلْوَقْفِ فَلْيُرَاعُوهُ فِي الْوَقْفِ بِالْأَوْلَى فِي الْأَوَّلِ وَالْمُسَاوَاةِ فِي الثَّانِي.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ وَهَكَذَا وَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ شَرَطَ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ انْتَقَلَ حَقُّهُ لِوَرَثَتِهِ بِالنَّسَبِ لِلذَّكَرِ سَهْمَانِ وَلِلْأُنْثَى سَهْمٌ فَمَاتَ رَجُلٌ مِنْهُمْ وَخَلَفَ بِنْتًا وَأَخًا فَهَلْ لِبِنْتِهِ النِّصْفُ اعْتِبَارًا بِظُهُورِ قَصْدِهِ مِنْ أَنَّهُ أَرَادَ إجْرَاءَ الْوَارِثِ عَلَى فَرِيضَةِ اللَّهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى وَإِنْ قَصُرَتْ عِبَارَتُهُ لِجَرْيِهَا عَلَى الْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ أَوْ لَهَا الثُّلُثُ اعْتِبَارًا بِعُمُومِ لَفْظِهِ فَإِنْ قُلْتُمْ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فَقَدْ مَاتَ الْأَخُ أَيْضًا وَهُوَ الْأَخِيرُ مِنْ الطَّبَقَةِ الْأَوْلَى وَلَمْ يَخْلُفْ فِي الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ إلَّا ابْنَ الْأَخِ وَبِنْتَ الْأَخِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ لَهَا الثُّلُثُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الثَّانِيَةَ تَرْجِعُ فِي مَقَامِ الْأُولَى كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَجَمَاعَةٌ أَوْ لَا يَكُون لَهَا شَيْءٌ وَيَفُوزُ ابْنُ الْأَخِ بِالْجَمِيعِ بِاعْتِبَارِ الشَّرْطِ كَمَا مَالَ إلَيْهِ السَّيِّدُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015