هَذَا لَوْ اسْتَغَلَّ ثَمَرَةَ سَنَةٍ ثُمَّ وَقَعَ خَرَابٌ بِهَا بَعْد الِاسْتِغْلَالِ فَازَ بِهِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَاسْتَمَرَّتْ الدَّارُ مُعَطَّلَةً إلَى غَلَّةِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ يَمْلِكُ أُجْرَةَ الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ وَمَعَ ذَلِكَ فَقْد أَفْتَى الْقَفَّالُ وَصَرَّحَ الْإِصْطَخْرِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ أَجَّرَهُ النَّاظِرُ سِنِينَ بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَجْعَلَ الْأُجْرَةَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُعْطِي بِقِسْطِ مَا مَضَى وَوَقَعَ لِابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّ لَهُ التَّعَجُّلَ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَإِنْ عَجَّلَ النَّاظِرُ فَمَاتَ الْآخِذُ ضَمِنَ النَّاظِرُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ أَيْضًا وَصَرَّحُوا أَيْضًا بِأَنَّ لِلنَّاظِرِ مَنْع الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مِنْ سُكْنَى الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ لِيُؤَجِّرَهَا لِعِمَارَةٍ اقْتَضَاهَا الْحَالُ وَإِلَّا لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى الْخَرَابِ.

وَقَوْلِي السَّابِقُ بِالظُّهُورِ سَبَقَنِي إلَيْهِ الْقَاضِي فِي ثَمَرَةِ غَيْرِ النَّخْلِ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ حَكَاهُمَا فِي ثَمَرَةِ النَّخْلِ وَعِبَارَةُ فَتَاوِيهِ إذَا مَاتَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بَعْد خُرُوجِ الثَّمَرَةِ إنْ كَانَتْ ثَمَرَةَ غَيْرِ النَّخْلِ فَهِيَ لِلْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَتْ ثَمَرَةَ النَّخْلِ فَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ بَعْد التَّأْبِيرِ وَقَبْلَهُ وَجْهَانِ انْتَهَتْ قَالَ الْغَزِّيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ وَكَذَا لَوْ تَرَكَ شَاةً أَوْ جَارِيَةً حَامِلًا فَوَلَدَتْ بَعْد مَوْتِهِ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ هُنَا لَهُ قِسْطٌ أَوْ لَا اهـ. وَقَضِيَّةُ بِنَائِهِ أَنَّ الْأَرْجَحَ مِنْ الْوَجْهَيْنِ أَنَّ الْحَمْلَ لِلْمَيِّتِ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يَعْلَمُ وَيُقَابِلُ بِقِسْطٍ مِنْ الثَّمَنِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يَذْكُرْ الْغَزِّيُّ حُكْمَ مَا إذَا مَاتَ وَقَدْ سَنْبَلَ الْحَبُّ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ بَعْدَ الِاشْتِدَادِ كَبَعْدِ تَأْبِيرِ النَّخْلِ وَقَبْله عَلَى الْوَجْهَيْنِ اهـ. وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِقَوْلِي وَأَمَّا مَا اسْتَغَلَّهُ قَبْل الْإِشْرَافِ فَإِنَّهُ يَفُوزُ بِهِ إلَخْ قَوْلُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ لَوْ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَفَقِّهَةِ الْمُقِيمِينَ بِدِمَشْقَ مِنْ أَهْلِهَا وَالْوَارِدِينَ إلَيْهَا مِنْ الشَّامِ دُون غَيْرِهِ فَحَصَلَ مِنْ الْوَقْفِ حَاصِل وَتَأَخَّرَتْ قِسْمَته حَتَّى وَرَدَ وَارِدٌ مِنْ الْمَوْصُوفِينَ لَمْ يُسَاهِمْهُمْ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِفُقَرَاءَ وَهُمْ مَحْصُورُونَ اهـ. فَتَأَمَّلْ إفْتَاءَهُ بِعَدَمِ الْمُسَاهَمَةِ فِيمَا ذَكَرَهُ تَجِدْهُ صَرِيحًا فِيمَا قَدَّمْته مِنْ أَنَّ كُلَّ مَا ظَهَرَ مِنْ الثَّمَرَةِ قَبْل اسْتِحْقَاقِ الْعِمَارَةِ يَفُوزُ بِهِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْهُ لَهَا وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الصَّرْفُ مِنْ الْغَلَّةِ الَّتِي قَارَنَ ظُهُورُهَا وُجُودَ سَبَبَ الْعِمَارَةِ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ وَقَفْت عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ فَقَبِلَ زَيْدٌ ثُمَّ مَاتَ ثُمَّ رَدَّ بَعْضَ الْأَوْلَادِ فَحِصَّتُهُ لِمَنْ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ هَذَا وَقْفٌ مُنْقَطِعُ الْوَسَطِ حَيْثُ لَا زِيَادَةَ عَلَى مَا ذَكَرنَا فِي السُّؤَال وَمَصْرِفُ مُنْقَطِعُ الْوَسَطِ أَقْرَبُ النَّاسِ رَحِمًا إلَى الْوَاقِفِ يَوْمَ انْقِرَاضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَفِي صُورَتِنَا لَا يُصْرَفُ لِلْأَقْرَبِ إلَيْهِ شَيْءٌ إلَّا بَعْد انْقِرَاضِ جَمِيعِ الْأَوْلَادِ أَوْ رَدِّهِمْ كُلِّهِمْ فَإِذَا مَاتَ بَعْضُهُمْ أَوْ رَدَّ وَبَقِيَ بَعْضُهُمْ صَرَفَ الْكُلَّ إلَى مَنْ بَقِيَ وَلَوْ وَاحِدًا وَهَذَا ظَاهِرٌ جَلِيٌّ مِنْ كَلَامِهِمْ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ بَنَى فِي مَوْضِعٍ مَمْلُوكٍ بِنَاءً لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ جَعَلَهُ مَسْجِدًا مِنْ غَيْر وَقْفِ الْأَرْضِ فَهَلْ يَصِيرُ بِذَلِكَ مَسْجِدًا أَوْ لَا وَهَلْ يَجُوزُ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي أَرْضٍ مُسْتَعَارَةٍ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ كَالْقَمُولِيِّ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَا يَصِحّ الِاعْتِكَافُ فِي بِنَاءِ أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ إلَّا أَنْ يُثَبِّتَ فِيهِ دَكَّةً أَوْ بَلَّطَهُ بِأَحْجَارٍ وَوُقِفَتْ مَسْجِدًا وَاعْتَمَدَاهُ هُمَا وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا وَقَعَ لِلزَّرْكَشِيِّ مِنْ صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَبْنِ فِيهِ مَسْطَبَةً بَلْ عِنْدَ التَّأَمُّلِ لَا وَجْهَ لِمَا قَالَهُ لِأَنَّهُ إنْ وَقَفَ ذَلِكَ الْبِنَاءَ مَسْجِدًا وَقُلْنَا بِصِحَّةِ وَقْفِهِ هُوَ لِإِقْرَارٍ لَهُ وَالِاعْتِكَافُ إنَّمَا يَصِحُّ بِاللُّبْثِ فِي مَسْجِدٍ وَلُبْثه هُنَا لَيْسَ فِي مَسْجِدٍ بِخِلَافِهِ فِي الدَّكَّةِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهَا مَسْجِدٌ فَاللُّبْث فِيهَا لُبْثٌ فِي مَسْجِدٍ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ قَالَ عَقِب قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ الْمُتَّجَهُ صِحَّتُهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنْ لَمْ يَغْرِسْ بِالْبِنَاءِ تَبَعًا لِلْحِيطَانِ وَالسَّقْفِ وَإِنْ جَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ لِأَنَّ الْهَوَاءَ يُحِيطُ بِهِ اهـ.

مُلَخَّصًا وَمَا قَالَهُ عَجِيبٌ وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ إنَّمَا يَصِحّ عَلَى السَّقْفِ لَا تَحْتَهُ انْتَهَتْ عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ وَهِيَ صَرِيحَةٌ كَمَا تَرَى فِي صِحَّة وَقْف الْبِنَاءِ دُون الْأَرْضِ مَسْجِدًا سَوَاء أَكَانَتْ الْأَرْضُ مُسْتَأْجَرَةً أَمْ مُسْتَعَارَةً أَمْ لَا وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ الرَّابِعُ الْمُعْتَكَفُ فِيهِ فَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ إلَّا فِي مَسْجِدٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِلْإِجْمَاعِ وَلَا فَرْقَ بَيْن سَطْحِهِ وَصَحْنِهِ وَرَحْبَتِهِ الْمَعْدُودَةِ مِنْهُ وَأَفْهَم كَلَامه أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي مُصَلَّى بَيْتِ الْمَرْأَةِ وَلَا فِيمَا وُقِفَ جُزْؤُهُ شَائِعًا مَسْجِدًا وَلَا فِي مَسْجِدٍ أَرْضُهُ مُسْتَأْجَرَةٌ وَهُوَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015