مِنْ احْتِمَالَيْ ابْنِ الْعِمَادِ الْأَوَّلُ وَيُجَابُ عَمَّا عَلَّلَ بِهِ الثَّانِي الْجَارِي فِي مَسْأَلَتنَا نَظِيرُهُ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَيْسَ نَصًّا فِي الشَّرْطِيَّة إذْ قَوْلُهُ وَلِأُمِّي إلَخْ بِالْوَعْدِ أَوْ الْإِبَاحَةِ أَشْبَهُ كَمَا قُلْنَاهُ فِي مَسْأَلَتنَا فَمِنْ ثَمَّ رَجَّحْنَا بُطْلَانَهُ هُوَ لَا بُطْلَانَ الْوَقْفِ مِنْ أَصْلِهِ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ السُّؤَالِ.

(وَسُئِلَ) عَمَّا إذَا اسْتَغَلَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْغَلَّةَ وَانْتَفَعَ بِهَا بِغَيْرِ صَرْفٍ مَنْ النَّاظِرِ فَتَقَعُ الْمَوْقِعَ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ تَقَعُ الْمَوْقِعَ كَمَا يُعْلَمُ بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي مَبْحَثِ الْوِصَايَةِ مِنْ أَنَّ لِلْمُسْتَحِقِّ لِعَيْنٍ فِي التَّرِكَةِ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِأَخْذِهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِنَحْوِ فَتْحِ بَابٍ وَحَلِّ وِكَاءٍ وَيُشْتَرَطُ هُنَا أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ النَّاظِرُ أَرْصَدَهُ تَحْتَ يَدِهِ لِعِمَارَةٍ أَوْ نَحْوهَا وَأَنْ لَا يَكُونَ اسْتَحَقَّ صَرْفَهُ فِي ذَلِكَ لِوُجُودِ الدَّاعِي إلَيْهِ فَحِينَئِذٍ مَتَى أَخَذَهُ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ حِينَئِذٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ يَبْدَأُ مِنْ فَوَائِدِ الْوَقْفِ بِعِمَارَتِهِ سَوَاءٌ أَشَرَطَ الْوَاقِفُ ذَلِكَ أَمْ لَمْ يَشْرِطْهُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ بُسْتَانًا عَلَى أَحَدٍ وَاشْتَرَطَ عِمَارَةَ دَارِهِ الْمَوْقُوفَةِ مِنْ غَلَّةِ الْبُسْتَانِ فَاسْتَغَلَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْبُسْتَانَ مُدَّةً ثَمَّ وَقَعَ الْخَرَابُ بِالدَّارِ هَلْ يُؤْخَذُ لِعِمَارَةِ الدَّارِ مِمَّا اسْتَغَلَّهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مِنْ الْبُسْتَانِ قَبْلَ الْخَرَابِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَمَّا الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ فَالظَّاهِرُ صِحَّتَهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِي فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّ الْعِمَارَةَ عَلَى السَّاكِنِ وَشَرَطَ أَنَّ تِلْكَ الدَّارَ لَا تُؤَجَّرُ فَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي مِنْ كَلَامِهِمْ بَعْد الْفَحْصِ أَنَّ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ صَحِيحٌ كَمَا شَمِلَهُ عُمُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يَشْرِطْ أَيْ نَفَقَتَهُ فِي كَسْبِهِ ثُمَّ فِي بَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَشْرِطْ.

وَقَوْلُهُمْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ مَا لَمْ يُنَافِ الْوَقْفَ أَوْ الشَّرْعَ وَفَائِدَةُ صِحَّتِهِ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْعِمَارَةَ لَا تَجِبُ عَلَى أَحَدٍ فَلَا يُلْزَمُ بِهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ تَرْكَ مِلْكِهِ بِلَا عِمَارَةٍ فَمَا يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ بِالْأَوْلَى تَوَقُّفُ اسْتِحْقَاقِهِ عَلَى تَعْمِيرِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِيمَا إذَا أَشْرَفَتْ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا عَلَى الِانْهِدَامِ لَا بِسَبَبِهِ بَيْن أَنْ يُعَمِّرَ وَيَسْكُنَ وَبَيْنَ أَنْ يُهْمِلَ وَإِنْ أَفْضَى ذَلِكَ إلَى خَرَابِهَا نَعَمْ عَلَى النَّاظِر إيجَارُهَا الْمُتَوَقِّفُ عَلَيْهِ بَقَاؤُهَا وَإِنْ خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ عَدَمَهُ لِأَنَّهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ لَا يُقَالُ شَرْطَ الْعِمَارَةِ عَلَى السَّاكِنِ يُنَافِي مَقْصُودَ الْوَاقِفِ مِنْ إدْخَالِ الرِّفْقِ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إذْ شَأْنُهُ أَنْ يَغْنَمَ وَلَا يَغْرَمَ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ قَطَعَ السُّبْكِيّ وَغَيْرُهُ بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْكُنَ مَكَانَ كَذَا كَمَا مَرَّ وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا عَيَّنَ مَكَانًا لَا يُسْكَنُ إلَّا بِأُجْرَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ.

وَإِنْ لَمْ يَحْتَجَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لِسُكْنَاهُ أَوْ زَادَتْ أُجْرَتُهُ عَلَى مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فَكَمَا أَوْجَبَ الِاسْتِحْقَاقُ هُنَا السُّكْنَى بِالْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا فَكَذَلِكَ تَجِبُ الْعِمَارَةُ لِاسْتِحْقَاقِ السُّكْنَى إنْ أَرَادَهَا وَإِلَّا سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهَا فَعُلِمَ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ قَدْ يَغْرَمُ وَقَدْ يَحْصُلُ لَهُ رِفْقٌ بِالْمَوْقُوفِ وَأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ غَيْرُ مُنَافٍ لِلْوَقْفِ حَتَّى يَلْغُوَ كَشَرْطِ الْخِيَارِ فِيهِ مَثَلًا وَإِنَّمَا غَايَتُهُ أَنَّهُ قَيَّدَ اسْتِحْقَاقَهُ لِسُكْنَاهُ بِأَنْ يُعَمِّرَ مَا تَهَدَّمَ مِنْهُ فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَلْيُعَمِّرْهُ وَإِلَّا فَلْيُعْرِضْ عَنْهُ ثُمَّ رَأَيْت بَعْض مَشَايِخَنَا أَيَّدَ الصِّحَّةَ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِأَلْفٍ إنْ تَبَرَّعَ لَوَلَدِهِ بِخَمْسِمِائَةٍ فَإِنَّهُ يَصِحّ وَإِذَا قَبِلَ لَزِمَهُ دَفْعُهَا إلَيْهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ النَّفَقَةَ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لَزِمَتْهُ بِمَعْنَى أَنَّ اسْتِحْقَاقه يَتَوَقَّفُ عَلَى بَذْلهَا انْتَهَتْ عِبَارَةُ الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ وَأَخْذُ صِحَّةِ الشَّرْطِ مِنْهَا فِي مَسْأَلَةِ السُّؤَالِ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ كَمَا لَا يَخْفَى وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِهِ أَيْضًا.

قَوْلُهُمْ لَوْ وَقَفَ دَابَّةً وَجَعَلَ الرُّكُوبَ لِوَاحِدٍ وَالدَّرَّ وَالنَّسْلَ لِآخَرَ جَازَ قَطْعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَقَوْلُهُمْ نَفَقَةُ الْعَبْدِ وَالْبَهِيمَةِ الْمَوْقُوفَيْنِ إلَّا شَرَطَهَا الْوَاقِفُ فِي كَسْبِهِمَا اتَّبَعَ شَرْطَهُ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ وَكَذَا إنْ شَرَطَهَا فِي مَالِ نَفْسِهِ وَفِي مَعْنَاهُ مَا إذَا شَرَطَهَا فِي وَقْفٍ آخَرَ وَقَفَهُ ثُمَّ إذَا صَحَّ الشَّرْطُ فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الصَّرْفَ إلَى الدَّارِ بَعْد خَرَابِهَا أَوْ خَرَابِ بَعْضِهَا أَوْ إشْرَافِهِ عَلَى الْخَرَابِ فَمِنْ الْآن يُمْنَع الْمَوْقُوف عَلَيْهِ مِنْ أَخْذ شَيْءٍ مِنْ الْغَلَّةِ حَتَّى تَكْمُلَ الْعِمَارَةُ لِاسْتِحْقَاقِ صَرْفِهَا لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْعِمَارَةُ الْمَذْكُورَةُ فَإِنْ أَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا غَرِمَهُ وَأَمَّا مَا اسْتَغَلَّهُ قَبْل الْإِشْرَافِ عَلَى الِانْهِدَامِ فَإِنَّهُ يَفُوزُ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَهُ بِالظُّهُورِ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّقِ حَقِّ أَحَدٍ بِهِ.

وَعَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015