وَهَذَا مَحْسُوسٌ لَا خَفَاءَ فِيهِ وَإِذَا قُلْتُمْ لَهُمْ ذَلِكَ فَهَلْ لَهُمْ تَحْلِيفُهُ إذَا لَمْ يُصَادِقْهُمْ عَلَى شَيْءٍ خَفِيَ أَوْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ مَنْ غَيْرِ مُحَاسَبَةٍ وَهَلْ لَهُمْ أَيْضًا مُحَاسَبَتُهُ فِي الْعِمَارَةِ أَيْضًا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ يَسْتَحِقُّونَ مَا يَخُصُّ كُلَّ يَوْمٍ قَرَءُوهُ بِمُضِيِّهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ اسْتِحْقَاقُهُمْ لِذَلِكَ عَلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَيَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ الْعِمَارَةُ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطهَا الْوَاقِفُ فَإِنْ تَرَكَهَا مَعَ التَّمَكُّنِ فَسَقَ وَانْعَزَلَ عَنْ النَّظَرِ وَلِلْمُسْتَحِقَّيْنِ مُطَالَبَتُهُ بِهَا وَلَهُمْ أَيْضًا مُطَالَبَتُهُ بِالْحِسَابِ إذَا كَانُوا مُعَيَّنِينَ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ كَشُرَيْحٍ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ النَّاظِرَ لَوْ ادَّعَى صَرْفَهُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ وَهُمْ مُعَيَّنُونَ وَأَنْكَرُوا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ وَلَهُمْ الْمُطَالَبَةُ بِالْحِسَابِ وَبِهِ يُعْلَمُ الْجَوَابُ عَنْ جَمِيعِ مَا فِي السُّؤَالِ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّنْ وَقَفَ رَبْعَةً شَرِيفَةً وَقَرَّرَ فِيهَا صُوفِيَّةً وَشَيْخًا لَهُمْ وَقَرَّرَ لِكُلِّ إنْسَانٍ مَبْلَغًا مَعْلُومًا فِي كُلِّ سَنَةٍ وَشَرَطَ فِي كِتَابٍ وَقَفَهُ شُرُوطًا مِنْهَا أَنَّ مَنْ غَابَ أَكْثَرَ مَنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ ظَاهِرَةٍ أَخْرَجَهُ النَّاظِرُ أَوْ الشَّيْخُ وَقَرَّرَ فِي وَظِيفَتِهِ غَيْرَهُ وَكَانَ الْوَاقِفُ قَرَّرَ شَخْصًا فِي أَوَّلِ وَظِيفَةٍ تَشْغُرُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ فَشَغَرَتْ بَعْد مُدَّةٍ وَظِيفَةٌ بِمَوْتِ صَاحِبِهَا وَكَانَ الشَّخْصُ الْمُقَرَّرُ بِالتَّعْلِيقِ مُسَافِرًا إذْ ذَاكَ فِي بِلَادٍ بَعِيدَةٍ لَمْ يَبْلُغْهُ شُغُورُ الْوَظِيفَةِ فَهَلْ تَكُونُ غَيْبَتُهُ فِي الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ وَعَدَمُ عِلْمِهِ بِالشُّغُورِ ضَرُورَةً ظَاهِرَةً لِأَنَّهُ سَافَرَ قَبْل الشُّغُورِ وَإِذَا قُلْتُمْ إنَّهَا ضَرُورَةٌ ظَاهِرَةٌ فَهَلْ لِلْمُتَكَلِّمِ عَنْ الْغَائِبِ إقَامَةُ نَائِبٍ عَنْهُ إلَى حِينِ حُضُورِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ مَتَى ثَبَتَ لِلْمُقَرَّرِ بِالتَّعْلِيقِ حَقُّ الْوَظِيفَةِ الْمَذْكُورَةِ بِأَنْ اُسْتُوْفِيَتْ شُرُوطُ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ وَحَكَمَ بِهِ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ مِنْ الْوَظِيفَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا بَعْد عَمَلِهِ وَمُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ قَبْلَ حُضُورِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ فِي عَدَمِ الْحُضُورِ كَخَوْفِ الطَّرِيقِ أَوْ عَدَمِ الْأَمْنِ عَلَى أَهْلِهِ أَوْ مَالِهِ لَوْ سَافَرَ مِنْ عِنْدِهِمْ وَقَدْ صَرَّحَ بِمَا ذَكَرْته آخِرًا أَوْ بِنَظِيرِ مَا ذَكَرْته أَوَّلًا تَلْوِيحًا شَيْخَا الْإِسْلَامِ أَبُو حَفْصِ السِّرَاجُ الْبُلْقِينِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ قَالَ وَلِذَلِكَ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ.
(وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ حَبَسَ جِهَاتٍ لَهُ عَلَى عَشَرَةِ أَشْخَاصٍ مَنْ الْمُقِيمِينَ بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ عَلَى أَنْ يَقْرَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جُزْءًا مِنْ الْقُرْآنِ الشَّرِيفِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ غَابَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِضَرُورَةٍ يُسَامَحُ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَائِبٍ وَمَنْ غَابَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فِي سَفَرِ حَجٍّ أَوْ زِيَارَةٍ أَوْ صِلَةِ رَحِمٍ سُومِحَ بِإِقَامَةِ نَائِبٍ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَإِنْ غَابَ لِغَيْرِ ذَلِكَ وَلَوْ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَوْ فِي سَفَرِ حَجٍّ أَوْ زِيَارَةٍ تُنْزَعُ مِنْهُ الْوَظِيفَةُ وَيُقَرَّرُ فِيهَا غَيْرُهُ وَشَرَطَ النَّاظِرُ فِي ذَلِكَ لِنَفْسِهِ التَّغْيِير وَالتَّبْدِيلِ عَلَى حَسَبِ مَا يَقْتَضِيه رَأْيُهُ وَثَبَتَ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى صِحَّةَ ذَلِكَ.
وَرَفَعَ لَهُ شَخْصٌ قِصَّةً تَتَضَمَّن أَنَّهُ مِنْ الْمُقِيمِينَ بِالْبَلَدِ الْمُشْتَرَطِ فِيهَا قِرَاءَةُ الْجُزْءِ بِهَا وَسَأَلَهُ أَنْ يُقَرِّرهُ فِي أَوَّلِ جُزْءٍ يَشْغُرُ مِنْ ذَلِكَ فَأَجَابَ سُؤَالَهُ وَقَرَّرَهُ فِي ذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّهُ اسْتَمَرَّ مُقِيمًا بِغَيْرِ الْبَلَدِ الْمُشْتَرَطِ بِهَا الْقِرَاءَةُ إلَى أَنْ رَفَعَ لِلْوَاقِفِ النَّاظِرِ الْمُشَارِ إلَيْهِ أَعْلَاهُ شَخْصٌ آخَرُ قِصَّةً تَتَضَمَّن مَا تَضَمَّنَتْهُ الْقِصَّةُ الْأَوْلَى فَأَجَابَ النَّاظِرُ سُؤَالَهُ وَقَرَّرَهُ فِي أَوَّلِ جُزْءٍ يَشْغَرُ وَأَشْهَد عَلَى نَفْسِهِ النَّاظِرُ فِي ذَلِكَ وَأَثْبَتَ تِلْكَ الْقِصَّةَ عَلَى يَدِ حَاكِمِ الشَّرْعِ الَّذِي يَرَى صِحَّةَ ذَلِكَ فَانْتَقَلَ بِالْوَفَاةِ أَحَدُ الْمُسْتَحِقِّينَ فَأَظْهَرَ الثَّانِي مِنْ الْمُقَرَّرِينَ قِصَّتَهُ الْمَثْبُوتَةَ الْمَشْهُودَ فِيهَا عَلَى الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ أَعْلَاهُ فَمُكِّنَ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ وَبَاشَرَ عَامَيْنِ ثُمَّ إنَّ وَالِدَ الْمُقَرَّرِ الْأَوَّلِ نَازَعَ الثَّانِي عَنْ وَلَدِهِ بِحَسَبِ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْقِصَّةِ الْعَارِيَّةِ عَنْ الثُّبُوتِ وَعَنْ الْإِشْهَادِ عَلَى النَّاظِرِ الْمَذْكُورِ أَعْلَاهُ وَرَفَعَ أَنَّهُ مَحْجُورٌ مَعَ أَنَّ الْمُقَرِّرَ الْأَوَّلَ مِنْ يَوْمِ قَرَّرَ إلَى الْآنَ غَائِبٌ عَنْ الْبَلَدِ الْمُشْتَرَطِ الْقِرَاءَةُ فِيهَا فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَنْ وَلَدِهِ بِحَسَبِ حَجْرِهِ لَهُ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ لَا فَهَلْ اسْتِمْرَارُ غَيْبَتِهِ بَعْد الشُّغُورِ وَإِظْهَارِ الثَّانِي الْمُقِيمِ بِالْبَلَدِ الْمُشْتَرَطِ فِيهَا الْقِرَاءَةُ قِصَّتَهُ الْمَحْكُوم بِهَا وَتَمْكِينُهُ مَنْ الْمُبَاشَرَةِ وَالْمُبَاشَرَةُ لِتِلْكَ الْمُدَّةِ مُبْطِلٌ لِمَا بِيَدِ الْأَوَّلِ مَنْ التَّقْرِيرِ وَيُوجِبُ الِاسْتِحْقَاقَ لِلثَّانِي أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إذَا ثَبَتَ أَنَّ النَّاظِرَ الَّذِي هُوَ الْوَاقِفُ اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ التَّغْيِيرَ وَالتَّبْدِيلَ عَلَى حَسْبِ مَا يَرَاهُ وَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ وَبِصِحَّةِ التَّقْرِيرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ كَانَ