رِيعِ الشَّهْرِ الثَّانِي وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ السِّرَاجُ.
وَلَكِنَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْبَاقِيَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ مُسْتَحَقٌّ لِلْوَارِثِ تَبَعًا لِلرَّقَبَةِ فَلَا يُزَاحِمُهُ فِيهِ الْمُوصَى لَهُ بِخِلَافِ الْوَقْفِ فَإِنَّ الرِّيعَ مُسْتَحَقٌّ لِأَصْحَابِهِ بِجِهَةِ الْوَقْفِ فَقُدِّمَ فِيهِ الْمُقَدَّرُ مُطْلَقًا نَعَمْ لَوْ كَمُلَ الْمُقَدَّرُ فِي سَنَةٍ وَأَعْطَيْنَا مَا فَضَلَ لِمَنْ بَقِيَ ثُمَّ نَقَصَ فِي السَّنَةِ الْأُخْرَى هَلْ يُسْتَرَدُّ مِنْهُ فِيهِ وَقْفَةٌ وَفِي فَرْعِ كُلِّ سَنَةٍ مَا يَشْهَدُ لِلِاسْتِرْدَادِ وَلَوْ أَفْتَى بِالْمَنْعِ لَمْ يَبْعُد اهـ.
وَفَرَّعَ ابْنُ الْحَدَّادِ هُوَ مَا إذَا أَوْصَى الرَّجُلُ بِدِينَارٍ كُلَّ شَهْرٍ مِنْ غَلَّةِ دَارِهِ وَبَعْدَهُ لِلْفُقَرَاءِ.
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ أَوْصَى بِوَقْفِ نَخْلِهِ عَلَى فُلَانٍ وَذُرِّيَّته مَا تَنَاسَلُوا فَمَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْل الْوَقْفِ عَنْ وَرَثَةٍ فَهَلْ يَصِحُّ وَعَلَى مَنْ تُوقَفُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَهَلْ الْمُرَادُ الذُّرِّيَّةُ عِنْد الْمَوْتِ أَوْ الْوَقْفِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْوَصِيَّةُ صَحِيحَةٌ.
قَالَ بَعْضُهُمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُوقَفُ عَلَى مَنْ كَانَ مِنْ الذُّرِّيَّةِ مَوْجُودًا عِنْد الْوَصِيَّةِ مُنْفَصِلًا عِنْدَ مَوْتِ الْمُوَصِّي.
وَيُوَزَّعُ النَّخْلُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَصْلِهِمْ وَتَرْجِعُ حِصَّتُهُ لِوَرَثَةِ الْمُوَصِّي إرْثًا وَلَا يَتَعَدَّى الْوَقْفُ إلَى سَائِرِ ذُرِّيَّتِهِ وَلَا ذُرِّيَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ.
وَفِيهِ تَأَمُّلٌ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيّ بَحَثَ فِيمَا إذَا أَوْصَى أَنْ يُوقَفَ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ زَيْدٌ قَبْل الْوَاقِفِ إنَّ حِصَّتَهُ لَا تَرْجِعُ إلَى الْوَرَثَةِ وَلَا تَكُونُ لِعَمْرٍو بَلْ تُوقَفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ قِيلَ وَلَا مُنَافَاةَ لِاتِّفَاقِ الْكَلَامَيْنِ عَلَى بُطْلَانِ الْوَقْفِ عَلَى الْمَيِّتِ بِالنِّسْبَةِ إلَى حِصَّتِهِ وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ لِشَرِيكِهِ فَيَرْجِعُ لِلْوَرَثَةِ لِتَعَذُّرِ صَرْفِهِ لِلْمَوْجُودِينَ مِنْ الذُّرِّيَّةِ كَمَا تَعَذَّرَ صَرْفُهُ فِي مَسْأَلَةِ الزَّرْكَشِيّ إلَى عَمْرٍو.
وَلَا سَبِيلَ إلَى الْوَقْفِ عَلَى مَنْ سَيَحْدُثُ مَنْ الذُّرِّيَّةِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِمْ إنَّمَا يَصِحّ بِالتَّبَعِيَّةِ وَقَدْ تَعَذَّرَ الْوَقْفُ عَلَى الْمَتْبُوعِ وَهُوَ الْأَبُ وَهُمْ فِي لَفْظِ الْمُوصِي تَابِعُونَ لَهُ لَا لِلْمَوْجُودِينَ مِنْ الذُّرِّيَّةِ وَفِي مَسْأَلَةِ الزَّرْكَشِيّ لَمَّا تَعَذَّرَ الْوَقْفُ عَلَى زَيْدٍ وَوُجِدَ ثَمَّ مَنْ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ وَهُمْ الْفُقَرَاءُ فِي لَفْظِ الْمُوصِي فَإِذَا تَعَذَّرَ الْوَقْفُ عَلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ لَمْ يَتَعَذَّرُ عَلَى الْبَطْنِ الثَّانِي الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ وَالْوَقْفُ فِي مَسْأَلَةِ الزَّرْكَشِيّ عَلَى بَطْنَيْنِ وَهُنَا وَقْفُ تَشْرِيَك فَهُوَ كَبَطْنٍ وَاحِدَة اهـ.
وَنَقَلَ الْجَوْجَرِيُّ عَنْ الْخَصَّافِ وَغَيْرِهِ مَا قَدْ يُنَازِع فِي جَمِيع مَا ذُكِرَ فَانْظُرْهُ.
(وَسُئِلَ) عَمَّا إذَا أُشْغِرَتْ وَظِيفَةٌ نَحْو التَّدْرِيسِ أَوْ الْإِمَامَة فَهَلْ تُصْرَفُ غَلَّتهَا لِنَظِيرِهِ فِي أَقْرَبِ مَكَان؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ سُئِلَ الْأَصْبَحِيُّ عَنْ أَرْضٍ وُقِفَتْ عَلَى أَنْ تُصْرَفُ غَلَّتهَا لِمُعَلِّمِ الْقُرْآنِ بِمَحَلِّ كَذَا فَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَتَعَلَّمُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إلَّا بِالتَّعْلِيمِ وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ لِقَرْيَةٍ أُخْرَى عَلَى رَأْي الْمُتَقَدِّمِينَ وَرَأْي الْمُتَأَخِّرِينَ جَوَازُ ذَلِكَ اهـ قَالَ غَيْرُهُ وَالْفَتْوَى وَالْعَمَلُ عَلَى الثَّانِي وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْن الْأَقْرَبِ وَالْأَبْعَدِ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ أَوْلَى كَمَا ذَكَرُوهُ اهـ.
(وَسُئِلَ) هَلْ يُصْرَفُ لِنَحْوِ الْمُدَرِّسِ جَمِيعُ غَلَّةِ السَّنَةِ أَوَّلهَا أَوْ لَا يُدْفَعُ لَهُ إلَّا مَا بَاشَرَهُ كَمَا إذَا أَجَّرَ النَّاظِرُ الْوَقْفَ مُدَّةً طَوِيلَةً فَإِنَّهُ لَا يَدْفَعُ الْغَلَّةَ لِأَهْلِ الْوَقْفِ دُفْعَةً بَلْ كُلَّمَا مَضَتْ مُدَّةٌ دَفْعَ إلَيْهِمْ بِقَدْرِهَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنْ عُلِمَ شَرْطُ الْوَاقِفِ فِي ذَلِكَ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا صُرِفَتْ الْغَلَّةُ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْأَوَّلِينَ الْمُطَّرِدَةُ الْمَعْلُومَةُ مَنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ حَادِثًا اُعْتُبِرَتْ الْعَادَةُ الْمُقَارِنَةُ لَهُ زَمَن الْوَاقِفِ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِهِ كَمَا قَالَهُ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَيُنْزِلُ وَقْفَهُ عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ تَطَّرِدْ الْعَادَةُ أَوْ جُهِلَتْ رَجَعَ فِي ذَلِكَ لِرَأْيِ النَّاظِرِ وَاجْتِهَادِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ ثَمَّ مَعْرِضُ عِقْدِهَا الْمُوجِب لَهَا بِانْهِدَامِ الدَّارِ وَتَعَيُّبِ الْأَرْضِ أَوْ إتْلَافِهَا فَاحْتِيطَ لِحَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يُدْفَعْ لِلْمُسْتَحِقِّينَ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْغَلَّةَ قَدْ حَصَلَتْ وَأَمِنَ عَلَيْهَا مِنْ تَطَرُّقِ اسْتِحْقَاقِ الْغَيْرِ لِأَجْلِهَا فَفَوَّضَ أَمْرَهَا لِلنَّاظِرِ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَا لَفْظُهُ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْغَزِّيِّ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَلَهُ حَمْلٌ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَقُّ وَالْقِيَاسُ اسْتِحْقَاقُ الْأَخِ كَيْفَ ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى وَلَدِهِ ثَمَّ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى أَخِي الْوَاقِفِ فَمَاتَ وَلَدُهُ وَلَهُ حَمْلٌ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْحَمْلُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى وَلَدًا وَقَالَ السُّبْكِيّ الْقِيَاسُ اسْتِحْقَاقُ الْأَخِ إلَى أَنْ يَنْفَصِلَ الْحَمْلُ قَالَ الْغَزِّيُّ وَالْمُتَبَادَرُ إلَى الذِّهْنِ أَنَّ الرِّيعَ يُوقَفُ إلَى الِانْفِصَالِ.
وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ عِنْد كَوْنِهِ يُسَمَّى وَلَدًا وَلَا يُسَمَّاهُ إلَّا بَعْد