وَغَيْرُهُ وَفِي فَتَاوَى الْأَصْبَحِيِّ أَرْضٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَنْ تَكُونَ غَلَّتُهَا طَعَامًا لِلْوَارِدِينَ إلَى مَسْجِدِ كَذَا فَقَدِمَ غَرِيبَانِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِيهِ فَإِنْ أَرَادَ بِالْوَارِدِينَ الْأَضْيَافَ لَمْ يُصْرَفْ إلَيْهِمْ شَيْءٌ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ مَنْ لَمْ يَقُمْ فَهُمَا مُقِيمَانِ فَلَا يَسْتَحِقَّانِ شَيْئًا أَوْ مَنْ لَمْ يَتَوَطَّنْ فَهُمَا غَيْر مُتَوَطِّنِينَ فَيَسْتَحِقَّانِ وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَالْمَسْأَلَةُ مُحْتَمَلَةٌ وَتَحْكِيمُ الْعُرْفِ لَائِقٌ بِالْحَالِ اهـ.

وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ فِي الْوَقْفِ عَلَى وَارِدِ الْمَسْجِدِ بِأَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ أَهْلَ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَمَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ بِسَمَاعِ نِدَائِهِ لَا يَسْتَحِقُّونَ شَيْئًا فِي هَذَا الْوَقْفِ وَإِنْ شَمَلَهُمْ اسْم الْوُرُود لِأَنَّهُمْ مَنْسُوبُونَ إلَى أَهْلِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ.

وَالتَّقْيِيد بِالْوَارِدِ إلَيْهِ يَقْتَضِي غَيْرَ أَهْلِهِ عُرْفًا بَلْ لَوْ قِيلَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ لَمْ يَبْعُد كَمَا فِي حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ثُمَّ قَالَ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْوَارِدَ يُعْطَى مَا دَامَ فِي حُكْمِ السَّفَرِ أَيْ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا فِي وُرُودٍ وَاحِدٍ.

(وَسُئِلَ) هَلْ لِوَلِيِّ الصَّدَقَةِ الْأَكْلُ مَعَ الضَّيْفِ أَوْ يَخْلِطُ عَشَاءَهُ بِعَشَائِهِ تَأْنِيسًا وَمَا حَدُّ الْمُدَّةِ الَّتِي يُعْطَى الضَّيْفُ مِنْ الصَّدَقَةِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ وَلِيُّ الصَّدَقَةِ كَوَلِيِّ الطِّفْلِ فِيمَا ذَكَرُوهُ فَلَهُ أَنْ يَخْلِطَ عَشَاءَهُ مَعَ عَشَائِهِ وَحَدُّ الْمُدَّةِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ تَصَدَّقَ بِثَمَرِ نَخْلِهِ عَلَى عَشَاءِ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ فَهَلْ يَصْرِفُهُ النَّاظِرُ فِي لَيْلَةٍ أَوْ لَيَالِي؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْأَمْرُ رَاجِعٌ إلَى نَظَرِهِ فَمَا رَآهُ مَصْلَحَةً وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ.

(وَسُئِلَ) هَلْ قَوْلُهُ صَدَقَةُ بِرٍّ كَقَوْلِهِ صَدَقَةٌ مُحَرَّمَةٌ فَيَكُونُ صَرِيحًا فِي الْوَقْفِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ وَلَفْظُ الصَّدَقَةِ إنَّمَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي الْجِهَةِ الْعَامَّةِ وَتَمْلِيكًا فِي الْمُعَيَّنِ إذَا تَجَرَّدَ عَنْ الْقَرَائِنِ اللَّفْظِيَّةِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَوْقُوفُ وَقْفًا عَلَى جِهَةِ الْبِرِّ وَهِيَ أَقَارِبُ الْوَاقِفِ.

(وَسُئِلَ) عَمَّا إذَا مَاتَ النَّاظِرُ وَلَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ حَاكِمٌ فَلِمَنْ يَكُونُ النَّظَرُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ يَكُونُ لِلْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ بِذَلِكَ الْمَكَانِ.

(وَسُئِلَ) بِمَا لَفْظُهُ اُسْتُفِيضَ فِي أَرْضٍ أَنَّهَا وَقْفٌ لِمَسْجِدٍ فِي بَلَدِ كَذَا وَفِي ذَلِكَ الْبَلَدِ مَسَاجِدُ فَمَا يُفْعَلُ فِي غَلَّتِهَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ ذَكَرُوا فِي الْوَقْفِ الَّذِي عَمَى مَصْرِفُهُ خِلَافًا مَشْهُورًا فَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا مِثْلُهُ وَيُحْتَمَلُ صَرْفَهُ إلَى مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ تِلْكَ الْمَسَاجِدِ وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ.

(وَسُئِلَ) عَمَّا إذَا وَقَفَ بَعْد مَوْتِهِ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءًا فَهَلْ يُشْتَرَطُ حَفِظَهُ لِجَمِيعِ الْقُرْآنِ وَقِرَاءَتُهُ عَلَى التَّرْتِيبِ مُطْلَقًا أَوْ يَفْصِلُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ غَيْبًا وَلَا نَظَرًا وَلَا قِرَاءَتُهُ عَلَى التَّرْتِيبِ بَلْ لَوْ لَزِمَ قِرَاءَةُ جُزْءٍ وَاحِدٍ دَائِمًا جَازَ كَمَا أَفْتَى بِجَمِيعِ ذَلِكَ جَمْعٌ وَأَفْتَى الْبُرْهَانُ الْمَرَاغِيُّ فِيمَنْ شَرَطَ عَلَيْهِمْ قِرَاءَةً كُلَّ يَوْمٍ فَقَرَءُوا نَحْوَ يَس وَغَيْرِهَا بِأَنَّهُمْ إنْ قَرَءُوا قَدْرَ جُزْءٍ أَجْزَأَهُمْ وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُتَنَبَّه لَهُ أَنَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهِ كَانَ آتِيًا بِوَقْفٍ مُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ وَهُوَ بَاطِلٌ فَإِنْ قَالَ وَقَفْت كَذَا بَعْد مَوْتِي عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَيَّ فَهُوَ وَصِيَّةٌ.

(وَسُئِلَ) عَنْ مَالٍ مَوْقُوفٍ لَمْ يَدْرِ عَلَى أَيِّ جِهَةٍ لَكِنْ اشْتَهَرَ وَاسْتُفِيضَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى كَذَا وَجَرَتْ نُظَّارُهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ الْمُتَأَخِّرِ اتِّبَاعَهُمْ فِي ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ يَجِبُ صَرْفُهُ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْأَوَّلِينَ فِيهِ وَيَجْرِي عَلَى الْحَالِ الْمَعْهُودِ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ فِيهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ مِنْ عِمَارَةٍ وَغَيْرِهَا وَيَتَّبِعُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الْعُرْفَ الْمُطَّرِدَ الْعَامَّ الْمَعْلُومَ فِيمَا تَقَدَّمَ إلَى الْآن مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَإِنَّ الْعُرْفَ الْمُطَّرِدَ بِمَنْزِلَةِ الْمَشْرُوطِ كَمَا قَالَهُ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ الْمُتَعَارَفُ عَلَى الْجَوَازِ وَالصِّحَّةِ وَكَانَ الْمَالُ الْمَوْقُوفُ لِذَلِكَ الْمَعْهُودِ هَذَا إنْ عَلِمَ أَنَّ صَرْفَ النُّظَّارِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِظَنِّ ذَلِكَ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى جِهَاتٍ وَذَكَرَ لِبَعْضِهَا مِقْدَارًا مُعَيَّنًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَمَا فَضَلَ مِنْ الرِّيعِ عَمَّا قَدَّرَهُ يَكُونُ لِلْجِهَاتِ الْفُلَانِيَّةِ فَجَاءَ فِي سَنَةِ الرِّيعِ الْمُقَدَّرُ ثُمَّ كَثُرَ فِي الثَّانِيَةِ فَهَلْ يُكَمَّلُ لِلْمُقَدَّرِ وَيُعْطِي الْفَاضِلَ لِلْمَشْرُوطِ لَهُمْ الْبَاقِي؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْمَنْقُولِ عَنْ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ أَصْحَابَ الْمُقَدَّرِ يُكَمَّلُ لَهُمْ كَأَصْحَابِ الْفُرُوضِ فِي الْمِيرَاثِ وَمَنْ لَهُ الْبَاقِي كَالْعَصَبَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْوَاقِفُ وَمَا فَضَلَ عَنْ كُلِّ سَنَةٍ وَنَحْوه مِمَّا يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ الشَّرْطِ بِكُلِّ سَنَةٍ.

وَهَذَا يَقْتَضِي فِي فَرْعِ ابْنِ الْحَدَّادِ أَنْ يُكَمِّلَ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015