عَلَى أَوْلَادِهِ فَمَا حُكْمُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ هُوَ وَصِيَّةٌ يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى سَبِيلِ الْبِرِّ ذَكَرُوا أَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ فَهَلْ يَخْتَصُّ بِالْفُقَرَاءِ كَمَا إذَا انْقَرَضَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَمْ يُفَرَّقُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ يُصْرَفُ لِأَقَارِبِهِ ثُمَّ لِأَهْلِ الزَّكَاةِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ قِيلَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ دُخُولُ الْقَرِيبِ الْبَعِيدِ وَالْغَنِيِّ فِي ذَلِكَ وَفَارَقَ مَسْأَلَةَ الِانْقِرَاضِ بِأَنَّ الْمُصْرَفَ الْمُعَيَّنَ مِنْ الْوَاقِفِ فِيهَا تَعَذَّرَ فَاحْتِيجَ لِمُرَجِّحٍ وَأَقْوَاهُ الْقَرَابَةُ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْأَقَارِبِ أَفْضَلُ وَلَمَّا كَانَتْ الْقَرَابَةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى جِهَاتٍ رَاعَيْنَا أَفْضَلهَا وَهِيَ مِنْ جِهَةِ الْفَقْرِ وَالْقُرْبِ فَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ غَنِيًّا وَالْآخَرُ فَقِيرًا رَجَّحْنَا بِالْفَقْرِ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَتِنَا فَالْوَاقِف نَصَّ عَلَى الْجِهَةِ الْمُعَبَّرِ عَنْهَا بِسَبِيلِ الْبِرِّ وَقَدْ عَيَّنَ الشَّرْعُ أَنَّهَا الْأَقَارِبُ فَلَا نَظَرَ إلَى الْمُرَجِّحَاتِ لِشُمُولِ لَفْظِ الْوَاقِفِ لِلْكُلِّ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ صِلَةُ الرَّحِمِ فَشُمُولُهُ لِلْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ وَالْقَرِيبِ وَالْأَقْرَبِ وَاضِحٌ مِنْ لَفْظِهِ وَمَا فِي تَفْقِيه الرِّيمِيِّ مِمَّا يَقْتَضِي اسْتِوَاءَ مَسْأَلَةِ الِانْقِرَاضِ وَمَسْأَلَةِ الْوَقْفِ عَلَى الْقَرَابَةِ فِي الِاخْتِصَاصِ بِمَا مَرَّ مِنْ تَصَرُّفِهِ.

(وَسُئِلَ) عَمَّا إذَا أُشْغِرَتْ وَظِيفَةُ نَحْو التَّدْرِيسِ مُدَّةً فَهَلْ يَسْتَحِقُّ مَعْلُومَهَا مَنْ قَرَّرَ بَعْد فِي الْوَظِيفَةِ أَوْ مَا يَفْعَلُ بِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ بَحَثَ بَعْضُ الْيَمَنِيِّينَ أَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى مَنْ تَصَدَّى بَعْد أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الْحَاصِلِ مِنْ رِيعِ وَقْف الْمَسْجِد أَنَّهُ إذَا خَرِبَ يُصْرَف لِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ آخَرَ.

وَفِيهِ حُكْمٌ وَأَخْذُ نَظَرٍ وَالْقِيَاسُ صَرْفُهُ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ الَّذِي فِيهِ تِلْكَ الْوَظِيفَةُ فَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ فَمَحَلُّ نَظَرٍ وَقِيَاسُ مَسْأَلَةِ الْمَسْجِدِ الَّذِي خَرِبَ أَنَّهُ يُصْرَفُ لِبَقِيَّةِ مُدَرِّسِي الْبَلَدِ وَإِلَّا فَمُدَرِّسُ أَقْرَب الْبِلَاد إلَيْهِمْ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ أَرْضًا عَلَى مُعَيَّنٍ فَهَلْ يَجُوزُ غَرْسُهَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ حَكَى ابْنُ الْمُلَقِّنِ فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ قَالَ أَحَدُهُمَا نَعَمْ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ كَلَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَظَاهِره أَنَّهُ مَائِلٌ إلَيْهِ وَلَوْ قِيلَ الْمُعْتَبَرُ الْعَادَةُ الْمُطَّرِدَةُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ فَلَا يَجُوزُ تَغْيِيرُ الْأَرْضِ عَمَّا كَانَتْ مُعْتَادَةً لَهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَبْعُد.

وَسُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ اشْهَدُوا أَنَّ مَالِي وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِي هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْشَاءِ فَيَحْتَاجُ إلَى إجَازَة؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ كَالْغَزَالِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ اشْهَدُوا عَلَى أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي كَذَا لَيْسَ إقْرَارًا بَلْ صِيغَةَ أَمْرٍ لَا صِيغَةَ إخْبَارٍ وَلَا يَجُوزُ لِلشُّهُودِ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ عَلَيَّ الدَّبِيلِيُّ بِمَا إذَا قَالَ اُكْتُبُوا لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْف دِرْهَم قَالَ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرُّ بَلْ أَمَرَ بِالْكِتَابَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَا فِي السُّؤَالِ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَلَا إنْشَاء إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ هُنَا يَحْتَمِلُ الْإِنْشَاءَ الْأَقْوَى مِنْ الْإِخْبَارِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الْإِنْشَاءَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ اشْهَدُوا عَلَى أَنِّي وَقَفْت جَمِيعَ أَمْلَاكِي وَذَكَرَ مَصْرِفَهَا وَلَمْ يَحُدَّ مِنْهَا شَيْئًا صَارَ الْجَمِيعُ وَقْفًا وَإِنْ جَهِلَ الشُّهُودُ الْحُدُودَ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا مَرَّ عَنْهُ لِأَنَّهُ هُنَا أَمَرَ بِالشَّهَادَةِ عَلَى إنْشَائِهِ لِلْوَقْفِ وَقَدْ أَنْشَأَهُ بِقَوْلِهِ وَقَفْت وَهُنَاكَ أَمَرَ بِهَا عَلَى إخْبَارِهِ وَلَمْ يُخْبِر وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الدَّبِيلِيِّ السَّابِقِ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى الْمَسْجِدِ وَعَرَّفَ بَلَدَهُ أَنَّ الْوَقْفَ يَكُونُ عَلَى الْوَارِدِ وَإِذَا وُقِفَ عَلَى الْوَارِدِ هَلْ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ كَانَ غَائِبًا مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ ثُمَّ قَدِمَ وَإِذَا طَلَب الْوَارِدُ عَشَاءَهُ لِيَشْتَرِيَ بِهِ شَيْئًا وَيَصْبِرُ بِلَا عَشَاءٍ يُجَابُ وَإِذَا اُعْتِيدَ فِي تِلْكَ أَنَّ الضِّيَافَةَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ هَلْ يَجُوزُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَهَلْ يَشْمَلُ الْوَارِدَ الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ وَمَنْ يُرِيدُ الْإِقَامَةَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ وَمَنْ ضِيفَ ثُمَّ ذَهَبَ لِبَلَدٍ قَرِيبَةٍ ثُمَّ رَجَعَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إذَا وَقَفَ عَلَى مَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ وَعُلِمَ مُرَادُ الْوَاقِفِ مِنْ ذَلِكَ كَالْوَارِدِ حُمِلَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مُرَادُهُ وَأُطْلِقَ فَهُوَ كَالتَّنْصِيصِ عَلَى الْعِمَارَةِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَإِذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمَسْجِدَ بَطَلَ الْوَقْفُ كَمَا فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْغَزِّيِّ وَإِنْ وُجِدَ وَقْفٌ عَلَى مَسْجِدٍ وَلَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ سَلَكَ ذَكِرهمْ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَيَتْبَعُ فِيهِ وَفِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ الْعُرْفَ الْمُطَّرِدَ الْعَامَّ الْمَعْلُومَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الزَّمَانِ مِنْ الْوَقْفِ إلَى الْآن مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ إذْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَشْرُوطِ فَيَنْزِلُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015