فِيهَا عَلَى الطَّوِيلَةِ عُرْفًا فَإِنْ كَانَتْ قَصِيرَةً أَنَابَ النَّاظِرُ عَنْهُ مَنْ يُبَاشِرُ وَأَعْطَاهُ الْمَعْلُومَ حَيْثُ لَا مُخَالَفَةَ فِي ذَلِكَ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَأَفْتَى النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَضِيَ عَنْهُ بِأَنَّ مَنْ اسْتَنَابَ لِعُذْرٍ لَا يُعَدُّ بِسَبَبِهِ مُقَصِّرًا تَكُونُ الْجَامِكِيَّةُ لِلْمُسْتَنِيبِ وَأَمَّا النَّائِبُ فَإِنْ ذَكَرَ لَهُ جُعْلًا اسْتَحَقَّهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ وَإِنْ اسْتَنَابَ عَلَى صِفَةٍ يُعَدُّ مَعَهَا مُقَصِّرًا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُسْتَنِيبُ شَيْئًا مِنْ الْجَامِكِيَّةِ وَأَمَّا النَّائِبُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ النَّاظِرُ فِيهِ اسْتَحَقَّ الْجَامِكِيَّةَ وَإِلَّا فَلَا يَسْتَحِقُّهَا وَإِذَا تَعَذَّرَتْ مَعْرِفَةُ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَالْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ فِي زَمَنِهِ رَجَعَ إلَى عَادَةِ النُّظَّارِ الْمُطَّرِدَةِ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ فَإِنْ شَكَّ فِي شَيْءٍ مِنْ الِاحْتِيَاطِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ عَادَةٌ أَوْ اخْتَلَفَتْ رَجَعَ لِاجْتِهَادِ النَّاظِرِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّ النَّاظِرَ مَتَى أَسْكَنَ شَخْصًا أَمْضَى مَا لَمْ تَتَحَقَّقْ مُخَالَفَتُهُ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَبِهَذَا عُلِمَ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ السَّائِلِ هَلْ تُعْتَبَرُ السُّكْنَى إلَخْ وَمَتَى شَرَطَ الْوَاقِفُ سُكْنَى الْمُسْتَحَقِّ امْتَنَعَتْ إعَارَتُهُ وَإِجَارَتُهُ وَإِلَّا فَلَا وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ مِنْ الْوَظِيفَةِ مُرَادِفٌ لِلنُّزُولِ عَنْهَا فَيَنْفُذُ وَإِنْ مَنَعَ مِنْهُ النَّاظِرُ.
(وَسُئِلَ) بِمَا لَفْظُهُ عَزَلَ نَاظِرُ وَقْفٍ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ نَفْسَهُ فَهَلْ يَنْعَزِلُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي رَجَّحَهُ السُّبْكِيّ وَقَالَ إنَّهُ لَمْ يَرَ فِيهِ خِلَافًا أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ لَكِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ النَّظَرُ بَلْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ لِقَاضٍ أَوْ لِلْوَاقِفِ إنْ كَانَ حَيًّا وَقُلْنَا لَهُ ذَلِكَ لِيُقِيمَ غَيْرَهُ مَقَامَهُ وَحُمِلَ كَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ الْمُقْتَضِي لِانْعِزَالِهِ عَلَى مَا إذَا صَدَرَ مِنْهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبُولِ فَيَكُونُ رَدًّا ثُمَّ اخْتَارَ خِلَافَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْضًا وَرَدَّ عَلَى مَنْ أَفْتَى بِانْعِزَالِهِ وَلَوْ قَبْلَ الرَّدِّ
(وَسُئِلَ) بِمَا لَفْظُهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَمِمَّا يَتَفَرَّعُ عَلَى الضَّعِيف أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ غَلَّةَ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الْمَوْقُوفِ نَخْلَةٌ فَخَرَجَتْ ثَمَرَتُهَا قَبْلَ خُرُوجِ الْحَمْلِ لَا يَكُونُ لَهُ مِنْ تِلْكَ الثَّمَرَةِ شَيْءٌ كَذَا قَطَعَ بِهِ الْفُورَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَأَطْلَقَاهُ.
وَقَالَ الدَّارِمِيُّ فِي الثَّمَرَةِ الَّتِي أَطْلَعَتْ وَلَمْ تُؤَبَّرْ قَوْلَانِ هَلْ لَهَا حُكْمُ الْمُؤَبَّرَةِ فَتَكُونُ لِلْأَوَّلِ أَوْ لَا فَتَكُونُ لِلثَّانِي قَالَ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ يَجْرِيَانِ هُنَا فَمَا الْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَقَلَ السُّبْكِيّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ عَنْ الْقَاضِي أَنَّ الثَّمَرَةَ إذَا بَرَزَتْ قَبْلَ انْفِصَالِ الْحَمْلِ وَقَبْلَ مَوْتِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ حَدَثَ وَلَا لِلْبَطْنِ الثَّانِي مِنْهَا شَيْءٌ.
وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ أَفْتَى أَيْضًا فِي بُسْتَانٍ وُقِفَ عَلَى رَجُلٍ ثَمَّ عَلَى بَطْنٍ آخَرَ فَمَاتَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بَعْدَ خُرُوجِ الثَّمَرَةِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ هَلْ يَتَعَلَّقُ الْغُرَمَاءُ بِالثَّمَرَةِ بِأَنَّ ثَمَرَةَ غَيْرِ النَّخْلِ لِلْمَيِّتِ تُقْضَى مِنْهَا دُيُونُهُ وَكَذَا ثَمَرَةُ النَّخْلِ إنْ مَاتَ بَعْد التَّأْبِيرِ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ وَكَذَا إذَا تَرَكَ جَارِيَةً حَامِلًا أَوْ شَاةً مَاخِضًا فَوَلَدَتْ بَعْد الْمَوْتِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَيْ وَقُلْنَا وَلَدُهَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ هَلْ يُقْضَى حَقُّ الْغُرَمَاءِ مِنْ الْوَلَدِ أَوْ يَكُونُ لِلْبَطْنِ الثَّانِي فِيهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ هَلْ لَهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْقَطْعُ بِهِ مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ وَقَضِيَّةُ إجْرَاءِ الْخِلَافِ فِي ثَمَرَةِ النَّخْلِ إنْ نَظَرَ فِيمَا أَلْحَقْنَاهُ بِهَا فِي التَّأْبِيرِ وَعَدَمِهِ وَالْحَمْلِ يَتَرَتَّبُ عَلَى الثَّمَرَةِ.
وَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لِلْبَطْنِ الثَّانِي لِأَنَّ الثَّمَرَةَ يُمْكِنُ فَصْلُهَا فِي الْحَالِ وَلَا كَذَلِكَ الْحَمْلُ ثُمَّ قَالَ السُّبْكِيّ وَهَذَا الْفَرْعُ يَنْبَغِي الِاعْتِنَاءُ بِهِ فَإِنَّ الْبَلْوَى تَعُمُّ بِهِ وَالْكَلَامُ فِيهِ لَا يَخْتَصُّ بِالتَّفْرِيعِ عَلَى عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ مُدَّةِ الْحَمْلِ بَلْ عَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ إذَا خَرَجَتْ الثَّمَرَةُ قَبْلَ انْفِصَالِ الْحَمْلِ بِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَا يَخْتَصُّ أَيْضًا بِوَقْفِ التَّرْتِيبِ بَلْ يَكُونُ فِيهِ النِّزَاعُ بَيْنَ الْبَطْنِ الثَّانِي وَوَرَثَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَيَكُونُ فِي وَقْفِ التَّشْرِيكِ بَيْن الْوَلَدِ الْحَادِثِ وَبَقِيَّةِ الَّذِينَ يُشَارِكُهُمْ فِي الْوَقْفِ هَلْ يَخْتَصُّونَ بِالثَّمَرَةِ أَمْ يُشَارِكُونَهُ فِيهَا.
وَاَلَّذِي اقْتَضَاهُ نَظَرِي فِيهِ مُوَافَقَةُ الْجُمْهُورِ فِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ وُجُودُ الثَّمَرَةِ لَا تَأْبِيرُهَا لِأَنَّهَا إذَا وُجِدَتْ كَانَتْ مِلْكَ مَنْ هُوَ مَوْجُودٌ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ لَمْ تَنْتَقِلْ عَنْهُ.
وَيَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ الثَّمَرَةَ حُكْمُهَا حُكْمُ الرَّقَبَةِ فِي الْمِلْكِ حَتَّى يَتَنَاوَلَهَا وَالتَّأْبِيرُ وَإِنْ كَانَ اعْتَبَرَهُ الشَّرْعُ فَلِأَنَّ بِوُجُودِهِ تَصِيرُ الثَّمَرَةُ ظَاهِرَةً كَعَيْنٍ أُخْرَى وَقَبْلَهَا نَقَلَهُ الْمَالِكُ لَهَا تَبَعًا لِلرَّقَبَةِ فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ فِي شَيْءٍ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ وَالْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّا لَيْسَ عَلَى عَمَلٍ وَلَا شَرَطَ الْوَاقِف فِيهِ صَرْف مُسَانَهَة أَوْ مُشَاهَرَةٍ أَوْ مُيَاوَمَة أَمَّا مَا كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى عَمَلٍ كَأَوْقَافِ الْمَدَارِسِ وَالْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ