لِمُدَرِّسٍ وَطَلَبَةٍ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَلَوْ وَقَفَ قَدْرًا عَلَى أَهْلِ مَحَلَّةٍ فَخَرِبَتْ جَازَ نَقْلُهُ إلَى أُخْرَى كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُمْ وَهَذَا أَيْضًا يُؤَيِّدُ مَا قَدَّمْته، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى ذُكُورِ أَوْلَادِهِ دُونَ إنَاثِهِمْ قَاصِدًا بِذَلِكَ حِرْمَانهنَّ فَهَلْ يَصِحُّ الْوَقْفُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنْ شَرَطْنَا لِصِحَّةِ الْوَقْفِ الْقُرْبَةُ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْمُعْظَمِ لَمْ يَصِحُّ وَبِهِ أَفْتَى جَمْعٌ كَعُمَرَ الْفَتَى وَتِلْمِيذِهِ الْكَمَالِ الرَّدَّادِ وَغَيْرِهِمَا وَإِنْ اشْتَرَطْنَا لِصِحَّتِهِ انْتِفَاءَ الْمَعْصِيَةِ صَحَّ إنْ قُلْنَا إنَّ قَصْدَ حِرْمَانِ الْوَارِثِ بِالتَّصَرُّفِ فِي الصِّحَّةِ غَيْرُ مُحَرَّمٍ لَكِنْ قَضِيَّةُ عُمُومِ مَا رُوِيَ مِنْ خَبَر «مَنْ قَطَعَ مِيرَاثَ فَرِيضَةٍ قَطَعَ اللَّهُ مِيرَاثَهُ مِنْ الْجَنَّةِ» إنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ وَقَعَ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ صَحَّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَكْثَرِينَ إنَّ الْمُغَلَّبَ فِي الْوَقْفِ التَّمْلِيكُ لَا الْقُرْبَةُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ تَمْلِيكَ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ أَوْ عَكْسه صَحِيحٌ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَمَا ذُكِرَ عَنْ الْإِمَامِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِهَةِ فَلَا تَعَارُضَ وَحِينَئِذٍ فَلَا حُجَّةَ لِأُولَئِكَ الْمُفْتِينَ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَأَنَا أَقُولُ لِلْقَاضِي أَنْ يُقَلِّدَ مَا ذُكِرَ عَنْ الْإِمَامِ وَيَحْكُمَ بِبُطْلَانِ الْوَقْفِ لِأَنَّهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ اهـ.
وَقَدْ عَلِمْت رَدَّهُ
(وَسُئِلَ) عَنْ شَجَرِ الْمَقْبَرَة مَا يُفْعَلُ بِهِ إذَا انْقَطَعَ وَمَا مَصَارِفُهَا الَّتِي يُصْرَفُ فِيهَا وَهَلْ لِلْقَاضِي قَلْعُهُ إلَّا رَآهُ وَأَعْطَاهُ مَا فَضَلَ عَنْ مَصَالِحهَا لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لِلْقَاضِي بَيْعُ شَجَرِهَا وَثَمَرِهِ وَصَرْفُهُ فِي مَصَالِحِهَا كَتُرَابٍ يَمْنَعُ نَبْشَ الْقُبُورِ وَزُبَيْرَ يَمْنَعُ نَسْفَ الرِّيحِ وَإِزَالَةَ الْمَطَرِ لِتُرَابِهَا أَوْ مُرُورَ الدَّوَابِّ وَنَحْوِهَا إذَا أَضَرَّ الْقُبُورَ وَوُجُوهُ الْمَصَالِحِ كَثِيرَةٌ وَمَنَاطُهَا نَظَرُ الْقَاضِي الْعَدْلِ الْأَمِينِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ لَهَا مَصَالِحُ حُفِظَ ثَمَنُ ذَلِكَ إلَى ظُهُورِ مَصَالِحَ لَهَا وَلَا تُصْرَفُ لِغَيْرِهَا كَمَا لَوْ وَجَبَ لِلْمَسْجِدِ مَالٌ عَلَى مَنْ شَغَلَ بُقْعَةً مِنْهُ فَإِنَّهُ يُصْرَفُ لِمَصَالِحِهِ لَا لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَالْغَزَالِيِّ خِلَافًا لِابْنِ رَزِينٍ كَالْمُتَوَلِّي.
قَالَ بَعْضُهُمْ وَأَمَّا قَطْعُهَا مَعَ قُوَّتهَا وَسَلَامَتِهَا فَيَظْهَرُ إبْقَاؤُهَا لِلرِّفْقِ بِالزَّائِرِ وَالْمُشَيِّع اهـ.
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يُرْجَعُ فِيهَا لِنَظَرِ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ فَإِنْ اُضْطُرَّ لِقَطْعِهَا لِاحْتِيَاجِ مَصَالِحِ الْمَقْبَرَةِ إلَى مَصْرِفٍ وَتَعَيَّنَ فِيهَا قَطْعُهَا وَإِلَّا فَلَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ مُسْتَأْجِرِ دَارٍ مَوْقُوفَةٍ أَذِنَ لَهُ نَاظِرُهَا فِي عِمَارَتِهَا مِنْ مَالِهِ فَفَعَلَ ثُمَّ مَاتَ النَّاظِرُ فَهَلْ يَرْجِعُ الْمُعَمَّرُ عَلَى تَرِكَةِ النَّاظِرِ أَوْ عَلَى الْوَاقِفِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنْ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةٌ فَأَذِنَ لَهُ النَّاظِرُ فِي صَرْفِهَا فِي الْعِمَارَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى تَرِكَتِهِ بِشَيْءٍ وَإِنْ لَمْ يَتَرَتَّب فِي ذِمَّتِهِ شَيْءٌ فَاقْتَرَضَ مِنْهُ النَّاظِرُ وَلَوْ بِالْإِذْنِ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْعِمَارَةِ رَجَعَ عَلَى تَرِكَتِهِ بِمَا صَرَفَهُ لَا عَلَى الْوَاقِفِ ثُمَّ مَا أَخَذَهُ مِنْ تَرِكَةِ النَّاظِرِ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى الْوَاقِفِ إلَّا إذَا كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ لَهُ الِاقْتِرَاضَ لِلْعِمَارَةِ أَوْ أَذِنَ لَهُ الْقَاضِي فِيهِ.
(وَسُئِلَ) عَنْ رِبَاطٍ بِهِ طِهَارَاتٌ وَدَرَجَةٌ يُصْعَدُ مِنْهَا إلَى دَوْرٍ عُلْوِيّ أَشَارَ بَعْضُ الْمُهَنْدِسِينَ مِنْ الْبُنَاةِ بِتَأْخِيرِ بَعْضِ الطِّهَارَات وَالدَّرَجَةِ عَنْ مَوْضِعِهِمَا الْأَصْلِيِّ قَلِيلًا مَعَ بَقَاءِ نَفْعِهِمَا الَّذِي كَانَا عَلَيْهِ وَأَنْشَأَ ثَلَاثَةَ دَكَاكِين فِي مَحَلِّ ذَلِكَ لِيَنْتَفِعَ بِأُجْرَتِهِمْ فِي مَصَالِحِ الرِّبَاطِ الْمَذْكُورِ كَمَا اخْتَارَهُ السُّبْكِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَلْ مَا اخْتَارَهُ السُّبْكِيّ مُعْتَمَدٌ مَعْمُولٌ بِهِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ كَلَامُ الْأَصْحَابِ صَرِيحٌ فِي مَنْعِ ذَلِكَ وَكَذَا كَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ عَلَى مَا فِيهِ بَلْ وَكَلَامُ السُّبْكِيّ أَيْضًا فَإِنَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ أَنَّ مَا اخْتَارَهُ خَارِجٌ عَنْ الْمَذْهَبِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ التَّغْيِيرُ يَسِيرًا لَا يُغَيِّرُ مُسَمَّى الْوَقْفِ وَأَنْ لَا يُزِيلُ شَيْئًا مِنْ عَيْنِهِ بِأَنْ يَنْتَقِلَ بَعْضُهُ مِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبٍ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ جَعْلَ الْمَطْهَرَةَ دَكَاكِين فِيهِ تَغْيِيرٌ لِمُسَمَّى الْوَقْفِ فَقْد صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ جَعْلَ الدَّارِ حَمَّامًا وَعَكْسهُ تَغْيِيرٌ عَنْ هَيْئَتِهِ نَعَمْ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ جَمْعٍ كَشَيْخِهِ عِمَادِ الدِّينِ وَقَاضِي الْقُضَاةِ تَاجِ الدِّينِ وَوَلَدِهِ قَاضِي الْقُضَاةِ صَدْرِ الدِّينِ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ الْمُجْتَهِدِ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ وَسَبَقَهُمْ إلَيْهِ الْمَقْدِسِيُّ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَنَاهِيك بِالْمَقْدِسِيِّ مَا يَقْتَضِي جَوَازَ مَا فِي السُّؤَالِ وَمَعَ ذَلِكَ فَهَذَا كُلُّهُ خَارِجٌ وَاَلَّذِي أَرَاهُ الْكَفَّ عَنْ ذَلِكَ إلَّا إنْ قَالَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ فَيُقَلَّدُ حِينَئِذٍ وَيُعْمَلُ بِمَذْهَبِهِ
(وَسُئِلَ) عَنْ وَقْفٍ عَلَى مَصَالِحِ