الْمَرْأَةِ إلَخْ هُوَ مَا رَأَيْته فِي النُّسْخَةِ الَّتِي عِنْدِي وَنَقْلُ الْأَذْرَعِيِّ الْوُجُوبَ فِي ذَلِكَ وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي الْقَاضِي صَرِيحٌ فِي الْجَوَازِ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَقْدِيمُ السَّابِقِ فِي الْإِفْتَاء إلَّا إنْ ظَهَرَ لَهُ جَوَابُهُ وَإِلَّا لَمْ يَحْبِسْ الْمُتَأَخِّر إلَى الْبَحْثِ فَإِنَّهُ قَدْ يُبْحَثُ وَلَا يَظْهَرُ لَهُ شَيْءٌ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَفِيهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَإِنْ ذَكَرَ دُرُوسًا قَدَّمَ أَهَمَّهَا فَيُقَدِّمُ التَّفْسِيرَ ثُمَّ الْحَدِيثَ ثُمَّ الْأَصْلَيْنِ ثُمَّ الْمَذْهَبَ ثُمَّ الْخِلَافَ ثُمَّ الْجَدَلَ وَقَالَ أَيْضًا فِي الطَّالِبِ وَلَا يُؤْثِرُ بِنَوْبَتِهِ فَإِنَّ الْإِيثَارَ بِالْقُرْبِ مَكْرُوهٌ فَإِنْ رَأَى الشَّيْخُ الْمَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ فِي وَقْتٍ فَأَشَارَ بِهِ اُمْتُثِلَ أَمْرُهُ فَإِنْ قُلْتَ قَوْلُهُ فَإِنْ رَأَى الشَّيْخُ الْمَصْلَحَةَ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِيرَةَ إلَى رَأْي الشَّيْخِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَقْدِيمٌ بِالسَّبْقِ وَبِهِ يَتَأَيَّدُ الْقَوْلُ بِالنَّدْبِ.

وَيُنَافِي مَا قَدَّمَهُ مِنْ الْوُجُوبِ فِي الْإِفْتَاءِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّدْرِيسَ قُلْتُ يُمْنَعُ ذَلِكَ كُلُّهُ بِأَنَّ هَذَا مُحْتَمَلٌ وَذَاكَ أَعْنِي الْوُجُوبَ مُصَرَّحٌ بِهِ وَالصَّرِيحُ يَقْضِي بِهِ عَلَى الْمُحْتَمَلِ وَلَا عَكْسَ فَالْحَقُّ الْوُجُوبُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ اُمْتُثِلَ أَمْرُهُ أَيْ نَدْبًا عَلَى أَنَّهُ أَعْنِي الْوُجُوبَ هُوَ أَنَّ الْمُفْتِي لَوْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي تَقْدِيمِ الْمَسْبُوقِ لِأُنُوثَةٍ أَوْ سَفَرٍ جَازَ فَتُحْمَلُ الْمَصْلَحَةُ هُنَا عَلَيْهَا ثَمَّ وَحِينَئِذٍ لَا تَخَالُفَ بَيْن كَلَامَيْهِ أَصْلًا فَقْد عَلِمْنَا مِنْ مَجْمُوعِهِمَا أَنَّ شَرْطَ وُجُوبَ تَقْدِيمِ السَّابِقِ عَلَى الشَّيْخِ أَنْ لَا يَرَى الْمَصْلَحَةَ الْحَقَّةَ فِي تَقْدِيمِ غَيْرِهِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لَهُ التَّقْدِيمُ بِحَسْبِهَا.

وَسَيَأْتِي أَنَّهُ فِي غَيْرِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ يُقَدِّمُ مَنْ شَاءَ فَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ الْأَخِيرِ عَلَى هَذَا أَيْضًا فَإِنْ قُلْت مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَوْضِعِ الثَّانِي يُنَافِيه قَوْلُ عَصْرَيْهِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْبَدْرِ بْنِ جَمَاعَةَ وَالِدِ الْعِزِّ بْنِ جَمَاعَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إذَا تَعَدَّدَتْ الدُّرُوسُ قُدِّمَ الْأَشْرَفُ فَالْأَشْرَفُ وَالْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ فَيُقَدَّمُ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ ثُمَّ الْحَدِيثُ ثُمَّ أُصُولُ الدِّينِ ثُمَّ أُصُولُ الْفِقْهِ ثُمَّ الْمَذْهَبُ ثُمَّ الْخِلَافُ أَوْ النَّحْوُ أَوْ الْجَدَلُ قُلْت لَا يُنَافِيه وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانٌ لَهُ فَإِنَّ النَّوَوِيَّ أَجْمَلَ تَقْدِيمَ الْأَصْلَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّنُ أَيُّهُمَا الْمُقَدَّمُ فَبَيَّنَ الْبَدْرُ أَنَّ أُصُولَ الدِّينِ مُقَدَّمٌ عَلَى أُصُولِ الْفِقْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْهُ فَإِنْ قُلْتَ هُوَ أَشْرَفُ مِنْ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ أَيْضًا نَظَرًا إلَى غَايَتِهِ إذْ الْعُلُومِ إنَّمَا تَشْرُفُ بِشَرَفِ غَايَاتِهَا قُلْتُ هُوَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُمَا أَصْلَانِ لَهُ فَهُوَ فَرْعٌ عَنْهُمَا لِاسْتِمْدَادِ أَكْثَرِ مَسَائِلِهِ مِنْهُمَا فَكَانَا أَشْرَفَ مِنْهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ فَقُدِّمَا عَلَيْهِ وَأَيْضًا النَّوَوِيُّ بَيَّنَ تَرْتِيبَ مَا بَعْدَ الْمَذْهَبِ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ وَالْبَدْرُ زَادَ النَّحْوَ وَتَرَدَّدَ فِي أَيِّ الثَّلَاثَةِ أَحَقُّ بِالتَّقْدِيمِ فَلَمْ يَجْزِمْ فِيهِ بِشَيْءٍ وَالْعُمْدَةُ عَلَى مَا رَتَّبَهُ النَّوَوِيُّ لِظُهُورِهِ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ النَّحْوَ مُؤَخَّرٌ عَنْ الْخِلَافِ وَالْجَدَلِ وَلَهُ وَجْهٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُمَا بِمَا قَبْلَهُمَا أَشَدُّ تَعَلُّقًا عِنْد تَقْرِيرِهَا وَإِنْ كَانَ هُوَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَسْبَقَ فِي التَّعَلُّقِ بَلْ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ تَعَلُّمِ أُصُولِ مُسَائِلِهِ عَلَى الْكُلِّ إذْ لَا يَتِمُّ فَهْمُ حَقَائِقهَا إلَّا بِهِ فَإِنْ قُلْت قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ التَّقْدِيمَ وَاجِبٌ بِالسَّبَقِ وَإِلَّا فَبِالْقُرْعَةِ فَبِأَحَدِهِمَا يَجِبُ التَّقْدِيمُ وَلَوْ كَانَ الْمُقَدَّمُ بِهِ مُتَأَخِّرًا فِي الرُّتْبَةِ فَمَا وَجْهُ هَذَا التَّرْتِيبِ قُلْت إذَا تَأَمَّلْت قَوْلَ الْمَجْمُوعِ فَإِنْ ذَكَرَ دُرُوسًا قَدَّمَ إلَخْ عَلِمْت أَنَّ الْكَلَامَ هَهُنَا فِي إلْقَاءِ الشَّيْخِ الْعُلُومَ عَلَى الطَّلَبَةِ مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ مِنْهُمْ فَحِينَئِذٍ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يُرَتِّبَ كَمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُمْ قَابِلُونَ لِإِلْقَاءِ الْكُلِّ فَنَاسَبَ أَنْ يُقَدِّمَ فِي الْإِمْلَاءِ عَلَيْهِمْ الْأَشْرَفَ فَالْأَشْرَفَ أَوْ يُحْمَلَ عَلَى طَالِبٍ وَاحِدٍ لَهُ دُرُوسٌ مُتَعَدِّدَةٌ فِي تِلْكَ الْعُلُومِ وَأَرَادَ قِرَاءَتَهَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَحِينَئِذٍ يُقَدَّمُ الْأَشْرَفُ فَالْأَشْرَفُ إذْ لَا مُعَاوِضَ لِلنَّظَرِ إلَى الْأَشْرَفِ حِينَئِذٍ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ وُجُوبُ التَّقْدِيمِ بِالسَّبْقِ وَإِلَّا فَبِالْقُرْعَةِ فَلْتَرْجِعْ إلَى قَوْلِ السَّائِلِ نَفَعَ اللَّه بِهِ فَهَلْ لِلْأَوَّلِ إلَخْ فَنَقُولُ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِأَنَّ الْقَاضِيَ يُقَدِّمُ عِنْد ازْدِحَامِ الْمُدَّعِينَ بِالسَّبْقِ إنْ عَرَفَ السَّابِقَ فَإِنْ جَهِلَ أَوْ جَاءُوا مَعًا قَدَّمَ بِالْقُرْعَةِ فَإِنْ كَثُرُوا وَعَسُرَ الْإِقْرَاعُ كُتِبَتْ أَسْمَاؤُهُمْ فِي رِقَاع وَصُبَّتْ بَيْن يَدَيْهِ فَيَأْخُذَهَا وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَيَسْمَعُ دَعْوَى مِنْ خَرَجَ اسْمُهُ ثُمَّ قَالَا وَالْمُفْتِي وَالْمُدَرِّسُ يُقَدَّمَانِ أَيْضًا عِنْد الِازْدِحَامِ بِالسَّبْقِ أَوْ بِالْقُرْعَةِ وَلَوْ كَانَ الَّذِي يَعْلَمُهُ لَيْسَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ فَالِاخْتِيَارُ إلَيْهِ فِي تَقْدِيمِ مِنْ شَاءَ اهـ.

فَأَفْهَمُ سِيَاقُهُمَا أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْمُفْتِي وَالْمُدَرِّسِ مَا قَالُوهُ فِي الْقَاضِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015