شَيْئًا إلَّا إنْ فُقِدَتْ الْأَوْلَاد وَأَوْلَادهمْ، فَإِنْ قُلْتَ: يُنَافِي هَذَا قَوْله كُلّ طَبَقَة مِنْهُمْ تُشْرِك الطَّبَقَة الْأُخْرَى قُلْتُ: لَا مُنَافَاة؛ لِأَنَّ عَطْفَ أَوْلَاد الْأَوْلَاد بِالْوَاوِ، وَمَنْ بَعْدهمْ بِثُمَّ صَرِيح فِي التَّرْتِيب، وَقَوْله كُلّ لَيْسَ صَرِيحًا فِي عَوْده لِجَمِيعِ الْبُطُون فَوَجَبَ حَمْله عَلَى أَنَّهُ عَائِد لِلْبُطُونِ الْمَذْكُورَة بَعْدَ ثُمَّ الْمُسْتَفَادَة مَنْ قَوْله: أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا إلَخْ، نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْبَطْن الرَّابِعَة فَإِنَّهَا لَا تَسْتَحِقّ شَيْئًا إلَّا إنْ فُقِدَتْ الْبَطْن الثَّالِثَة كَمَا يُفِيدهُ صَرِيحُ قَوْله: فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَاد الْوَاقِف الْمَذْكُور إلَخْ، وَدَلِيل ذَلِكَ الْقَاعِدَة الَّتِي أَسْتَنْبِطُهَا مَنْ كَلَامهمْ، وَهُوَ أَنَّ الْمُوَثِّق إذَا وَقَعَ مِنْهُ عِبَارَتَانِ مُتَنَافِيَتَانِ، فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْع بَيْنهمَا بِحَمْلِ كُلّ مِنْهُمَا عَلَى حَالِهِ كَمَا هُنَا وَجَبَ الْمَصِير إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِن ذَلِكَ، فَإِنْ اعْتَضَدَتْ أَحَدُهُمَا بِقَرِينَةٍ عُمِلَ بِهَا وَطُرِحَتْ الْأُخْرَى، وَإِنْ لَمْ تَعْتَضِدْ وَاحِدَةٌ بِشَيْءِ تَعَارَضَتَا فَتَسَاقَطَتَا.

وَقَدْ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ بِنَحْوِ ذَلِكَ حَيْثُ أَلْغَى عِبَارَة بَعْض الْمُوَثَّقِينَ وَحَكَمَ عَلَيْهَا بِالسَّهْوِ وَالْغَلَط أَخْذًا مَنْ قَرَائِن فِي كَلَام ذَلِكَ الْمُوَثِّق، وَأَنْ مَحَلّ التَّشْرِيك فِي الْبَطْنَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَفِيمَا بَعْده الْبَطْن الثَّالِث وَالتَّرْتِيب بَيْن الْأَوَّلَيْنِ وَالثَّالِثَةِ وَبَيْنَ الثَّالِثَة وَمَا بَعْدهَا مَا إذَا مَاتَ أَحَد الْبُطُون عَنْ غَيْر وَلَد وَلَا أَخ أَمَّا إذَا مَاتَ أَحَد مَنْ بَنِي الْوَاقِف أَوْ بَنِي بَنِيهِ عَنْ وَلَد فَيَعُود نُصِيبهُ إلَى إخْوَته وَأَخَوَاته الْمُسَاوِينَ لَهُ فِي الدَّرَجَة، فَإِنْ فُقِدُوا فَلِأَوْلَادِهِمْ ثَمَّ أَوْلَاد أَوْلَادهمْ وَهَكَذَا مَا عَدَا أَوْلَاد الْبَنَات.

وَكَذَا يُقَال: فِيمَنْ مَاتَ عَنْ وَلَد أَخْذًا مَنْ قَوْلهمْ إنَّ الضَّمِير كَالصِّفَةِ فَيَرْجِع إلَى جَمِيع مَا قَبْله مِمَّا يَصِحّ رُجُوعه إلَيْهِ، وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ فَإِنَّ قَوْلَهُ: ثُمَّ عَلَى أَوْلَادهمْ إلَخْ وَاقِع بَعْد قَوْله: فَمَنْ مَاتَ مِنْ بَنِي هَذَا الْمُتَصَدِّق بِقِسْمَيْهِ فَيَرْجِع إلَيْهِمَا، وَمَنْ أَخَذَ نَصِيب وَالِده أَوْ أُخْته يُشَارِك الْبَاقِينَ أَيْضًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، ذِكْرهمْ حَيْثُ قَالُوا لَوْ عَطَفَ بِالْوَاوِ ثَمَّ قَالَ: مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ فَمَاتَ أَحَدهمْ اخْتَصَّ وَلَده بِنَصِيبِهِ وَشَارَكَ الْبَاقِينَ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الضَّمِير فِي قَوْلِهِ: " ثُمَّ " عَلَى أَوْلَادهمْ. . . إلَخْ عَائِد إلَى الْأَوْلَاد فِي الصُّورَة الْأَوْلَى وَإِلَى الْإِخْوَة فِي الصُّورَة الثَّانِيَة، وَأَنْ قَوْله: فَمَنْ مَاتَ، الْأَوَّل خَاصّ بِالْبَنِينَ وَبَنِيهِمْ، وَالثَّانِي خَاصّ بِالْأَوْلَادِ فَقَطْ أَخْذًا مِنْ صَرِيحِ كَلَامِهِ فَإِنَّهُ قَالَ أَوَّلًا: فَمَنْ مَاتَ مِنْ بَنِي هَذَا الْمُتَصَدِّق وَبَنِي بَنِيهِ.

وَقَالَ فِي الثَّانِي: وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَاد هَذَا الْمُتَصَدِّق فَأَفْهَمْ أَنَّ هَذَا الْحُكْم أَعْنِي الِانْتِقَال فِي الْأَوْلَى لِلْأَوْلَادِ ثُمَّ أَوْلَادهمْ وَهَكَذَا خَاصّ بِالطَّبَقَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا فَلَا يَدْخُل فِي ذَلِكَ غَيْرهمَا، وَالِانْتِقَال فِي الثَّانِيَة لِلْإِخْوَةِ ثُمَّ أَوْلَادهمْ، وَهَكَذَا خَاصّ بِالطَّبَقَةِ الْأَوْلَى فَلَا يَجْرِي فِيمَا عَدَاهَا لِاقْتِصَارِهِ عَلَيْهَا إذْ الطَّبَقَةُ الثَّانِيَة، وَمَنْ بَعْدهَا لَا يَجْرِي فِيهَا الِانْتِقَال لِلْإِخْوَةِ ثَمَّ بَنِيهِمْ عَلَى التَّرْتِيب وَالطَّبَقَة الثَّالِثَة، وَمَنْ بَعْدهَا لَا يَجْرِي فِيهِمْ الِانْتِقَال لِلْأَوْلَادِ ثَمَّ أَوْلَادهمْ عَلَى التَّرْتِيب اقْتِصَارًا عَلَى إفَادَة لَفْظ الْوَاقِف الْمَذْكُور، وَالْوَجْه الْمَشْرُوح فِي كَلَامه هُوَ مَا تَقَرَّرَ مَنْ التَّشْرِيك وَالتَّرْتِيب وَغَيْرهمَا مِمَّا ذَكَرْنَا عَلَى أَنْ قَوْله، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَنْتَمِي إلَى هَذَا الْوَاقِف بِالنَّسَبِ الْمَذْكُور كَانَ لَهُ فِيهَا الْحَظّ وَالنَّصِيب عَلَى الْوَجْه الْمَشْرُوح لَا حَاجَة إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُوم مِمَّا قَبْله، وَإِنَّمَا هُوَ لِمَزِيدِ الْإِيضَاح وَالتَّوْكِيد وَأَفْهَم قَوْله: فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَاد الْوَاقِف الْمَذْكُور الذُّكُور إلَخْ أَنَّهُ يَعُود لِمَنْ بَعْد الْبُطُون الثَّلَاثَة عَلَى التَّشْرِيك بَيْنهمْ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ طَبَقَاتهمْ وَقَوْله: فَإِذَا انْقَرَضُوا، وَإِنْ بَعُدُوا عَادَتْ هَذِهِ الصَّدَقَة جَارِيَة إلَى الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب مَنْ ذَوِي ابْن مَكِينَةَ إلَخْ صَرِيح فِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ أَوْلَاده وَأَوْلَادهمْ أَحَد عَادَ الْوَقْف إلَى أَخِيهِ، سَوَاء كَانَ شَقِيقًا أَمْ لِأَبٍ لَا لِأَوْلَادِ بَنَاته، سَوَاء أَكَانُوا أَوْلَاد ابْن أَخِيهِ شَقِيقه أَوْ أَوْلَاد أَخِيهِ لِأُمِّهِ ابْن عَمّه؛ لِأَنَّ أَخَاهُ شَقِيقَهُ أَوْ لِأَبِيهِ أَقْرَبُ مَنْ هَؤُلَاءِ فَيُصْرَفُ إلَيْهِ جَمِيعُ الْوَقْفِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخٌ عَادَ لِأَوْلَادِ أَخِيهِ لِأَبِيهِ ثُمَّ لِأَوْلَادِ ابْنِ أَخِيهِ لِأَبِيهِ، وَهَكَذَا يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ مِنْهُمْ فَالْأَقْرَبُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى كَوْنِ أَحَدِهِمْ ابْنَ بِنْتِ الْوَاقِفِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ اكْتَفَى بِهَذِهِ النِّسْبَةِ بِمَا قَدَّمَهُ فِي كَلَامِهِ. الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ إلَخْ رَاجِعٌ إلَى الْأَقْرَبِ مِنْ ذَوِي ابْنِ مَكِينَةَ ثُمَّ مِنْ ذَوِي مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَوْلُهُ: يَجْرِي الْحَالُ بَيْنَهُمْ أَيَّامَ حَيَاتِهِمْ عَلَى الْوَضْعِ الْمَذْكُورِ أَيْ: فِي أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِهِمْ، وَهَكَذَا عَلَى النَّحْوِ الَّذِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015