وَلَدٍ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ فَيَخْتَصُّ الِابْنُ حِينَئِذٍ بِنَصِيبِ أَبِيهِ، وَلَوْ مَعَ وُجُود مُسَاوِي أَبِيهِ فِي دَرَجَتِهِ، وَقَوْلُ السَّائِلِ: وَإِذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إلَخْ يُعْلَمُ جَوَابُهُ مِمَّا قَرَّرْته وَهُوَ أَنَّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ يَنْتَقِلُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ فِي الصُّورَة الَّتِي ذَكَرَهَا السَّائِلُ قَبْلَ ذَلِكَ لِمَا عَلِمْت فِي تَقْرِيرِهَا أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ شَيْءٌ لِلْبَطْنِ الْمُتَأَخِّرِ، وَهُنَاكَ أَحَدٌ مِنْ الْبَطْنِ الْمُتَقَدِّمِ.
(وَسُئِلَ) عَمَّا لَوْ تَجَمَّدَ مِنْ رِيعِ وَقْفٍ مَالٌ بَعْدَ الْعِمَارَةِ وَالصَّرْفِ لِلْمُسْتَحِقِّ هَلْ يَسُوغُ لِلنَّاظِرِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ دَارًا وَيُوقِفَهُ وَيَجْعَلَ رِيعَهُ فِي مَصَالِحِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ بَعْدَ عِمَارَتِهِ إذَا حَصَلَ فِيهِ هَدْمٌ إذَا رَأَى ذَلِكَ مَصْلَحَةً لِلْوَقْفِ الْأَوَّلِ؟ وَالْحَالُ أَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَشْرِطْ ذَلِكَ فِي وَقْفِهِ، وَإِذَا قُلْتُمْ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ هَلْ لِلْمُسْتَحِقِّينَ أَخْذُ الْمَالِ الْمُتَجَمِّدِ تَحْتَ يَدِهِ وَيَقْتَسِمُونَهُ زِيَادَةً عَلَى اسْتِحْقَاقِهِمْ اسْتِحْقَاقِهِمْ لِاسْتِغْنَاءِ الْوَقْفِ عَنْهُ أَمْ يُرْصَدُ ذَلِكَ تَحْتَ يَدِ النَّاظِرِ لِحُدُوثِ عِمَارَةٍ وَغَيْرِهَا أَمْ يَنْزِعُهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ وَيَكُونُ فِي مُسْتَوْدَعِ الْحَاكِمِ لِلِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ لِعِمَارَةِ الْوَقْفِ؟ .
وَإِذَا قُلْتُمْ بِصِحَّةِ الشِّرَاءِ وَالْوَقْفِ كَيْفَ يَسُوغُ شِرَاءُ النَّاظِرِ وَوَقْفُهُ وَشُرُوطُهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ وَاقِفًا وَلَا نَاظِرًا عَنْ الْوَاقِفِ فِي ذَلِكَ؟ وَهَلْ يَكُونُ الشِّرَاءُ وَالْوَقْفُ بِاسْمِهِ أَوْ بِاسْمِ الْوَاقِفِ وَيُعَيِّنُ شُرُوطَهُ بَعْدَ ذَلِكَ؟ أَوْضِحُوا لَنَا ذَلِكَ مُفَصَّلًا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْوَقْفَ الْفَاضِلَ مِنْ رِيعِهِ شَيْءٌ تَارَةً يَكُونُ عَلَى مَسْجِدٍ وَتَارَةً يَكُونُ عَلَى غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَسْجِدِ فَتَارَةً يَكُونُ عَلَى مَصَالِحِهِ وَتَارَةً يُطْلَقُ وَتَارَةً يَكُونُ عَلَى عِمَارَتِهِ فَفِي الْحَالَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ يُدَّخَرُ مِنْ الزَّائِدِ مَا يُعَمِّرُهُ وَأَمْلَاكَهُ أَوْ الدُّورَ وَنَحْوَهَا الْمَوْقُوفَةَ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ ذَلِكَ وَيُشْتَرَى لَهُ بِبَاقِيهَا مَا فِيهِ زِيَادَةُ غَلَّتِهِ وَيَقِفُهُ؛ لِأَنَّهُ أَحْفَظُ لَهُ وَالْمُتَوَلِّي لِلشِّرَاءِ وَالْوَقْفِ هُوَ الْحَاكِمُ، وَهَذَا الْوَقْفُ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ لِشُرُوطٍ وَلَا لِبَيَانِ مَصْرِفٍ؛ لِأَنَّ مَصْرِفَهُ مَعْلُومٌ شَرْعًا؛ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى لِلْمَسْجِدِ وَوَقَفَ صَارَ مَصْرِفُهُ مَصَالِحَ الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَفِي الْحَالِ الثَّالِثِ أَعْنِي الْمَوْقُوفَ عَلَى عِمَارَتِهِ لَا يُشْتَرَى مِنْ زَائِدِ غَلَّتِهِ شَيْءٌ بَلْ يَرْصُدُهُ لِلْعِمَارَةِ، وَإِنْ كَثُرَ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ إنَّمَا وَقَفَ عَلَى الْعِمَارَةِ فَلَمْ يَجُزْ صَرْفُهُ لِغَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِ مَسْجِدٍ كَانَتْ فَوَائِدُهُ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَتُصْرَفُ إلَيْهِمْ جَمِيعُ غَلَّتِهِ مَا لَمْ يَحْتَجْ لِعِمَارَةٍ فَحِينَئِذٍ تُقَدَّمُ عَلَى حَقِّهِمْ وَلَا يُصْرَفُ لَهُمْ شَيْءٌ مَا دَامَ الِاحْتِيَاجُ لِلْعِمَارَةِ مَوْجُودًا، سَوَاءٌ شَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ أَمْ لَمْ يَشْرِطْهُ، وَكَذَلِكَ عِمَارَةُ عَقَارِ الْمَسْجِدِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ حِفْظَ الْوَقْفِ وَالْمُتَوَلِّي لِصَرْفِ مَا ذُكِرَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ هُوَ النَّاظِرُ الْخَاصُّ إنْ كَانَ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى إذْنِ حَاكِمٍ، فَإِنْ امْتَنَعَ رَفَعُوهُ إلَى حَاكِمٍ وَأَجْبَرَهُ عَلَى الصَّرْفِ إلَيْهِمْ كَمَا ذَكَرْنَاهُ.
وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَقِلُّوا بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ بِدُونِ إذْنِ النَّاظِرِ أَوْ الْحَاكِمِ وَحَيْثُ أَلْزَمْنَاهُ بِالصَّرْفِ إلَيْهِمْ فَاشْتَرَى مِنْ الْغَلَّةِ شَيْئًا كَانَ شِرَاؤُهُ بَاطِلًا وَمَا نَأْمُرُهُ بِإِمْسَاكِهِ لِلْعِمَارَةِ يَكُونُ تَحْتَ يَدِهِ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى إذْنِ الْحَاكِمِ وَبِقَوْلِنَا: فِيمَا مَرَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ وَاَلَّذِي يَقِفُ هُوَ الْحَاكِمُ انْدَفَعَ قَوْلُ السَّائِلِ كَيْفَ يَسُوغُ شِرَاءُ النَّاظِرِ إلَخْ؟ وَبِقَوْلِنَا: إنَّ هَذَا الْوَقْفَ لَا يَحْتَاجُ لِشُرُوطٍ إلَخْ انْدَفَعَ قَوْلُهُ: أَيْضًا وَشُرُوطُهُ وَيَنْدَفِعُ بِذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ: هَلْ يَكُونُ الشِّرَاءُ وَالْوَقْفُ بِاسْمِهِ أَوْ بِاسْمِ الْوَاقِفِ وَيُعَيِّنُ شُرُوطَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَوَجْهُ انْدِفَاعِ ذَلِكَ أَنَّ الْمَوْقُوفَ مِلْكٌ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَبْقَ لِلْوَاقِفِ وَلَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ دَخْلٌ فِيهِ، وَكَذَلِكَ النَّاظِرُ، وَإِنَّمَا التَّصَرُّفُ فِي الشِّرَاءِ وَالْوَقْفِ لِلْحَاكِمِ يَتَوَلَّى الشِّرَاءَ وَالْوَقْفَ بِنِيَابَةِ الشَّرْعِ وَلَيْسَ نَائِبًا عَنْ أَحَدٍ فَاتَّضَحَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَانْدَفَعَ جَمِيعُ مَا أَوْرَدَهُ السَّائِلُ فِي ذَلِكَ.
(وَسُئِلَ) فِي وَاقِفٍ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ مَثَلًا دَارًا ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ الْفُقَرَاءَ وَشَرَطَ النَّظَرَ لِزَيْدٍ الْمَذْكُورِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَوَّلًا وَأَطْلَقَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ وَلَمْ يُعَيِّنْ عَلَى حِصَّتِهِ وَلَا عَلَى سَائِرِ الْبُطُونِ فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟ فَهَلْ يَكُونُ النَّظَرُ لِزَيْدٍ عَلَى حِصَّتِهِ فَقَطْ أَوْ عَلَى سَائِرِ الْبُطُونِ حَتَّى لَوْ أَجَّرَ النَّاظِرُ وَهُوَ زَيْدٌ الْمَذْكُورُ الْوَقْفَ مُدَّةً طَوِيلَةً مَضَتْ عَلَى سَائِرِ الْبُطُونِ لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ وَهَلْ يَكُونُ حُكْمُ النَّاظِرِ مِنْ بَعْدِ زَيْدٍ كَحُكْمِهِ أَمْ لَا أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ؟ (الْجَوَابُ) إنَّ الْوَاقِفَ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ النَّظَرَ